مقالات مختارة

ايران تشعل فتيل أزمة داخلية د.منذر سليمان

تهور سياسي مُكلف يرتد على الجمهوريين

ويضعف معارضتهم للمفاوضات مع ايران

شكلت رسالة اعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري والموجهة للقيادة الايرانية ساحة احتراب وصراع سياسي اضافية بين الحزبين، الجمهوري والديموقراطي؛ وبشكل ادق بات صراع على الصلاحيات الدستورية بين السلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس اوباما والسلطة التشريعية التي يتمتع الحزب الجمهوري باغلبية واضحة. اذ يزاحم الحزب الجمهوري الحكومة الاميركية في تطبيقها السياسة الخارجية وكل ما تقتضيه من ابرام اتفاقيات وتفاهمات دولية. المفاوضات النووية الجارية مع ايران تندرج تحت بند “الاتفاقيات،” اما ابرام معاهدات ملزمة فهي تتطلب موافقة الكونغرس ومصادقته عليها – كمعاهدة تخفيض الاسلحة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

اهمية الرسالة لا تكمن في مفردات محتوياتها العدوانية فحسب، بل في البعد السياسي الصرف اذ رمت “مخاطبة دولة اجنبية بشأن مسألة في صلب صلاحيات السياسة الخارجية،” التي هي من اختصاص الرئيس الاميركي، بصرف النظر عن الحزب المنتمي اليه، وفق النصوص الدستورية. كما انها فاقمت المشادات والمزايدات السياسية بين الحزبين، وشكلت مؤشر على بنود “اجندة” الانتخابات الرئاسية المقبلة. ما يهمنا في هذا الصدد الاشارة الى عمق الخلاف بين قادة الحزب الجمهوري والرئيس اوباما شخصيا، والذي لا يجوز اغفال البعد العنصري له، على ضوء ما تردد من شعارات معادية خلال احداث فيرغسون بأنه لا يجوز لرئيس اسود ان يكمل ولايته الرئاسية.

في بعد ردود الفعل الداخلية على الرسالة لوحظ شبه اجماع على “تهور وغطرسة” الموقعين، الذين ينتمي معظمهم للتيار الاشد تطرفا وعنصرية داخل الحزب، وهو التيار الذي يتصدر المشهد السياسي برمته. قلة من العقلاء داخل الحزب الجمهوري اعربت عن خشيتها من الارتدادات السياسية للرسالة التي اعتبروها وسيلة غير مناسبة للتعبير عن موقف سياسي معارض، فضلا عن تهديد راعيها، توم كوتون، لاحقا لايران بانه ينبغي عليها “الاستسلام او مواجهة هجوم عسكري.”

لعل من اهم ردود الفعل ما جاء على لسان رئيس مجلس العلاقات الخارجية الرصين، ليزلي غيلب، محذرا من انشطار قرار السياسة الخارجية الاميركية. وقال ان نزعة العداء الشخصي للرئيس اوباما، بين اقطاب الحزب الجمهوري، “تفوق كراهيتهم لايران المسلحة نوويا.” ورفض غيلب “تبريرات” اقطاب الحزب الجمهوري وعلى رأسهم جون ماكين الذي زعم بأن المسألة “عديمة الأهمية .. وهي مجرد زوبعة في فنجان.” واوضح غيلب ان “الرسالة ستترك تداعيات مستدامة على الأمن القومي الاميركي.”

جذر ازمة الرسالة ضاع في سيل ردود الفعل المكثفة وحملات الانتقاد والاتهامات المتبادلة بين الطرفين. اذ جاءت بعد ايام قلائل على القاء نتنياهو خطابه امام الكونغرس، وما سبقه ورافقه من حملات انتقاد لقادة الحزب الجمهوري لاصرارهم على اقحام “زعيم اجنبي” في قضية سياسية داخلية. وتعرض رئيس مجلس النواب وصاحب الدعوة، جون بينر، الى سلسلة انتقادات قاسية لم تنقطع بعضها اتهمه واقرانه بعدم جدارتهم بالقيادة السياسية واخلالهم بالاعراف والاصول الديبلوماسية، فضلا عن الاهانة الكبرى التي وجهوها “عن سابق اصرار” لمنصب الرئيس الاميركي.

اصحاب الرسالة ومؤيديهم في المؤسسات الاعلامية المختلفة رفضوا الاتهامات الموجهة لهم بممارسة سياسة خارجية “موازية” للسياسة الرسمية، وتنامت انتقادات تصرفهم من قبل النخب المختلفة بعضها اتهمهم بارتكاب الخيانة، بل وضرورة تقديمهم للمحاكمة بتلك التهمة.

البراءة بعيدة عن الحزبين

غني عن القول ان المساحة الاعلامية المتاحة امام الحزب الجمهوري والتيارات المتشددة في المشهد الاميركي كبيرة وتتميز بوفرة الامكانيات المادية الهائلة. بيد ان هذا لا يعني ان الطرف الآخر لا يملك شيئا ذو قيمة، بل ما يميزه هو سمة التردد وتقاسم مكاسب السلطة مع حليفه الخصم.

في التاريخ الحديث، تجاوز كلا الحزبين صلاحيات الرئيس، بصرف النظر عن الحزب المنتمي اليه، ومارس سياسة خارجية مستقلة خدمة لتوجهاته. قيادة الحزب الجمهوري دافعت عن “تصرفها” الاخير بمخاطبة زعماء دول اجنبية بالاشارة الى الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، عام 2007، لسورية واجتماعها بالرئيس الاسد “نكاية” بسياسة الرئيس جورج بوش الابن الرامية لمحاصرة سورية “ومعاقبتها لمساندة المقاومة العراقية” ضد الاحتلال الاميركي. كما عارضت بيلوسي قرار الرئيس بوش لغزو واحتلال العراق.

نائب الرئيس السابق، ديك تشيني، وصف اجتماع بيلوسي “بالمسلك البغيض،” مذكرا الرأي العام الاميركي واعضاء الكونغرس على السواء ان “الرئيس هو المخول بتنفيذ السياسة الخارجية، وليس رئيسة مجلس النواب.” هيئة تحرير صحيفة “وول ستريت جورنال،” الحليف الطبيعي لادارة بوش وتسويق اداعاءاتها “بامتلاك العراق اسلحة دمار شامل،” وصفت الزيارة “بديبلوماسية غير قانونية،” وساقت اتهامات لبيلوسي بانها “ربما ارتكبت جرما بسفرها لدمشق .. ضد رغبات الرئيس، اذ تداولت قضايا تخص السياسة الخارجية مع الرئيس السوري بشار الاسد،” نيسان 2007. خلال زيارتها لدمشق صرحت بيلوسي ان “الطريق الى دمشق يقود لطريق السلام.”

المرشح الرئاسي لعام 1968، ريتشارد نيكسون، اوفد واحدة من كبار مساعديه، آنا شينولت، لسايغون في مهمة سرية حثت فيها حكومة فيتنام الجنوبية على الانسحاب من محادثات السلام الى ما بعد نهاية الانتخابات في شهر تشرين الثاني من ذاك العام؛ قاطعا وعده للقيادة الفيتنامية بالتوصل “لاتفاق افضل” مما عرضه عليها الرئيس ليندون جونسون. كما تواصل الرئيس الجمهوري المرشح رونالد ريغان مع محتجزي الرهائن الاميركيين في طهران متوسلا عدم توقيع اتفاق مع الرئيس جيمي كارتر، والانتظار الى ما بعد فترة الانتخابات، ومن ثم كرت مسبحة “ايران غيت.”

جدير بالذكر ان الساسة الاميركيين من الحزبين مسكونون بهاجس الاصطفاف الى جانب “الحكومة الاسرائيلية،” وتلبية احتياجاتها على الفور. في الظرف الحالي نشهد ممثلي الحزب الجمهوري يتسابقون لنيل رضى “الاسرائيليين،” ودفع السياسة الاميركية لمزيد من المغامرات العسكرية وسباق التسلح.

الصلاحية لمن؟

المادة الثانية من الدستور الاميركي توكل مهمة السياسة الخارجية بمنصب الرئيس، وتحدد دور مجلس الشيوخ “بازداء المشورة والموافقة على المعاهدات، شريطة توفر ثلثي عدد اصوات الحاضرين.” ومارس اعضاء الكونغرس، على مر العصور، بعض مهام السياسة الخارجية على عاتقهم “احيانا،” واحيانا اخرى بتكليف رسمي غير معلن في الاغلب.

يذكر ان السيناتور المناهض لحرب فييتنام، جورج ماكغفرن، قام بزياة كوبا والتقى مسؤوليها عام 1975؛ كما زار السيناتور (آنذاك) جون كيري نيكاراغوا عام 1985 وتفاوض مع الحكومة الساندانية وحظي “بوعد قطعه الرئيس دانيال اورتيغا معربا عن رغبته بقبول وقف اطلاق النار شريطة رفض الكونغرس تقديم الدعم للمتمردين” الكونترا. الامثلة على ذلك عديدة ومتشعبة، فضلا عن تتويج اي مرشح رئاسي محتمل حملته بزيارة للكيان “الاسرائيلي،” بصفته الرسمية كما فعل المرشح اوباما آنذاك. بيد ان الظرف القاطع في طبيعة المهمة هو الا تتجاوز “تبادل الاراء” مع الحكومات الاخرى وعدم التدخل بأي مفاوضات حساسة تجري على قدم وساق.

في الجانب الدستوري الصرف، هناك فسحة ضبابية في تفسير الصلاحيات الواردة، والتي يستغلها كلا الحزبين للنيل من الآخر. استاذ القانون الدستوري في جامعة هارفارد الذي يعد مرجعية في حقله، جاك سميث، ادلى بدلوه في هذه المسألة بالقول ان اقطاب الحزب الجمهوري “لديهم صوابية في الادعاء بأن الرئيس لا يملك الصلاحية الدستورية للتفاوض على اتفاقية تندرج تحت باب قرارات رئاسية. ان معظم اتفاقيات الحد من الاسلحة جرى ابرامها كمعاهدات تحتاج موافقة من مجلس الشيوخ، باستثناء وحيد الا وهو معاهدة الحد من الاسلحة الاستراتيجية – سالت 1، التي نالت اتفاقا مشتركا بين الكونغرس والسلطة التنفيذية.”

تجدر الاشارة الى قيام عدد من الرؤساء الاميركيين التوقيع على اتفاقيات مع دول اخرى “من طرف احادي – اي دون اللجوء لموافقة الكونغرس،” ابرزها “مبدأ مونرو،” لعام 1823، الذي ارسى أسس السياسة الخارجية للولايات المتحدة وفق قاعدة “حق كافة دول” الاميركيتين بالاستقلال عن “التدخل الغربي.” وما لبثت اميركا ان انقلبت عليه في عهد الرئيس ثيودور روزفلت الذي منح الولايات المتحدة حقا حصريا في التدخل بالدول الاميركية، بدءا بجمهورية الدومينيكان عام 1905، نيكاراغوا عام 1912 وهايتي عام 1915. واعاد وزير الخارجية جون كيري التأكيد على عدم صلاحية مبدأ مونرو، في خطابه امام منظمة الدول الاميركية في شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2013. وعليه، لم يبالغ الجمهوريون بالادعاء بأن الرئيس المقبل سيتمكن من الغاء اي اتفاق يتوصل اليه الرئيس اوباما مع ايران.

تربص الحزبين ببعضهما

تباين وجهات النظر بين الحزبين، وان اتسمت بالعمق والعداء، لا تفسد الود المتبادل بينهما في تقاسم السلطة ومكاسبها. بيد ان مسيرة الحزبين شهدت انعطافا حادا وانقساما عموديا في المجتمع الاميركي ابان فترة النهوض الشعبي المعارض للحرب الاميركية على فييتنام، على خلفية توجيه اتهامات بالفساد ومحاكمة الرئيس الجمهوري الاسبق ريتشارد نيكسون، والذي قدم استقالته قبل البدء بالاجراءات القانونية.

انتهز الحزب الجمهوري فرصة فوزه الساحق بمقاعد مجلسي الكونغرس في عهد الرئيس بيل كلينتون، وبدافع الانتقام من اقصاء خصومه للرئيس نيكسون، وجه مجلس النواب بقيادته المتطرفة اتهاما للرئيس كلينتون ومقاضاته لثبوت ادلائه بشهادة كاذبة – فيما عرف بفضيحة مونيكا لوينسكي. بيد ان حنكة كلينتون السياسية افشلت مساعي الكونغرس واسقطت التهمة بعد احالتها لمجلس الشيوخ.

الحزب الجمهوري، عقب نشوة انتصاراته الانتخابية الاخيرة، توعد باعاقة سياسات الرئيس اوباما، وذهب البعض للمطالبة بمحاكمته اسوة بالرئيس الاسبق بيل كلينتون. ونفذ الحزب وعوده بعدم البت في مشاريع وسياسات تتطلب موافقة الكونغرس عليها، ابرزها اغلاق الحزب للمرافق الحكومية بالكامل على خلفية خلافات بشأن بنود الميزانية.

نزعة الانتقام لا زالت قائمة داخل الحزب الجمهوري، الأمر الذي حفز بعض قيادات الحزب الديموقراطي من تذكير خصومهم بأن النيل من شخص الرئيس اوباما لن يمر دون عواقب، وفي الخلفية ما اعتبروه اهانة مكانة الرئيس بدعوة نتنياهو القاء خطابه امام جلسة مشتركة للكونغرس.

السياسي المخضرم والذي ينصت اليه بشغف في اروقة واشنطن السياسية، ليزلي غيلب، حذر اركان الحزب الجمهوري بوضوح قائلا “لا تظنوا ولو لبرهة ان الديموقراطيين سيغفرون لكم تلك الممارسات التي تقارب الغدر والخيانة لرئيس ينتمي لحزبهم عندما (تحين الفرصة) لاعتلاء رئيس جمهوري سدة الرئاسة.” واضاف بلهجة قاسية “لا تتوقعوا الديموقراطيين ان يصبحوا قديسين ونموذجا لضبط النفس على خلفية مسلك (رئيس مجلس النواب جون) بينر واولئك السبعة والاربعين عضوا عن الحزب الجمهوري.” (ديلي بيست الالكترونية، 10 آذار 2015)

تقنين السياسة الخارجية الاميركية

في ظل مناخ المفاوضات الجارية مع ايران، يمكن للمرء ان يتلمس ثلاثة اركان قانونية في السياسة الخارجية: الصلاحيات الرئاسية، الصلاحيات القانونية، وحقائق الوضع الراهن. ومنذ تأسيس النظام الاميركي سمح للمؤسسة الرئاسية التمتع بحيز مناورة كبير خاصة فيما يتعلق بالمداولات مع الدول الاجنبية – استنادا للنصوص الدستورية والاعراف القومية والسلطة القضائية مجتمعة. ودرجت العادة على الموافقة على الاتفاقيات التي تعقدها المؤسسة الرئاسية، منذ ان اعتلت الولايات المتحدة صدارة المشهد الدولي منذ ثمانية عقود من الزمن.

وعليه، اضحت الاتفاقيات الرئاسية، كما يجري توصيفها، ملزمة قانونيا كاحدى اركان السياسة الخارجية في عهد الرئيس الاسبق فرانكلين روزفلت، الذي اعترف بالاتحاد السوفياتي عام 1933 مقابل تقديم بعض التعهدات. وعند مقاضاة قرار الرئيس اصطفت المحكمة العليا الى جانب الرئاسة بالقول “اقدام الرئيس على الاعتراف بالحكومة السوفياتية، والاتفاقيات المرفقة، تشكل عهدا دوليا اقدم عليه الرئيس بصفته “العنصر الوحيد” المخول بالاشراف على العلاقات الدولية الخاصة بالولايات المتحدة، وهو مخول بها دون العودة لاستشارة مجلس الشيوخ.”

وحظيت المؤسسة الرئاسية بدعم اضافي متين في عهد الرئيس الاسبق جيمي كارتر الذي سحب اعتراف الولايات المتحدة بجمهورية الصين (تايوان – فرموزا) ومنح الاعتراف لجمهورية الصين الشعبية، والغى من جانب واحد معاهدة الدفاع المبرمة مع تايوان والتي نالت موافقة مجلس الشيوخ آنذاك.

يستنتج من ذلك المسار اقرار السلطة القضائية بصلاحية الرئيس اوباما اجراء مفاوضات وتوقيع اتفاق مع ايران، في اللحظة الراهنة. واستدرك القضاء بالقول ان صلاحية الرئيس لتقرير السياسة الخارجية تنتهي حدودها على الشواطيء الاميركية، اذ تسود عليها القوانين والدستور الاميركي.

اذن، صلاحيات السلطة التشريعية ممثلة بمجلسي الشيوخ والنواب تبدأ من عند انتهاء مفعول السياسة الخارجية قانونيا.

في هذا الشأن، اقرت السلطة القضائية بان المعاهدات المبرمة لها صلاحية ومفعول القانون مرجعيتها النصوص الدستورية. وعليه، من اجل ان تحظى المعاهدات بشرعية سريان القانون الاميركي عليها، ينبغي مصادقة مجلس الشيوخ على نصوصها بأغلبية ثلثي الاعضاء الحاضرين.

للدلالة على المسألة ينبغي الاشارة الى توقيع الولايات المتحدة على المعاهدة الدولية للحد من الاتجار بالاسلحة عام 2013، بيد انه مجلس الشيوخ لم يضفي عليها مشروعية واستثنائها من تطبيق بنودها داخل الاراضي الاميركية، بينما يسري مفعولها على الصعيد الدولي. يشار الى معارضة مجلس الشيوخ المصادقة عليها لاعتبارها تتعارض مع نصوص مادة التعديل الثانية من الدستور الاميركي بترخيص السلاح الفردي.

غني عن القول ان المعاهدات الدولية تستدعي توفير ميزانيات مالية من جانب الدول الموقعة، والتي يتحكم مجلس النواب باقرار اي بند من بنود الميزانية الحكومية، بما فيها الاتفاقيات الرئاسية التي تخضع لشروط التمويل الاميركية واعتمادها وفق الاصول المتبعة.

يشار الى تحذير موقعي الرسالة الموجهة لايران بامكانية ابطال مفعول الاتفاقية قيد البحث من قبل الرئيس المقبل، استنادا لفرضية فوز مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، والتي سيتم ادراجها على جدول اعمال مجلس الأمن الدولي لاقرارها. المعارضون الجمهوريون يتسلحون بنص قانون فيدرالي اقر مشاركة اميركا في الهيئة الدولية، 20 كانون الاول / ديسمبر 1945، ينص على عدم حلول او صلاحية اي قرار أممي مكان الصلاحيات الدستورية الخاصة بالسلطة التشريعية بمجلسيها. بعبارة اخرى، القول الفصل هو للدستور الاميركي حتى لو تعلق الأمر بالامم المتحدة.

الركن الثالث المكون للسياسة الاميركية هو الوضع السياسي الراهن، والذي قد لا يؤثر سلبا على المفاوضات الجارية، بيد انه ينبغي اخذه بالحسبان لحين مغادرة الرئيس اوباما منصبه وصلاحياته الرئاسية في 20 كانون الثاني / يناير 2017، فيما يخص سريان مفعول الاتفاق.

القوى المناهضة للاتفاق مع ايران أحيت المشاعر الشعبية المعادية لايران، والتذكير بأزمة الرهائن الاميركيين. وعليه، اشارت جملة من استطلاعات حديثة للرأي قلق الاغلبية الساحقة من الاميركيين، 71%، من قدرة الاتفاق على لجم ايران من الحصول على اسلحة نووية، مقابل 24% أيدوا الاتفاق.

استنادا الى هذه الخلفية، تجري اصطفافات مبكرة للمرشحين المرجحين لمنصب الرئاسة وتسابقهم على التنديد بالاتفاق واطلاق الوعود لابطال مفعوله بعد الفوز، كان من ابرزهم حاكم ولاية ويسكونسن، سكوت ووكر، الذي طالب الرئيس المقبل بعدم الانصياع لنصوص الاتفاق ان لم يحظى بموافقة الكونغرس.

ديمومة الاتفاق النووي

من بين الثوابت المسلم بها ان الرئيس اوباما لديه الصلاحية السياسية والقانونية توقيع اتفاق مع ايران، شريطة عدم تعارضه مع الدستور والقوانين الوضعية سارية المفعول، ولم يكون بوسع مناوئيه في الكونغرس تعديل الأمر في المرحلة الحالية.

بيد ان تلك الصلاحية لا تلغي تلقائيا الدور التقليدي لاعضاء الكونغرس بحق التواصل المباشر مع قيادات دول اخرى او الحد من تصريحاتهم المناوئة للاتفاق. وعليه، فان مستقبل الاتفاق يكتنفه الغموض على المدى الطويل، لا سيما في الشق القانوني، والذي ان اخفق بالحصول على موافقة مجلس الشيوخ سيبقى مدرجا ضمن “الاتفاقيات الرئاسية،” التي باستطاعة اي رئيس مقبل ابطال مفعولها بما فيها اعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية التي قد يرفعها الرئيس اوباما.

وذكّر ليزلي غيلب مناهضي الاتفاق للمرة الاخيرة، لا سيما الجمهوريين، بعدم جواز مقارنة الاتفاق المزمع بمعاهدة ميونيخ (لعام 1938 التي اجازت الدول الاوروبية لالمانيا النازية ابتلاع مساحات واسعة من اراضي تشيكوسلوفاكيا) او اعتباره تخلياً طوعيا من الرئيس اوباما عن التزامات دولية “كما بدأ يلحن له رئيس وزراء الاغتيالات الاسرائيلي امام الكونغرس.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى