مقالات مختارة

قلق نتنياهو له أسبابه دينيس روس

 

يو. إس. أي. تودي

4 آذار/مارس 2015

أحسن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إثبات وجهة نظره أمام الكونغرس حول السبب الذي يدفعه لاعتبار الاتفاق النووي المحتمل مع إيران “صفقة سيئة للغاية”. وحيث وضع جانباً مخاوفه من أن رفع العقوبات سيوفر لإيران المزيد من الموارد لكي تستمر في إثارة المشاكل في الشرق الأوسط، أعرب رئيس الوزراء عن قلقه من أن الاتفاق الذي يسمح لإيران بأن تكون دولة على حافة العتبة النووية لن يمنعها من الاستحواذ على أسلحة نووية ولكن في الواقع سيمهد الطريق أمامها للقيام بذلك .

ويعتبر نتنياهو أن الوقت اللازم لتجاوز العتبة النووية وإنتاج اليورانيوم المستخدم في تصنيع الأسلحة سيكون حتماً قصيراً للغاية – وهو بالفعل أقل من مدة السنة التي يتحدث عنها الرئيس أوباما – وأن إجراءات التفتيش والتدقيق في البرنامج الإيراني ستكون لا محالة محدودة للغاية كما أنها لا توعد على أي حال باتخاذ أي إجراءات في مواجهة الانتهاكات. والأسوأ من ذلك هو أن إيران ستلقى المعاملة نفسها التي تلقتها اليابان أو هولندا بعد انقضاء مدة الاتفاق بعد 10-15 سنة، ما يتيح لإيران بناء عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي ويمكّنها من إنتاج السلاح [النووي] في الوقت الذي تختاره.

وانطلاقاً من الشعار القائل إن “عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من التوصل إلى اتفاق سيئ”، يقدم نتنياهو خياراً بديلاً يتمثل بالإصرار على شروط أفضل وزيادة الضغوط على الإيرانيين إلى حين التوصل إلى اتفاق أكثر مصداقية. ولم يخشَ أن يغادر الإيرانيون طاولة المفاوضات لأنهم، على حد تعبيره، بحاجة إلى الاتفاق أكثر من الولايات المتحدة وشركائها.

وفي حين من غير المرجح أن تقبل إدارة أوباما بحجة نتنياهو القائلة إنه يجدر بها ببساطة التفاوض بشكل أفضل وبصورة أشد تأثيراً، إلا أنه لا ينبغي لها أن تتغاضى عن المخاوف التي أثارها بشأن الاتفاق الناشئ. وبالفعل، فإن حجة الإدارة الأمريكية بأنه لا يوجد بديل أفضل من الاتفاق الذي تتفاوض عليه يثير السؤال عما إذا كان الاتفاق المرتقب مقبولاً.

وهنا يتوجب على الإدارة الأمريكية أن تفسر السبب في أن الاتفاق الذي تسعى لإبرامه سيمنع فعلياً إيران من الاستحواذ على أسلحة نووية خلال مدة الاتفاق وما بعدها. وعليها أن تشرح السبب في أن المزيج بين عدد أجهزة الطرد المركزي ونوعيتها، ومخرجاتها، وشحن اليورانيوم المخصب من إيران [إلى الخارج] سيضمن، في الواقع، أن الوقت اللازم لتجاوز الإيرانيين للعتبة النووية لا يكون أقل من سنة واحدة. فإما يكون هذا المزيج مقبولاً أم لا، ولكن يجب تقديم جواب واضح للإدعاء الذي جاء به نتنياهو بأن إيران ستتمكن من تجاوز العتبة النووية بشكل أسرع بكثير.

وبالمثل، يجب الإجابة على السؤال عن كيفية عمل نظام التدقيق لضمان أن باستطاعة الولايات المتحدة أن تكشف، حتى في برنامج نووي أكبر حجماً، أي خرق إيراني للاتفاق. وليست مسألة التدقيق جوهرية لأن المساعي النووية السرية السابقة التي أقدمت عليها إيران تثبت أنها غير أهل للثقة فحسب، بل لأن الإدارة حددت أيضاً مدة السنة الواحدة لتجاوز العتبة النووية باعتبارها مقياساً رئيسياً لنجاح الاتفاق. ولكن لا يمكن للولايات المتحدة أن تتأكد من أن إيران ستكون على بعد سنة واحدة من إنتاج اليورانيوم المستخدم في الأسلحة والكافي لصنع قنبلة إلا إذا استطاعت واشنطن الكشف عن أعمال إيران في طور قيامها بهذه الأعمال.

ومن الواضح أن الكشف ما هو إلا جزء من المعادلة. إذ لا يمكن للولايات المتحدة أن تنتظر لكي تقرر ما ستفعله إزاء المخالفات عند حدوثها. يجب أن تكون إيران على علم مسبق بالعواقب الناجمة عن المخالفات، لا سيما إذا أرادت واشنطن ردعها في المقام الأول. ويصب ذلك بوضوح في صلب مخاوف نتنياهو: فلو كان واثقاً تمام الثقة من أن الولايات المتحدة ستفرض عواقب صارمة رداً على الانتهاكات الإيرانية، بما في ذلك استخدام القوة إذا اكتشفت أن إيران تسعى إلى صنع سلاح نووي، لشعر بخوف أقل من الاتفاق الذي يعتقد أنه سينبثق مع الجمهورية الإسلامبة.

ولكنه لا يرى ذلك، إنما يخشى من أن الولايات المتحدة ستسعى إلى مناقشة المخالفات كما حدث في الاتفاقيات السابقة للحد على التسلح وأنها لن ترد عليها إلا بعد فوات الأوان. من هنا ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تعالج هذه المخاوف وتثبت أنها جدية في أقوالها من خلال تحديد مختلف فئات المخالفات بوضوح والعواقب الناجمة عن كلٍّ منها – ومن ثم تسعى إلى الحصول على موافقة الكونغرس على منح الرئيس الحالي وخلفائه السلطة اللازمة للرد على هذه العواقب.

وإذا تم تطبيق الأمر نفسه على أي خطوات تقدم عليها إيران نحو صنع سلاح نووي بعد انقضاء مدة الاتفاق، ستكون الإدارة الأمريكية قد أجابت حقاً على أهم المخاوف التي أثارها نتنياهو. وربما سيتم حينئذ تخطي هذه المرحلة المتوترة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

دينيس روس هو مستشار في معهد واشنطن، وكان قد شغل منصب مستشار بارز لشؤون الشرق الأوسط للرئيس أوباما بين عامي 2009 و 2011.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى