مقالات مختارة

الأشوريون والأقباط ! ثريا عاصي

 

تمخضت «الثورة العظيمة» في سوريا إذن عن «داعش». أَقسَمَ خليفتها أبو بكر البغدادي أنه جاء ليكمل مسيرة سلفه أبو مصعب الزرقاوي. من المعروف أن هذا الأخير ظهر لبعض الوقت، باسم تنظيم القاعدة، في العراق أثناء الإحتلال الأميركي. فأدى بحسب اعتقادي مهمته، تذبيحا وتهديما وتحريضا على الفتنة بين الناس، قبل أن يقتله الغزاة الأميركيون. مثلما تخلصوا من بعده من أسامة بن لادن، ومثلما أنه من المحتمل أن يلقى خليفة «داعش» المصير نفسه.

لست الآن في معرض البحث في موضوع التشكيلات المثيرة للعجب التي يتزامن خروجها من حيث لا ندري، لفترة من الوقت مع تواجد المحتلين، أو أثناء عملية الغزو. التي تنشأ عادة في بيئة ملوثة، كمثل البيئات التي تقع تحت الإستعمار وتُسام الذل والتمييز العنصري. فهذه مسألة كبيرة، يحتاج إيفاؤها إلى تفاصيل لا يتسع لها المجال هنا. ما أنا بصدده في الواقع هو مقاربة بين ثلاث دلالات أو تعبيرات إذا جاز القول، عن المهمة التي تضطلع بها التشكيلات المذكورة. لقد خبرناها جيدا منذ الهزيمة المتلاحقة التي منيت بها نظم الحكم العربية الوطنية في حزيران 1967، ما أفقد هذه الأخيرة الوعي والبصيرة ودفعها إلى مداهنة المستعمرين وأعوانهم، والإحتماء بهم إلى حد الإستقواء بهم أحيانا ضد تنامي إحتجاج الجماهير على عجز وتقصير وإستهتار أصحاب السلطة!

– الدلالة الأولى، تمثلت بإقدام «داعش» على التنكيل بالمسيحيين والأزيديين في العراق بطريقة وحشية. تشبه تلك التي إعتمدتها الحركة الإستعمارية الصهيونية من أجل إقصاء الفلسطينيين عن بلادهم والحصول على أرض أنشأوا عليها دولتهم «إسرائيل». تطهير وتمهيد «لدولة جديدة»!

– الدلالة الثانية، أتبينها من خلال دخول جماعات «داعش» إلى أماكن سكنى أشوريين سوريين، واختطاف أفراد من المنازل التي داهموها، رب البيت أو الإبنة أو الإبن. هذه الأساليب يعرفها الفلسطينيون. إكتوى اللبنانيون الذين احتل المستعمرون الإسرائيليون أرضهم، بنارها أيضا. ماذا يبتغي المستعمر الذي يقتحم دارك ويأخذ، أحد أولادك أو زوجتك إلى مكان مجهول. بالمقابل أنت لا تستطيع أن تدافع ولا يوجد قانون يحميك!. وحش كاسر ينقض عليكم ويسرق أحدكم. أنت في غابة، في عالم حيواني. ماذا كانت ردة الفعل في سوريا على اختطاف تسعين من الأشوريين على يد «داعش»؟ أغلب الظن أنها كانت كمثل ردة فعل قطاع كبير من اللبنانيين تجاه ما كان يحدث في المناطق اللبنانية التي كان يحتلها الإٍسرائيليون. رسالة «داعش» تقول، أختطف الأشوريون لأنهم أِشوريون، هذا أمر لا يعني السوريين غير الأشوريين. هذا ما تقوله «داعش». لم نسمع إجابة السوريين بعد ! تتعرض الرابطة السورية منذ حوالى الأربعة أعوام للهجمات بقصد تفكيك الأواصر.

– الدلالة الثالثة، أراها في المذبحة التي راح ضحيتها على يد «داعش»، مصريون أقباط كانوا يعملون في ليبيا. لم يكونوا في مصر. قتلوا بحسب رأيي، لانهم مصريون ولأنهم أقباط. يريدون طرد المصريين من ليبيا. لقمة العيش. طرد الفلسطينيون من الكويت ثم من العراق !. ولكن القصد أيضا هو صياغة جديدة « للهوية المصرية «. هجوم على مصر ستتبعه بالقطع هجمات أخرى. مثلما يجري في سوريا. إستهداف للرابطة الوطنية من خلف متراس حلف مزيف « ضد الإرهاب « يتصرف كما لو انه «الخصم والحكم». بإنتظار إجابة المصريين!.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى