مقالات مختارة

رفات سليمان شاه ورفات امرىء القيس الياس فرحات

 

فجأة ومن دون توقع دخلت قوة عسكرية تركية قوامها نحو خمسمائة جندي ومائة الية من بينها اربعون دبابة الاراضي السورية وتوجهت الى ضريح سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية عثمان الاول قرب الرقة وعلى ضفاف الفرات من اجل اخلاء عناصر حراسة الضريح الاتراك وعددهم يبلغ اربعين شخصا. كان هؤلاء قد تمركزوا على الضريح بموجب اتفاق بين السلطة التركية (السلطان العثماني محمد السادس وحيد الدين ويحمل لقب خليفة) وسلطات الانتداب الفرنسي على سوريا. يمتد الضريح على مساحة احد عشر الف دونما. منذ دخول “داعش” الى منطقة الرقة لم يحصل احتكاك بين الجنود الاتراك و”داعش” واستمرت عمليات التبديل براً للجنود في قوافل تعبر الحدود الى داخل الضريح. كما ان “داعش” لم تمس الضريح فيما دمرت ضريح الصحابي الكبير عمار بن ياسر. شملت العملية نقل الرفات الى مكان اخر في سوريا هو قرية “اشمة” قرب عين العرب – كوباني حيث تمركزت قوة من الجيش التركي داخل الاراضي السورية وفي منطقة يسيطر عليها الاكراد. كشفت هذه العملية عن قلق تركي من تعرض سلامة الجنود الاتراك في الضريح الذي اخلته في حال حصول تطورت مفاجئة لغير صالح تركيا. انها هروب مشرف وغير ذليل استباقا لهروب مذل في المستقبل القريب قد يحصل قبل الانتخابات التشريعية التركية في حزيران المقبل ويطيح بحزب العدالة والتنمية.

ان نقل رفات سليمان شاه الى مكان اخر في سوريا يمهد لتغيير الحدود باحتلال قسم من الاراضي السورية ويحول الازمة الى عربية – تركية اكثر مما هي سورية – سورية. هذا الوضع الجديد يهدد استقرار تركيا ويدخلها في استنزاف يضرب نهوضها الاقتصادي ويعيدها الى دولة عالم ثالثية بعدما كادت تدخل العالم الاول بانضمامها الى الاتحاد الاوروبي.

يشير الاجراء التركي الى فشل مشروع العدالة والتنمية في سوريا بعد خسارة تركيا و”داعش” معركة عين العرب – كوباني وانتصار الاكراد والى احتمال اختلاط الاوراق قريبا وتبدل الاوضاع بشكل عام. كما ينظر الى تمركز قوة تركية في قلب منطقة نفوذ الاتراك الى ان العدالة والتنمية يستعمل رفات سليمان شاه لفرض ارادته عسكريا على الاكراد بحجة حماية الضريح وقد بات مثل مسمار جحا المتحرك. بالمناسبة ماذا لو طالبت المملكة العربية السعودية باستعادة رفات الامير عبد الله بن سعود اخر امراء الدولة السعودية الاولى الذي اعدم وصلب في اسطنبول؟ ماذا لو طالب لبنان باستعادة رفات الامير فخر الدين الثاني المعني الكبير الذي يعتبره اللبنانيون رمزا وطنيا؟ ثم ماذا لو طالبت جامعة الدول العربية باستعادة رفات الشاعر العربي الكبير امرىء القيس والذي ما زال ضريحه قائما قرب انقرة؟

*خبير استراتيجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى