مقالات مختارة

تنظيم القاعدة السعودية وإسرائيل: روبرت بيري

 

المملكة العربية السعودية تقع تحت وطأة اعترافات أحد المسجونين التابعين لتنظيم القاعدة الذي اكد على وجود تعاون بين كبار المسؤولين السعوديين والجماعات الإرهابية – هذه المعلومات تلقي بظلالها ايضا على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب تحالفه الغريب مع الرياض، وذلك بحسب تقارير عديدة .

كشف زكريا موسوي المنتمي لتنظيم القاعدة ان أعضاء الحكومة السعودية هم ممولون وداعمون للشبكات الارهابية وهذه الاعترافات قد تعيد تشكيل وجهة النظرالأميركية للأحداث التي تجري في الشرق الأوسط وتشكل خطرا على حزب الليكود الإسرائيليالذي لديه تحالفات محتملة مع السعوديين انفسهم.

وقال زكريا موسوي لصحيفة نيويورك تايمز وهو في السجنأنه تلقى اوامر في العام 1998 و العام 1999 من قبل قادة تنظيم القاعدة في أفغانستان لإنشاء قاعدة بيانات رقمية للجهات المانحة وأن القائمة كانت تضم الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي في الولايات المتحدة، والأمير الوليد بن طلال، الملياردير البارز، والكثيرمن رجال الدين البارزين.

وبحسب ما قال موسوي فان “الشيخ أسامة كان يريد أن يحتفظ بسجل الداعمين”، وقال بلغة إنكليزية واضحة “هو يريد ان يعرف كيف يساهم هؤلاء في عملية الجهاد”.

وعلى الرغم من ان مصداقية موسوي تعرضت للطعن من قبل المملكة العربية السعودية، الا ان أعضاء الكونغرس الأميركي ممن شاهدوا الجزء السري لتقرير 9/11 اكدوا على وجود دعم سعودي لتنظيم القاعدة.

ما يزيد المأزق السعودي تعقيدا هو أنه في الآونة الأخيرة تم تحديد السعودية وغيرها من مشيخات النفط في الخليج الفارسي على انهم الداعمين الرئيسيين للمسلحين الذين يقاتلون في سوريا والقوة المتمردة الرئيسية المستفيدة من هذا الدعم هي جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في سورياوبعبارة أخرى، يبدو أن السعوديين قد استمروا بعلاقتهم السرية مع تنظيمالقاعدةوالجهاديين المنتمين اليهم ليومنا هذا.

الإسرائيليون دعموا المسلحين في سوريا لأنهم يشاطرون الرأي السعودي بأن إيران وما يسمى ب “الهلال الشيعي” – الذي يمتد من طهران وبغداد إلى دمشق وبيروت – هو أكبر تهديد لمصالحهم في الشرق الأوسط. مما دفع إسرائيل والمملكة العربية السعودية الى إنشاء “تحالف الأمر الواقع”، على الرغم من أن التعاون بين القدس والرياض ظل في معظمه بعيدا عن اعين العامة.

في السنوات الأخيرة، تعاون الأعداء التاريخيون في ازدراء حكومة الإخوان المسلمين في مصر (والتي أطيح بها في العام 2013)، وفي محاولة الإطاحة بنظام الأسد في سوريا، والضغط على الولايات المتحدة لاتخاذ موقف أكثر عداءا تجاه إيران .

كما تعاونت إسرائيل والمملكة العربية السعودية في الجهود الرامية إلى الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبر داعما أساسيا لكل من إيران وسوريا. واستخدم السعوديون سلطتهم لإنتاج النفط وخفض الأسعار وألحقوا الأضرار بالاقتصاد الروسي، في حين أن الولايات المتحدة والمحافظين الجدد    – الذين يشاركون إسرائيل وجهة نظرها الجيوسياسية– كانوا في طليعة الداعمين للانقلاب الذي أطاح بالرئيس الاوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في العام 2014.

من وراء الكواليس وضع التحالف الإسرائيلي-السعودي الحكومتين بوضع غير مريح الى جانب الجهاديين السنة الذين يقاتلون النفوذ الشيعي في سوريا ولبنان وحتى العراق. في 18 يناير 2015، على سبيل المثال، هاجمت إسرائيل المستشارين اللبنانيين والإيرانيين الذي يساعدون حكومة الأسد في سوريا، ما أسفر عن مقتل عدة أفراد من حزب الله وجنرال إيراني. وهؤلاء المستشارون كانوا يخططون لعمليات ضد جبهة النصرة وتنظيم القاعدة.

وفي الوقت نفسه، امتنعت إسرائيل عن مهاجمة متشددي جبهة النصرة الذين استولوا على الأراضي السورية بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل، وقالوا لمصدر مطلع تابع لوكالة الاستخبارات الاميركية أن إسرائيل لديها “اتفاق عدم اعتداء” مع هذه القوى وخاصة جبهة النصرة.

التحالفات الغريبة

تطورت التحالفات بين اسرائيل وبعض حكومات الخليج على مدى السنوات العديدة الماضية، حيث ظهرت شراكات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، لمواجهة الصراع الجيوسياسي ضدإيران وحلفائها في العراق وسوريا وجنوب لبنان. في سوريا، على سبيل المثال، بدا واضحا ان الإسرائيليين يفضلون فوز المتطرفين السنة في الحرب بدلا من الأسد.

في سبتمبر 2013، قال سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة مايكل أورين، والمستشار المقرب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصحيفة جيروزاليم بوست أن إسرائيل تفضل المتطرفين على الأسد.

وقال اورين: “أكبر خطر على إسرائيل هو القوس الاستراتيجي الذي يمتد من طهران إلى دمشق إلى بيروت. وقال أورين “دائما كنا ننظر الى نظام الأسد باعتباره حجر الزاوية في هذا القوس”.. “لقد أردنا دائما ذهاب بشار الأسد، وفضلنا دائما الأشرار الذين لا تدعمهم إيران على الأشرار الذين تدعمهم ايران”.

وفي حزيران العام 2014، تحدث بصفته سفيرا سابقا في مؤتمر لمعهد آسبن، وعبر أورين عن موقفه، قائلا ان اسرائيل تفضل حتى فوز الدولة الإسلامية ( داعش ) على الأسد المدعوم من ايران في سوريا.

الشك والشك

في أغسطس 2013، عندما تحدثتعن العلاقة المتنامية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في مقال بعنوان “القوة العظمى السعودية-الإسرائيلية” كانت القصة فيها الكثير من الشكوك ولكن هذا التحالف السري قد خرج للجمهور.

يوم 1 اكتوبر 2013، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لذلك في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي كان مخصصا إلى حد كبير لمهاجمة البرنامج النووي الايراني والتهديد بضربة عسكرية إسرائيلية من جانب واحدوتورط نتنياهو في الحديث عن علاقات القوة المتطورة في الشرق الأوسط، قائلا: “لقد أدت مخاطر امتلاك ايران للسلاح النووي وظهور التهديدات الإرهابية في منطقتنا، إلى اعتراف جيراننا العرب بأن إسرائيل ليست عدوهم”. و”هذا يتيح لنا فرصة التغلب على العداوات التاريخية وبناء علاقات جديدة، وصداقات جديدة، وآمال جديدة “.

في اليوم التالي، ذكرت القناة الثانية الاسرائيلية أن مسؤولا أمنيا سعوديا كبيرا بدأ لقاءات على مستوى عال في القدس، ويعتقد أن الأمير بندر بن سلطان الذي كان آنذاك رئيس الاستخبارات السعودي هو المقصود.

واقع هذا التحالف قد بلغ الآن وسائل الإعلام الأميركية، على سبيل المثال، كتب جو كلاين في مجلة تايم في 19 يناير 2015قائلا: “في 26 مايو 2014، حصلت دردشة لا مثيل لها في بروكسل، بين اثنين من رؤوساء الاستخبارات رفيعي المستوى في إسرائيل والمملكة العربية السعودية – عاموس يادلين والأميرتركي الفيصل – حيث جلسا معا لأكثر من ساعة، والحديث تناول السياسة الإقليميةوأدار اللقاء كاتب صحيفة الواشنطن بوست ديفيد اغناتيوسالذي قال: “لقد اختلفوا على بعض الأشياء، مثل تسوية السلام بين إسرائيل وفلسطين و اتفقوا على التهديد النووي الإيراني، والحاجة إلى دعم الحكومة العسكرية في مصر، ووجوب القيام بعمل دولي منسق في سوريا، والاكثر استغرابا في كلام الفيصل كان قوله “ان العرب لن يحاربوا اسرائيل بعد الان”.

كلاين ابرز الجانب المشرق من هذا التصريح، ولكن كان هناك جانب مظلم أيضا، فبحسب زكريا موسوي، فان الأمير تركي هو واحد من الداعمين الرئيسيين لتنظيم القاعدةربما حتى الان الأكثر إرباكا هو إدراج الأمير بندر، الذي كان قد قدم نفسه منذ فترة طويلةكصديق للولايات المتحدة، على مقربة من عائلة بوش فهو ملقب ب “بندر بوشكما ادعى الموسوي أنّه التقى بداية الـ 2001 أميرا وأميرة سعوديين عندما كان يتعلم دروسا في الطيران في مركز مولته خليه للقاعدة في ألمانيا.

وقال أن قرار مهاجمة السفارة الأمريكية في لندن تم إلغاؤه، وبدلا من ذلك تم إرسال موسوي إلى ماليزيا لاستكشاف إمكانية شن هجوم على سفارة واشنطن في كوالالمبور، ولكن تم إلغاء تلك المؤامرة ايضا لذلك توجه إلى الولايات المتحدة للنظر في احتمال شن هجوم على طائرة سلاح الجو رقم 1 الرئاسية “لاغتيال بيل كلينتون و/أو هيلاري كلينتون” مؤكدا لمحاميه “خطتي لم تكن شن الهجوم وإنما كانت فقط النظر في ما إذا كانت العملية ممكنة”.

بعد الهجمات الإرهابيةالتي وقعت في 11 سبتمبرومقتل ما يقرب من 3000 اميركي ذهب بندر إلى البيت الأبيض وأقنع بوش بترتيب خروج عائلة بن لادن وغيرها من سعوديين في الولايات المتحدة. واتفق مع بوش على اخراج السعوديين على الرحلات الأولى.

تحركات بندر قوضت فرصة مكتب التحقيقات الفدرالي لمعرفة المزيد عن علاقة أسامة بن لادن بأحداث 11 سبتمبر حيث لم يسمح لعملاء الـ FBI بإجراء مقابلات خاطفة مع السعوديين المغادرين.

بندر نفسه كان مقربا من عائلة بن لادن، وقد شكره أسامة بن لادن لتمويله الجهاد في أفغانستان خلال العام 1980 وقال بندر للاري كينغ في الـ “سي ان ان” ان بن لادن كان رجلا سهلا وهادئا جدا“.

وزعمت الحكومة السعودية ان العلاقات قطعت مع بن لادن في العام 1990في وقت مبكر عندما حاول استهداف الولايات المتحدة.

بندر وبوتين

علاقة بندر بالإرهاب ظهرت في العام 2013 خلال المواجهة بين بندر وبوتين، بعد ان هدد بندر بإطلاق العنان للإرهابيين الشيشان خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي بسبب عدم قيام بوتين بتقليص دعمه للحكومة السورية.

ووفقا لمعلومات دبلوماسية سرية فان بندر وخلال لقائه بوتين في موسكو، أبلغه ان المملكة العربية السعوديةلديهاتأثير قوي على المتطرفين الشيشان الذين لديهم القدرة على تنفيذ هجمات إرهابية عديدة ضد أهداف روسية، وقد نفذوا عدة عمليات في سوريا كما دعا بندر للتحول الروسي نحو الموقف السعودي من سوريا على ان يضمن حماية دورة الالعاب الاولمبية من الهجمات الإرهابية الشيشانية. وقال بندر “أستطيع أن أعطيك ضمان بحماية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة سوتشي على البحر الأسود في العام المقبل”، “فنحن نستطيع التحكم بالمجموعات الشيشانية التي تهدد أمن الألعاب” فأجاب بوتين “نحن نعرف أنكم تدعمون تلك الجماعات الإرهابية منذ عشر سنوات، وهذا الدعم يتعارض مع الهدف المشترك المتمثل في مكافحة الإرهاب العالمي. “

“مافيا بندر” والتهديد الذي اطلقه بشان اولمبياد سوتشي فشل في تخويف بوتين الذي استمر في دعمه للرئيس السوري بشار الاسد والدولة السورية.

وبعد أقل من شهر، وقعت حادثة في سوريا أجبرت الرئيس باراك أوباما على شن هجمات جوية أميركية ضد الجيش السوري، الأمر الذي فتح الطريق امام جبهة النصرة والدولة الإسلامية للسيطرة على دمشق.

وفي21 اغسطس 2013 ادى هجوم بالسارين خارج دمشق الى قتل المئات وقامت وسائل الإعلام الأميركية، بإلقاء اللوم على الفور على الدولة السورية، وطالب المحافظون الجدد الأميركيون وحلفاؤهم الليبراليون أوباما بإطلاق العنانللضربات الجوية الانتقامية على الرغم من ان بعض محللي الاستخبارات الأمريكية شككوا في كون قوات الأسد مسؤولة عن الهجوم وقالوا ان المتمردين نفذوا الهجوم في محاولة منهم لجر الجيش الامريكي إلى الحرب في سوريا.

ومع ذلك، ضغط المحافظون الجدد وصقور الحرب الليبراليون، على أوباما لشن ضربات عسكرية ضد الجيش السوري، ولكن في اللحظة الاخيرة تدخل بوتين وتوصل إلى حل دبلوماسي وافق عليه الرئيس الاسد يقضي بتسليم الترسانة الكيميائية السورية.

وفي وقت لاحق، قدمت الدولة السورية الدليل القاطع على أن المتطرفين بدعم من المملكة العربية السعودية وتركيا، كانوا وراء الهجوم الكيميائي على السوريين.

استهداف بوتين

التعاون بين بوتين وأوباما ادى الى تفادي الضربة العسكرية الاميركية المحتملة على سوريا وسد الطريق على المحافظين الجدد الأميركيين الذين يعتقدون أنهم أخيرا قد وصلوا إلى أعتاب “تغيير النظام” في سورية. أواخر سبتمبر 2013، اعلن كارل جريشمان، ان هدف بوتين هو السيطرة على أوكرانيا.

وفي افتتاحية صحيفة واشنطن بوست في يوم 26 سبتمبر 2013، دعا جريشمان الى “ضم أوكرانيا لأوروبا والعمل على زوال الإيديولوجية الإمبريالية الروسية التي يمثلها بوتين”. …

وفي 22 فبراير/شباط العام 2014، قامت مجموعة تقودها الميليشيات النازية المنظمة تنظيما جيدا، بالانقلاب على الرئيس المنتخب فيكتور يانوكوفيتش وحكومته. وفي ظل الفوضى السياسية الناتجة عن ذلك، وافق بوتين على طلبات مسؤولي القرم بالانضمام إلى روسيا، وبالتالي تفجير علاقات التعاون مع أوباماومع بروز بوتين تعزز موقف المحافظين الجدد في الشرق الأوسط.

في صيف العام 2014، انشقت الدولة الإسلامية وجبهة النصرة عن تنظيم القاعدة ، فعاثوا فسادا، وغزوا العراق وقاموا بتقطيع رؤوس الجنود الأسرى. ثم قامت الدولة الإسلامية بقطع رؤوس الرهائن الغربيين داخل سوريا.

وحشية الدولة الإسلامية، والتهديد الذي تشكله على الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة غير الحسابات السياسية، فوجد أوباما نفسه مضطرا لإطلاق الضربات الجوية ضد أهداف الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا وحاول المحافظون الجدد إقناع أوباما بتوسيع الضربات في سورية لتستهدف الجيش السوري، لكن اوباما ادرك أن مثل هذه الخطة ستاتي لصالح “الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة”.

والآن، مع تسرب اعترافات موسوي بقيام كبار المسؤولين السعوديين برعاية ودعم تنظيم القاعدة، يبدو ان الغطاء قد ازيلوما يعقد الأمور أكثر، هي ادعاءات موسوي بانه مرر رسائل بينأسامة بن لادن وولي العهد الأمير سلمان، الذي أصبح مؤخرا ملك السعودية بعد وفاة أخيه الملك عبد اللهولكن ما كشفه موسوي يلقي الضوء على تحركات بندر، والمقربين من عائلة بوش ولعبتهم المزدوجة الشريرة.

وبالتأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سوف يحرج اوباما خلال خطابه المقرر أمام للكونغرس الشهر المقبل، وسيؤكد ان اوباما كان سهلا مع ايران.

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان

https://consortiumnews.com/2015/02/04/al-qaeda-saudi-arabia-and-israel/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى