مقالات مختارة

النرجسة والبيضة: بن كسبيت

 

أنهى بني غانتس هذا الاسبوع 38 عاما من العطاء للدولة. يستحق هذا الرجل حتى في هذا الجو الملوث أن نقول له شكرا. ولم يكن رئيسا للاركان كاملا، فليس هناك رئيس اركان كامل إلا أنه لم يكن رئيسا عاديا للاركان. رئيس الاركان المثالي لم يصمم على هيئته. إن قيادته مبنية من مواد مختلفة تماما. مظهره يوحي بأنه لا يوجد شخص قتالي وكاريزماتي مثله، قامة طويلة وعيون خضراء وقبعة حمراء، لكنه من الداخل شيء مختلف تماما، معتدل ونصف خجول، كان هادئا ولم يحافظ على المسافات ولم يفرض سلطته على أحد، هذا من جهة. ومن جهة اخرى كانت تكفي نظرة منه كي يفهموا ما يريد. شاعري يستخدم العبارات الرومانسية ويسبح في خياله وحالم قليلا. الشاعر الاول والاخير.

بعد خطابه عن «بخور مريم» الذي تم اخراجه عن سياقه فقد توقف عن الحلم بصوت عال. هو يغادر وقد تم ارضاؤه لكنه قلق. تم ارضاؤه لانه وصل إلى اعلى مرتبة في الجيش، تلك الرتبة التي يئس منها بعد تعيين غالنت رئيسا للاركان. لهذا فقد استقال وهو محبط. راض لانه كان واحدا من اكثر رؤساء الاركان المحبوبين جدا. وقلق لانه يعرف حجم المشاكل التي تركها لخليفته آيزنكوت (لكنه يثق بقدراته). قلق لانه يضرب كفا بكف لما يحدث للعلاقات مع الذخر الاستراتيجي الاهم لدولة اليهود. قلق لانه ينظر الينا ولا يرى التكتل الداخلي المطلوب. لقد تحمل الكثير من الضربات والاشاعات اثناء وبعد عملية الجرف الصامد، لكنه امتصها، وقد عبر عن مشاعره مما حدث في محادثة مغلقة في الاسبوع الماضي: «اعرف ان اعدائي لم ينتصروا علي، أما احبائي فانني اغفر لهم».

إن له خطوطا حمراء حتى مع المستوى السياسي، انه يبقي الامور سرية. لقد هدد بالاستقالة وضرب على الطاولة اذا لم يتم تعيين آيزنكوت. وقد حقق ما اراد.

تأمين لحماس

الآن دعنا نغوص سويا إلى بركة الوحل. استطلاع بانلس بولوتيكس الذي اجري لصالح «معاريف» يثبت ان ما نشر عما يحدث في البلاط المقرف لعائلة نتنياهو كان له تاثير، لقد قالوا انه كلما زاد الضرب على نتنياهو سترتفع اسهمه، وقد تبين ان هذا غير صحيح، فقد خسر مقعدين. وهرتسوغ زاد مقعدا، واصبحت الفجوة مقعدين لصالح هرتسوغ.

ربما تتغير الامور، لكن لا يتجاهل الجميع هذا الامر المروع ولا يعتبره الجميع امرا هامشيا. وقبل ان اكمل حول ذلك اريد استكمال المقال السابق الذي عرض الفشل المدوي لنتنياهو في الموضوع النووي الإيراني. بني حيفتس سيحاول اقناعنا ان مني نفتالي هو الذي قام بتخصيب اليورانيوم في المقر السري في نتناز، لكن في النهاية إيران اصبحت دولة على حافة الذرة في فترة نتنياهو الذي عندما حانت لحظة الحقيقة تأرنب ولم يتجرأ على استغلال الخيار العسكري الذي بناه من جهة ودمر التحالف مع الامريكيين من الجهة الاخرى. حتى ان اوباما استبعدنا اخيرا من قائمة الذين يطلعون على اخر المستجدات، هذا بفعل بيبي.

مع حماس الامر اكثر سوءً. السيد أمن، هذا الذي يلقب تسيبي لفني كخطر على الدولة، هو من تراجع امام محمد ضيف ولم يتجرأ على اعطاء الاوامر للجيش بالقيام بعمله في غزة. رغم انه لم يمض وقت طويل على خطابه في عسقلان حينما توعد باسقاط حكم حماس في غزة عندما يتسلم السلطة. كان هذا في ذروة عملية الرصاص المصبوب في عهد اولمرت. ولو كان الامر يتعلق به لانتهت العملية بعد يومين من بدئها. ولولا بينيت لما نفذت عملية الانفاق.

كلهم دفعوا، ما عداه

احد الامور التي قالها حيفتس في المذياع ان القانون يلزم الدولة بتغطية كل مصاريف المقر الشخصي لنتنياهو في قيصاريا. لكن بيبي الخائف هو الذي طلب «استثناء» البركة الشخصية ودفع حسابها من جيبه الخاص. هذا كذب وتلفيق. لا يقلقني كذب حيفتس فقد اعتدت عليه منذ فترته الكارثية في «معاريف». يقلقني انهم كذبوا علي، وهاكم القصة الحقيقية التي نشرتها قبل اربع سنوات بالضبط في 9 شباط 2011، قبل اقل من سنتين من اعادة انشاء القيصارية النتنياهية في المقر المتهاوي في بلفور 2. تحدثت في ذلك المقال عن محاولات السيدة نتنياهو عن طريق مبعوثها نتان ايشل لالقاء اكبر قدر من مصروفاتها في قيصاريا على صندوق الدولة. حسب القانون الدولة عليها ان تدفع المصروفات الجارية على المقر الشخصي لرئيس الحكومة في قيصاريا، لكن في مستوى (المحافظة على ما هو قائم وهناك تعليمات خاصة بهذا الشأن من سنة 2001 التي يفسر فيها قرار لجنة المالية لسنة 1982.)

ما ارادته السيدة نتنياهو هو تغيير تلك التعليمات، هي ارادت شيء جديد وليس «المحافظة على ما هو قائم»، لهذا طلب ايشل تغيير كل الاجهزة الكهربائية ولم يكتف بالتعليمات التي تنص على أن تتحمل الدولة فقط 20 بالمئة من تكاليف تأمين هذه الاجهزة.

لقد استدعى ايشل المستشارة القانونية ونائبها والمدير العام وفرض عليهم حصارا طالبا منهم تغيير التعليمات. المدير العام، غباي، اصر على موقفه وعندما لم يستطع اقناع السيدة دخل إلى مكتب نتنياهو وقال له انه لن يكون هناك تعبئة للبركة بالمياه على حساب دافع الضرائب. وقد فهم نتنياهو الرسالة واهتم غباي بأن يرسل نتنياهو رسالة إلى نائب المدير العام كي لا يتم احالة حساب البركة على دافع الضرائب. أما أن نأتي اليوم ونقول إن نتنياهو استثنى البركة فهذا كذب.

الواقع النتنياهي

قال لي احد خصوم نتنياهو السياسيين (اليمين) قبل اسبوع انه هاديء. لماذا هو هاديء، لان نتنياهو سيرتكب الاخطاب لانه مضغوط، وعندما يكون مضغوط يرتكب الاخطاء.

هذا الاسبوع تحققت نبوءته، ان الانقضاض على مني نفتالي هو خطأ فادح، فهل نفتالي هو من قام بتبذير كل تلك المبالغ وعلى مسؤوليته الشخصية. اقترح على نفتالي أن يتقدم بدعوى تشهير ضد نتنياهو في المحكمة. واعتقد ان احتمالات كسبه للدعوى كبيرة.

هناك شيء اخر اساسي اكثر. لقد دأب نتنياهو على ان يردد على مسامع مقربيه القول «لا تأخذ الامر بصورة شخصية». وتفسير الامر عندما تريد ان تهاجم فهاجم: اليسار، وسائل الإعلام، لان اليسار والإعلام لا يستطيعان الادعاء بالتشهير في المحكمة، أما مني نفتالي فيمكنه ذلك.

بعيدا عن الامر الشخصي فقد طفت على السطح السمات الاساسية لنتنياهو: عدم تحمل المسؤولية، خوف مرضي، القاء التهمة على شخص آخر وبكل ثمن، ومن المفضل ان يكون ضعيفا وهشا قدر الامكان.

قد يقول قائل إن امامنا مسائل مهمة، النووي الإيراني، الوضع الاجتماعي ـ الاقتصادي، المسألة الفلسطينية، داعش، في حين نحن مشغولون بقناني سارة. رأيي مختلف، نعم قناني سارة هي الامور المهمة. رأيي هذا تبلور منذ عشرين عاما من المتابعة الدقيقة لبنيامين نتنياهو، هذه المتابعة لم تأت من دوافع يسارية أو يمينية. في اغلبية المواضيع انا على يمينه. هو يميني بالاقوال، أما بالافعال فهو ليس لا يميني ولا يساري. إن حقيقة ان هذا الشخص ليس ذو قوة داخلية لاحلال النظام واخذ زمام القيادة والاعلان عن استقلاليته، وأن يكون قادرا على توظيف من يحتاجه وأن يقابل من من المهم مقابلته، هذه الصفات تجعله عديم الاهلية ليكون رئيسا للحكومة هناك أو هنا أو في أي مكان.

اخيرا رسالة إلى سعادة القاضي سليم جبران

سيدي المحترم، امامك التماس بشأن صحيفة «إسرائيل اليوم»، هذا الالتماس هو من اجل عدم نشر دعاية انتخابية في هذه الصحيفة التي يملكها ملياردير المقامرة الذي هو غير إسرائيلي.

هذه الصحيفة تنشر دعاية انتخابية منذ بضع سنوات مخالفة بذلك قانون الانتخابات، ومتسببة بضرر اساسي وشديد وخطير لمبدأ المساواة في الانتخابات. اقترح يا سعادة القاضي لتسهيل الامر عليك وتسريعه أن تطلب من ممثلي «إسرائيل اليوم» أن يفتحوا دفتر حسابات الصحيفة لنعرف الحقيقة ونعرف من الصادق، لقد حان الوقت ليكتشف شعب إسرائيل كم تكلف «إسرائيل اليوم» ملياردير المقامرة. وكم من عشرات أو مئات الملايين تتدفق من لاس فيغاس إلى شارع 3 في تل ابيب، وذلك لكي تغسل «مجانا» عقول المواطنين هنا.

قرار واحد منك وستخرج الحقيقة إلى النور، وهذا هو هدف وجودنا لأن ضوء الشمس هو المادة المطهرة الافضل. إن الجرح الذي تقيح وتضخم في وسطنا يحتاج إلى الكثير من ضوء الشمس لمعالجته. لكن دعنا نبدأ وشكرا.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى