مقالات مختارة

عون: توقفوا عن ضرب معنويات الضباط! ملاك عقيل

 

… وهكذا لم يمرّ التمديد للواء محمد خير «على خير». كان على العماد ميشال عون ان يشهد منذ تموز 2013 سلسلة من التمديدات غير المبرّرة لعدد من الضباط في السلك العسكري الى ان بقّ البحصة، أمس، بدعوته الى سحب الثقة من وزير الدفاع، إحدى ودائع الرئيس ميشال سليمان في الحكومة، «لتجاوزه الصلاحية في ممارسة الحكم والتغاضي عن المخالفات الممارسة»، متجاوزا الكباش المباشر مع القيادة.

البداية كانت توقيع وزير الدفاع سمير مقبل على قرار تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان في 30 تموز 2013، ثم التمديد المتكرّر لمدير المخابرات العميد أدمون فاضل، ثم التمديد قبل ايام لامين عام المجلس الاعلى للدفاع اللواء خير لمدة ستة اشهر، في موازاة التغاضي عن شغور غير مفهوم في المجلس العسكري.

عمليا، يصعب الفصل بين القرار المفاجئ لرئيس «تكتل التغيير والاصلاح» الذي طال وزير الدفاع وبين حملته السابقة ضد التمديد لقائد الجيش الذي عاد وذكّر أمس بوضعه غير القانوني.

وسبق لعون، قبل توقيع الوزير مقبل على تأجيل تسريح قهوجي بيوم واحد، ان اعلن عن قراره «إنشاء جبهة وطنية للدفاع عن الدستور»، معتبرا يومها أن التمديد لقائد الجيش «مخالف للدستور وهو بمثابة انقلاب». موقف لم يجاره به حلفاؤه في قوى «8 آذار»، تحديدا الرئيس نبيه بري و «حزب الله».

وفيما رفض مصدر عسكري في قيادة الجيش التعليق على موقف العماد ميشال عون قائلا: «ان ضباط الجيش لا يمدّدون لانفسهم بل هناك وزير دفاع هو من يتولى التوقيع، وبالتالي مشكلة العماد عون هي مع هذا الوزير في الحكومة وما حصل يطاله حصرا ولا علاقة لقيادة الجيش به»، تمسّك وزير الدفاع بقانونية الاجراءات التي اتخذها مستندا الى المادة 55 من قانون الدفاع.

في المقابل، يرى المتابعون ان إعلان سحب الثقة من وزير الدفاع يدخل ضمن إطار المواجهة المفتوحة التي لا يزال يخوضها ميشال عون بوجه من «كربج»، برأيه، التداول في المواقع وضرب التراتبية العسكرية.

تأجيل تسريح اللواء خير استتبع بتمديد جديد لمدير المخابرات (ينتهي مفعول التمديد له في 20 آذار المقبل)، والتمديد الجديد سيكون الاخير بسبب استنفاد سنوات خدمته العسكرية التي تبلغ 42 لرتبة عميد.

والارجح سيتمدّد تأجيل التسريح ليطال مجددا اللواء سلمان (الذي ينتهي مفعول التمديد الاول له في آب المقبل)، وقائد الجيش (في ايلول)، إضافة الى التمديد المتوقع لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص وإشكالية قرب إحالة قائد الدرك العميد الياس سعادة قريبا الى التقاعد. واقع سيفرض نفسه ما دام زمن رئاسة الجمهورية لم يحن بعد، والتوافق على تعيين مجرد حاجب بات معجزة داخل حكومة تمام سلام، فكيف إذا تعلّق الامر بمواقع قيادية عسكرية أساسية؟!

وفقا لاوساط ميشال عون، فإن المطالبة بسحب الثقة من وزير الدفاع هي موقف سياسي بالدرجة الاولى لكنّها مدعّمة بكل الاسباب الموجبة القانونية.

سحب الثقة يتمّ اصلا في ساحة النجمة، وتعلم الرابية ان مجلس نواب الذي لا يجتمع بهيئته العامة من أجل ملفات حيوية وأساسية، فإنه لن يجتمع بطبيعة الحال من أجل سحب الثقة من وزير!

المادة 37 من الدستور تتيح لاي نائب ان يطرح الثقة بأي وزير، في الدورات العادية او الاستثنائية، فيما يحتاج القرار الى اصوات أكثرية مجلس النواب. كما ان الحكومة أيضا لها حق إقالة وزير وفق نص المادة 68 «عندما يقرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء وفقا للمادة 37 وجب على هذا الوزير ان يستقيل»، لكن العونيين حسموا خيارهم باكرا بعدم الذهاب الى هذا الحدّ تحسّبا لهزّة قد تضرب كامل الحكومة.

وإذا كانت الحجّة، وفق الاوساط نفسها، للتمديد سابقا لقائد الجيش بسبب دخول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مدار تصريف الاعمال وتوقفها عن الاجتماع، فإنه لا مبرّر اليوم لتأجيل تسريح الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع بقرار إداري من وزير الدفاع وباقتراح من قائد الجــيش في ظــل حـكومــة تجتــمع وتصــدر المراسـيم، «ولأن التمديد في الوظائف الامنية والعسكرية غير شرعي».

المقرّبون من عون يجزمون أن «لا مشكلة لدينا مع الاشخاص بل مع النهج، ولا نتكلم هنا عن حقوق مسيحية خصوصا ان التمديد غير القانوني يطال ضباطا من كل الطوائف.. والشغور ايضا».

هذا تحديدا ما دفع «الجنرال»، في موقف يذكّر بالمدى الذي ذهب اليه ابّان التمديد لقائد الجيش ومن ثم بعد احداث معركة عبرا لناحية الدخول في عمق التفاصيل العسكرية، الى الاشارة الواضحة الى ان ضباط المؤسسة العسكرية «يعانون من هبوط بالمعنويات بسبب عدم احترام القوانين، خصوصا بشأن مسائل التمديد».

ويبقى ان لبّ الموضوع، وفق أوساط عون، يكمن في عدم تفرّد وزير الدفاع بالقرار بل عبر التنسيق الكامل مع رئيس الحكومة ومع «مجموعة» في الحكومة تغطّي التمديد و «تطنّش» عن عدم قانونيته.

وعون الذي حرص أمس على عدم «تجيير» الاعلان عن مقرّرات اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح» في الرابية الى احد من نواب «التكتل» أكد أن «لا سلطة تنفيذية أو تشريعية أو أيّ سلطة في العالم يمكنها أن تضرب التراتبيّة العسكريّة بهدف التمديد لأيّ شخص، وكأنّ عدم حصول هذا التمديد سيؤدّي إلى نهاية العالم…».

وبعد ان سرد مضمون مواد قانونية «تستوجب جميعها مرسوماً يصدر عن مجلس الوزراء، من دون أن يتفرّد أي وزيرٍ بهذا القرار، فللوزير حقّ الاقتراح فقط، في حين أن مجلس الوزراء هو الّذي يقرّر ما إذا كان سيردّ الاقتراح أو يسير به»، طالب «الحكومة مجتمعة بتصحيح هذه الأخطاء وإلا تحملّت المسؤولية ونتائج الأخطاء المتراكمة».

وقال: «انا أؤكّد، وعلى مسؤوليتي، أن معنويات الضّباط غير جيّدة في هذه الأيام، لأنّه يحقّ لكلّ شخص أن يكون طموحاً عندما يصل إلى رتبة معينة، ويأخذ وظيفة معينة، ولكن هذا الأمر قُطع على الضّباط عندنا، كما لو أنّهم وضعوا لهم سقفاً، لا يستطيعون تجاوزه بالتّرقية».

وابدى خشيته «من أن يُصيب موضوع التّمديد كلّ الحكومة، حيث يكون لكلّ وزير نمطه الخاصّ فيقوم بالتّمديد»، معتبرا ان «هذا الأمر خطيرٌ جدّاً لأنّه يفكّكك الدولة».

مقبل: استخدمت صلاحياتي

أكد وزير الدفاع سمير مقبل أن «التمديد للواء محمد خير واضح وقانوني مئة في المئة»، مشيراً إلى أنه استند في هذا القرار «الى المرسوم الاشتراعي 102 والى صلاحياتي كوزير دفاع». وأوضح مقبل «أن مسألة التمديد لمدير المخابرات في الجيش من صلاحياتي حصريا، والمادة 55 تضمن هذه الصلاحية للمصلحة الوطنية حيث تتخذ بعض القرارات»، مشدداً على «اننا نريد ان ننتخب رئيساً للجمهورية، ويجب ذلك، فالبلد لن يستمر من دون رئيس». وأضاف «نحن الآن بحاجة للعميد شامل روكز وللعديد من الضباط».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى