مقالات مختارة

ولماذا لا يكون العماد عون رئيساً؟ شارل أيوب

 

نحن في مرحلة انتظار على الصعيد الداخلي والاقليمي، فعلى الصعيد الداخلي ننتظر ما سيحصل بين المقاومة والعدو الاسرائيلي وتطور الصراع من الجنوب الى الجولان وتبعات عدوان القنيطرة وعملية شبعا. اما على الصعيد الاقليمي فهناك حرب «داعش» في سوريا والعراق مع التحالف الدولي الذي قال ان الحرب مع «داعش» ستستمر لسنوات، كما ان كل المراقبين يجمعون على ان الحرب في سوريا طويلة ولن تنتهي قبل سنوات ايضاً، والعالم العربي كله يمر بمرحلة انتظار لما سيحصل في العراق واليمن وليبيا ومصر لأن الامور غير واضحة ولا يبدو في الافق حل دولي لها.

في لبنان ازمة انتخاب رئيس للجمهورية وببساطة الامور، نقول ان الواقع القائم حالياً في البلد هو ان التحالف الشيعي بين حزب الله وحركة أمل جاء بالرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب كأقوى شخصية سياسية نيابية عند الطائفة الشيعية، وعند الطائفة السنية جاءت الاكثرية لصالح الرئيس سعد الحريري وهو رئيس الحكومة الفعلي، سواء كان في الحكم ام خارجه لأنه يملك الاكثرية السنية وله الحيثيات الاكبر داخل الطائفة، وعلى صعيد الطائفة الدرزية فإن الوزير وليد جنبلاط يمسك بزمام الامور بنسبة كبيرة ضمن الطائفة الدرزية وقد قام بتحييدها بالتنسيق مع الامير طلال ارسلان عن الخلافات في النزاعات الداخلية بين السنة والشيعة.

نصل الى الطائفة المسيحية وبالتحديد الى الموارنة، طالما انه وببساطة الامور جاء الزعيم الاقوى لدى الشيعة والسنة والدروز ونحن نتكلم عن الوضع السياسي النيابي وليس عن قوة الشخصية في غير مجالات، فالرئيس سعد الحريري والرئيس بري والوزير جنبلاط يمثلون المذاهب الثلاثة درزياً وشيعياً وسنياً. فما الذي يمنع ان يأتي العماد ميشال عون رئىساً وهو لديه 27 نائباً، أي اكثرية مارونية تؤيده، وحتى اجراء انتخابات نيابية اخرى فإن العماد عون هو حالياً الاقوى. لكن قد تكون موازين القوى تغيرت، انما هذا الامر يتطلب اجراء انتخابات نيابية، وواقع الامر ان العماد عون هو الزعيم الماروني الذي له حيثيات كبرى والاكبر بين الموارنة وفق عدد النواب الموارنة والمسيحيين. فلماذا لا يكون العماد عون رئيساً للجمهورية أسوة برئاستي المجلس النيابي والحكومة والتمثيل الدرزي بالحكومة.

العماد عون يتمتع بشخصية قوية، وبجرأة أدبية معنوية وبخبرة عسكرية وسياسية وانسانية وبات يتمتع بحكمة رجال الدولة وهو شخصية منذ ان كان ضابطاً في الجيش تسعى للتغيير ولإشعال نار الوعي عند الناس ضد الوضع القائم والمستمر في لبنان منذ الاستقلال وحتى الان.

للعماد عون نظرة سيادية الى لبنان، وهو ابن المؤسسة التي تحترم القوانين، كذلك امضى بتجارب سياسية هامة وانتصر فيها، وصاحب رؤية بعيدة الافق، ولا ينحصر في محيط ضيق بل لديه مفهوم الدولة بكل معنى الكلمة وعلى المدى القريب والبعيد، وازاء هذه الصفات فهو مرشح جدي لرئاسة الجمهورية ومرشح يجب ان يصل الى رئاسة الجمهورية ولا يجب وضع فيتو عليه.

اكتب للصديق الدكتور سمير جعجع، وبينه وبيني صداقة متينة وكان لي شرف الاطلاع منه على اسرار هامة، كذلك حفظ هو اسراري وهذا هو عنوان الصداقة القائمة بيننا. واكتب له لان المسيحيين في خطر، ولأن المسيحيين تهجروا من العراق وأصابتهم الهجرة ايضاً وتدمرت كنائسهم في سوريا كما حصل في العراق، ولان المسيحيين اصبحوا في فلسطين 1 %، ولأن المسيحيين في لبنان اصبحوا اقلية، مع انهم عنصر فاعل في لبنان، فلا بد من حماية هذا الوجود المسيحي حماية كبرى.

ومن هنا اكتب للدكتور سمير جعجع متمنياً عليه حل عقدة الرئاسة وتجاوز الماضي المرير، وتجاوز كل ما حصل معه، وتأييد العماد عون لرئاسة الجمهورية لتأمين الاستقرار في لبنان ورؤية ماذا سيفعله العماد عون، وليس في الامر مخاطرة كبرى، بل في انتخاب العماد عون ضمانة للبنان وللقوات اللبنانية ولكل المسيحيين ولكل اللبنانيين.

لعلنا ننتهي من هذا الشغور الرئاسي وينبلج علينا فجر جديد عبر انتخاب رئيس للجمهورية فيكون العماد عون رئيساً للدولة اللبنانية ونبدأ مرحلة جديدة عنوانها رئيس جمهورية قوي يؤمن بسيادة لبنان، وامضى 40 سنة في الدفاع عن لبنان ارضاً وشعباً في المؤسسة العسكرية. ولعلنا عبر نهج العماد عون والتوافق بينه وبين القوات اللبنانية نؤمن ضمانة للمسيحيين وهي ضمانة كبرى في توحد الرؤية لدى القوتين المسيحيتين الاكبر والاقوى.

اذا تمت هذه الخطوة نستطيع خلال اسبوعين انتخاب رئيس جمهورية، والانطلاق انطلاقة جديدة نحو انفتاح لبنان على العالم العربي والعالم الغربي ودول العالم كلها، ونكون قد اغلقنا جرحاً نازفاً هو الفراغ الرئاسي في لبنان لأنه لا يجوز ان نصل الى اكثر من 10 اشهر والفراغ الرئاسي مستمر والدولة اللبنانية من دون رأس وخاصة الرأس الماروني لهذه الدولة.

المسيحيون اقوياء والموارنة اقوياء ولا يخافون، فقد مرت عليهم ويلات واجتازوها بارادتهم وصمودهم، والآن ليس تحت الخوف نفكر بمجيء العماد عون رئيساً للجمهورية بل بالادراك الواعي كي تصل شخصية قادرة ان تكون الحكم والحاكم في دولة تعطلت فيها كل المؤسسات واصاب الشلل الإدارات وكل مرافق البلاد.

ومن هنا علينا استعجال الخطى لانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في اسرع وقت ممكن وسيظهر عندها انه ليس الدكتور جعجع لا يريد العماد عون رئيساً لجمهورية بل اطراف اخرى لا تريد رئيساً مسيحياً قوياً في لبنان، ولا تريد رئيساً مارونياً قوياً يرأس لبنان. ذلك ان الدكتور جعجع ليس هو الذي يعطل وصول العماد عون، بل الذي يعطل وصوله وجوه ستنكشف وتظهر على حقيقتها وهي تريد ان يكون المسيحي من الدرجة الثانية في لبنان وليس على ذات المستوى مع بقية القيادات.

ان مفاجآت كثيرة ستظهر في هذا المجال والذين نعتقد انهم يريدون العماد عون ام لم يصرحوا ضد وصوله، سيظهرون فجأة ويعطلون وصول العماد عون، وستظهر ان المشكلة ليست عند الدكتور جعجع بل عند غيره، وخارج الطائفة المسيحية وخارج المذهب الماروني بالتحديد.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى