مقالات مختارة

ملامح مرحلة جديدة مغايرة: المقاومة من توازن الردع الى توسيع دائرة الاشتباك عصام نعمان

 

من حديث السيد حسن نصرالله لقناة «الميادين» التلفزيونية قبل نحو ثلاثة أسابيع، ومن عملية القنيطرة العدوانية التي ارتكبتها «إسرائيل» قبل نحو عشرة أيام، وتصريحات لبنيامين نتنياهو ووزير حربه موشيه يعلون سبقتها وأعقبتها، وفي ضوء خطبة السيد نصرالله يوم الجمعة الماضي، ترتسم ملامح مرحلة جديدة مغايرة وتتبدّى حقائق واحتمالات بازغة، أبرزها عشرة:

أولاً، أكّدت عملية مزارع شبعا وامتناع «إسرائيل» عن الرد عليها واقع توازن الردع القائم بين «إسرائيل» وحزب الله، كما أوحى امتناعها بتخوّفها من أن يؤدي ردها إلى اندلاع حربٍ لا يبدو أنها قادرة على تحمّل تداعياتها عشية انتخابات الكنيست منتصفَ شهر آذار المقبل.

ثانياً، برّر نتنياهو ويعلون، مداورةً، عملية القنيطرة العدوانية بأنها ضربة استباقية لمجموعة من مقاتلي حزب الله كانوا يعدّون لعملية ضد «إسرائيل» في قلب الجولان المحتل. كما أشارت صحف عبرية إلى أن القيادة العسكرية «الإسرائيلية» تعتقد أن محور المقاومة بأضلعه الثلاثة حزب الله، سورية، وإيران يقوم ببناء مقاومة شعبية في جنوب سورية لمباشرة كفاح مسلح ضد «إسرائيل» في الجولان المحتل.

ثالثاً، يتضح من تصريحات مسؤولين سياسيين وعسكريين «إسرائيليين» أن المنطقة الممتدة من الناقورة على ساحل لبنان الجنوبي إلى غرب محافظة درعا السورية حيث يتواجد مسلحو «جبهة النصرة»، قد أضحت جبهة واحدة. والمفارقة أن السيد نصرالله نوّه في خطبته الأخيرة بهذه الحقيقة أيضاً بقوله إن المقاومة ترفض تفكيك الساحات والميادين، وأنها تعتزم الردّ على اعتداءات العدو في الزمان والمكان وبالأسلحة التي تراها مناسبة.

رابعاً، ثَبُتَ من الاشتباكات الجارية في جنوب سورية، ولا سيما في المنطقة المحاذية للجولان المحتل، وجود تعاون وثيق، لوجستي وعسكري، بين «جبهة النصرة» و«إسرائيل»، وقد أكد السيد نصرالله هذه الحقيقة في خطبته، كما أكدها الرئيس بشار الأسد قبل أيام قليلة بقوله لصحيفة إيطالية إن «إسرائيل» تقود فصائل المعارضة المسلحة في جنوب البلاد.

خامساً، إذا ما اندلعت مقاومة شعبية سورية فاعلة في جنوب البلاد فإن «إسرائيل» لن تكتفي، على ما يبدو، بدعم «جبهة النصرة» موضعياً حيث يتواجد مسلحوها بل ستزوّدها أسلحةً ثقيلة وتدعمها ميدانياً لمحاولة إقامة منطقة عازلة بينها وبين الجيش العربي السوري على غرار «جيش لحد» وشريطه الحدودي في لبنان قبل إكراهه، ومعه الجيش «الإسرائيلي»، على الهرب في عام 2000 تحت وطأة ضربات المقاومة.

سادساً، إذا ما استأنفت «إسرائيل» عملياتها العدوانية، أيّاً كان زمانها ومكانها وحجمها، فإن حزب الله سيكون ملزماً، بعد إسقاط السيد نصرالله ما يُسمى «قواعد الاشتباك»، بمواجهة «إسرائيل» في كل الساحات والميادين، بما فيها ساحات سورية وفلسطين، بالطريقة التي يراها مناسبة.

سابعاً، في ضوء ما أكدّه السيد نصرالله فإن كلاًّ من سورية، وتنظيمات المقاومة في فلسطين، وإيران ستجد نفسها أمام تحدٍّ خطير يتطلب استجابة موحّدة. الأرجح وجود تنسيق وتفاهم استراتيجي بين الأطراف الثلاثة لمحور المقاومة الأمر الذي يعني تكاملها في مواجهة «إسرائيل» عند قيامها بعدوان جديد.

ثامناً، من المستبعد أن تتوقف «إسرائيل» عن اعتداءاتها واغتيالاتها الأمر الذي يستتبع قيام حزب الله، بالتعاون مع سائر أطراف محور المقاومة، بمواجهتها وبالتالي احتمال تطور الأحداث إلى حرب إقليمية. يتأسس على ذلك أن حزب الله ما كان ليعلن استعداده لمواجهة الحرب لولا امتلاكه القدرات اللازمة للوفاء بمتطلباتها ووثوقه بأن حلفاءه، ولا سيما ايران، سيقدمون له الدعم الكافي على جميع المستويات.

تاسعاً، إن احتمال تطور الأحداث على النحو المبيّن آنفاً يعيد قضية فلسطين وبالتالي الصراع العربي «الإسرائيلي» إلى صدارة المشهد الإقليمي. في هذا السياق، تصبح الحركات الإسلاموية الإرهابية في سورية والعراق وسائر بلاد العرب أحد الجوانب المقلقة للصراع ما يحمل الولايات المتحدة، كما روسيا، بالإضافة إلى دول عربية وأوروبية على إعادة النظر بمواقفها من القوى المتصارعة لتأمين مصالحها الذاتية بطبيعة الحال.

عاشراً، في ضوء الحقائق والاحتمالات البازغة المار ذكرها، ولا سيما بعد تقدّم المقاومة من حال توازن الردع إلى خيار توسيع دائرة الاشتباك مع العدو الصهيوني، سيتجه أطراف محور المقاومة بالضرورة إلى تطوير قدراتهم باعتماد استراتيجية متقدمة ومتكاملة، يمكن استشفاف بعض محاورها على النحو الآتي:

– تفعيل المقاومة الشعبية السورية ومدّ فعاليتها إلى قلب الجولان المحتل.

– تطوير المقاومة الشعبية وتفعيلها في الضفة الغربية لتتكامل مع حركات المقاومة في قطاع غزة والتنسيق تالياً مع سائر قوى المقاومة في لبنان وسورية.

– وضع طائرات بلا طيار في متناول قوى المقاومة واللجوء إلى استخدامها في حال امتداد المواجهة مع العدو الصهيوني إلى ساحات وميادين على مستوى المنطقة كلها.

المقاومة دشّنت مرحلة جديدة في تاريخ عرب المَشرق. أليس هذا توصيفاً دقيقاً وواعداً؟

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى