مقالات مختارة

إسرائيل وحزب الله يتعلمان حدود الخطاب العنيف تسفي برئيل

 

هل هذا هو الرد الذي قصده حزب الله عندما هدد اسرائيل انه سيرد في الزمان والمكان المناسبين؟ هل هذا هو رد إيران الذي وعد رئيس حرسها الثوري بالرد المؤلم والعنيف؟ يبدو ان تبادل اطلاق النار بين حزب الله واسرائيل هو الحوار العنيف الذي يوضح فيه كل طرف حدود الخطاب.

قبل عشرة ايام نسب لاسرائيل مقتل قادة كبار من حرس الثورة الإيرانية وحزب الله، الامر الذي فسر في إيران كمحاولة لاحباط نشر قوات للمنظمة في هضبة الجولان.

اسرائيل تحاول كسر الاحتكار السوري الإيراني المتعلق باستراتيجية ادارة الحرب الداخلية في سوريا. والتقدير الإيراني يعتمد على انعدام رد اسرائيلي على احتلال معظم هضب الجولان السورية على أيدي منظمات الثوار بما فيها المنظمات الإسلامية المتطرفة، ولكنها تهرع حين يخطط حزب الله لتوسيع سيطرته في الهضبة. وبالنسبة لسوريا وإيران فان هذا هو تدخل في «شؤونهما الداخلية»، منح اسنادا اسرائيليا للثوار.

ولذلك فان معضلة الرد قد تم حلها بشكل مخطط ومحسوب. والخوف الإيراني – السوري هو من فتح جبهة واسعة في الهضبة السورية، التي ستدفع اسرائيل إلى الرد المباشر ضد نظام الاسد وجيشه ودعم المتمردين. حيث ان اسرائيل تفضل دائماً تحميل المسؤولية للانظمة الرسمية مثل حكومة لبنان التي هي غير مسئوله عن اي شيء او على نظام الاسد الذي لا يسيطر على الارض ولذلك فان قصر الاسد قد يضاف إلى قائمة الاهداف الاسرائيلية.

ان فتح جبهة واسعة على الحدود اللبنانية هو امر خطير، فهو من شأنه أن يحرف الجهود الحربية لحزب الله عن المناطق التي يساعد بها النظام السوري إلى الحدود مع اسرائيل ويضعف الجهود السورية في اخضاع المعارضة. ولهذا تم اختيار مزارع شبعا كمكان انطلاق الصواريخ على القوة الاسرائيلية بالامس.

شبعا هي منطقة لبنانية، لكنها تعتبر حسب قرارات الامم المتحدة منطقة سورية، والتي سيتم تسوية وضعها من خلال اتفاق سلام مع سوريا. ومن ناحية رسمية فان العملية جرت من موقع هو موضع خلاف بين الاطراف ومن هنا افضليته. فهو يسمح لحزب الله بالادعاء انه يحافظ على التزاماته التي مفادها ان كل اعتداء على سوريا يعتبر اعتداء على المقاومة، اي عليه، وفي نفس الوقت يعفي اسرائيل من فتح جبهة ضد لبنان.

ان فرضية العمل لدى جميع الاطراف انه ليس لاي منهم مصلحة في فتح جبهة مشتعلة في هضبة الجولان او في لبنان .واذا في بداية التمرد السوري نشـأت مخاوف ان حزب الله قد يفتح النار على اسرائيل لابعاد الاهتمام عن المذابح الجارية في سوريا على يد الجيش السوري، فان هذا غير قائم الان.

النظام السوري تحول إلى عامل ثانوي في مسيرة اتخاذ القرارات العسكرية في الاراضي السورية. وعلى خلفية الجهود الدبلوماسية لروسيا لفرض حل سياسي فان إيران تتطلع إلى الحفاظ على مكانتها وتأثيرها في كل ما يجري على الساحة السورية. فسوريا ولبنان بالنسبة لها رزمة واحدة لا يمكن التنازل عن اي منهما .

من هنا تأتي الاهمية التي توليها إيران للتطورات السياسية في لبنان. والاكثر اهمية هو الحوار الداخلي بين حزب الله وبين الخصوم له في لبنان مثل كتلة المستقبل برئاسة سعد الحريري، وقسم من الحركات المسيحية وحتى رئيس البرلمان نبيه بري حليف حسن نصرالله الذي حذر من فتح جبهة جديدة في لبنان.

اذا نجح هذا الحوار، فسيثمر عن انتخاب رئيس للبنان، والذي تتطلع إيران ان يكون تحت نفوذها. وهذه هي المعركة الاساسية التي تديرها إيران في سوريا ولبنان. ولذلك فان تبادل اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله هو تطورات ثانوية بل وهامشية، ينبغي في الظروف الحالية على الاقل احتوائها وعدم السماح لها باحباط التطلعات الإيرانية الاستراتيجية.

ولكن حتى في اطار مثل هذه الاعتبارات الهشة، فان إيران ملزمة ان تضمن الا تسمح اسرائيل لنفسها بان تمس كما تشاء بالاهداف التي تهم إيران وعلى أي حال حزب الله.

وهنا يكمن الخطر عندما لا تحسن اسرائيل قراءة خريطة المصالح الإيرانية والاحداث الثانوية مثل قتل مسؤولين كبار او اطلاق نار عرضي يدفع الطرفين إلى الانزلاق في جرف لم يفكرا بالانزلاق اليه.

هآرتس 30/1/2014

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى