مقالات مختارة

حقل الدوحة وبيدر القنيطرة ثريا عاصي

 

حقل الدوحة.. لأن الدوحة صارت في زمان النفط والغاز عاصمة الإعلام العربي و«الفكر»!. ومنها (أو من خلالها) وصلني مقال عن الهجوم الذي نفذه المستعمرون الإسرائيليون ضد مجموعة من نخبة المقاتلين اللبنانيين والإيرانيين في القنيطرة السورية. أرسله لي كاتبه مشكورا. رغم أن مواقفي التي أعبر عنها منذ بدأت الحر ب ضد سوريا (وما قبلها) معروفة، وهي متعارضة روحا وأسلوبا ومنطقا مع مضمون المقال المذكور. لست أدري ما هي الدوافع التي حدت الكاتب على مواجهتي بالتحدي.

لنقرأ إذن. « أن الحسابات التي على حزب الله أن يأخذها بالإعتبار، منها للمفارقة مشترك مع حسابات إسرائيل». عبثا تحاول البحث عن هذه الحسابات المشتركة في طول المقال وعرضه. يضع الكاتب في خانة هذه الحسابات خطة إشعال جبهة الجولان، كيف استطاع الإسرائيليون كشف هذا «الصيد الثمين». أين الحسابات المشتركة؟!. إكتفى صاحبنا بالعنوان.

يخيل إليك وأنت تقرأ المقال أن كاتبه جنرال. هل سيرد حزب الله على الإعتداء ؟. كأننا في إطار صراع ثأري، بين قبيلة إسمها «حزب الله» وبين قبيلة أخرى إسمها «إسرائيل». يزعم الكاتب أن مصداقية حزب الله على المحك!. تعرض هذا الأخير لضربة موجعة في 12 شباط 2008، مماثلة لضربة القنيطرة. مضت ست سنوات دون أن ينتقم! دفع الإسرائيليون هذه المرة مستوى التحدي إلى أعلى درجة.. أغاروا على مجموعة حزب الله ـ إيران بعد يومين من خطاب السيد حسن نصر الله. وكأنهم أرادوا أن يظهروا عجز «محور الممانعة»!.

ولكن ليس بإمكان حزب الله، إستنادا إلى المقال الذي نحن بصدده، توجيه ضربة إلى الإسرائيليين من جنوب لبنان، دون أن ينتهك القرار الدولي 1701، لا سيما أنه يوجد خمسة عشر الفا من الجنود الدوليين توكلوا السهر على تطبيقه.

مجمل القول أنه يُفهَم من المقال أن حزب الله لن يثأر بعد تلقيه ضربة موجعة. السبب أنه لا يحق له محاربة إسرائيل من جنوب لبنان. أما العوائق، فهي القرار الدولي، لم يعد هذا الحزب بنظر «الأطراف اللبنانية» حزبا مقاوما. بمعنى آخر، كان هذا الحزب مقاوما بالضد من « الأطراف اللبنانية». لماذا يكون لهذه الأخيرة أحقية الترخيص لحزب الله بالمقاومة أو لا؟ ولكن الكاتب يبدو مطمئنا.. «لن يثأر الحزب»!

يعترف الكاتب ضمنيا بأن تواجد المقاومة ـ إيران على مقربة من خط وقف إطلاق النار في القنيطرة يدل على نية هذين الطرفين إشعال جبهة الجولان. إنكشف تورط إيران العسكري! في ماذا؟ في تسخين جبهة الجولان!.

من المنطق أن يستخلص القارئ إستنادا إليه، أن حزب الله وإيران يمكنهما أن يواصلا جهودهما في «تسخين» جبهة الجولان. ولكن يبدو أن مثل هذه الخلاصة لا تناسب الغاية من المقال. لذا يسارع كاتبه إلى الإلتفاف عليها بواسطة التذكير بأن القرار بالنسبة لحزب الله يرجع إلى إيران. ليس من مصلحة الأخيرة «التسخين» حتى لا تضحي بالملف النووي مع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. وبالتالي رغم أن أحد ضباطها كان دليلا على تورطها، كما جاء في المقال المذكور، فإنها تفضل ألا تتورط «إقليميا في أكثر من جبهة». وبالتالي هي لن تترك حزب الله «يخوض غمار مغامرة في الجولان»!.

أغلب الظن أن الكاتب ما يزال يتخبط في حيرة. بدليل أنه ينهى مقاله بعد هذا كله بالسؤال: هل تبقى طهران مكتوفة الأيدي؟ كيف وأين سترد؟ يقلقه «ماذا كان يفعل ضابط «الحرس الثوري» الإيراني في القنيطرة السورية»؟!.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى