مقالات مختارة

عدوان القنيطرة: معركة الخطوط الحمر حميدي العبدالله

 

الاعتداء «الإسرائيلي» في منطقة القنيطرة يختلف عن غيره من الاعتداءات التي وقعت على المقاومة وعلى سورية في السنوات القليلة الماضية، ليس لأنه أول اعتداء على مجموعة مقاومة داخل الأراضي السورية، وأول اعتداء يسقط فيه شهيدٌ ضابطٌ برتبة عميد في الحرس الثوري، بل لأنّ هذا العدوان جاء في سياق معركة الخطوط الحمر.

المقصود بالخطوط الحمر، أنّ العدو الصهيوني يسعى إلى اقتطاع منطقة من سورية موازية لخط وقف إطلاق النار في الجولان، وجعلها «بالتعاون مع جبهة النصرة» وتنظيمات مسلحة أخرى مرتبطة بالغرب، منطقة عازلة تحمي الاحتلال «الإسرائيلي» لهضبة الجولان، ومعلوم أنّ سورية ومنظومة المقاومة والممانعة التي ترى أنّ الدولة السورية الممانعة والمقاومة هي خط أحمر، وهذا ما أكده أكثر من مرة الأمين العام لحزب الله الذي قال مرة في إحدى خطبه إنه «إذا اقتضى الأمر أن يذهب بنفسه للقتال في سورية فإنه لن يتردّد بذلك»، كما أنّ تصريحات أكثر من مسؤول إيراني أكدت هذا المحتوى من المواقف. وبديهي إذا كان النظام والدولة في سورية هما خط أحمر، فإنّ بناء منطقة عازلة في الجولان المحرّر لحماية الاحتلال الصهيوني للجولان، هي خطٌ أحمر بالنسبة إلى سورية وللمقاومة ولإيران بنفس القوة، ولعلّ هذا هو الذي يفسّر تواجد كوادر المقاومة الذين استشهدوا في هذه المنطقة بالاعتداء «الإسرائيلي» الأخير.

في المقابل يرى العدو «الإسرائيلي» أنّ بناء قوة دفاعية وهجومية لمنظومة المقاومة على تخوم الجولان، عبر وضع أسلحة متطورة تطال العمق «الإسرائيلي»، وبنية تحتية لمقاومة سورية لبنانية عبر هذه الجبهة وظيفتها الردّ على الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على سورية لدعم الجماعات الإرهابية، ومواصلة حرب الاستنزاف ضدّ الدولة السورية عبر تأخير ساعة الحسم، أو لتنفيذ عمليات ضدّ الاحتلال في عمق الجولان المحتلّ، يشكل خطاً أحمراً لا يمكن السكوت عنه، لأنه يوسع دائرة المواجهة والاستنزاف ضد الكيان الصهيوني، ويضع هذا الكيان أمام جبهة مثلثة الأضلاع، ضلعها الأول في لبنان، وضلعها الثاني في غزة، وضلعها الثالث في الجولان، وهذا يشكل تحوّلاً غير مسبوق في الصراع العربي- الصهيوني.

لا شك أنّ الاعتداء الأخير على كوادر منظومة المقاومة والممانعة في جبهة الجولان، يشكل بداية معركة الخطوط الحمر، بين منظومة المقاومة والممانعة من جهة، وبين العدو «الإسرائيلي» من جهة أخرى، سيكون الصراع ما بعدها غير ما كان عليه قبلها على جميع الجبهات وليس على الجبهة السورية وحدها.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى