مقالات مختارة

إعادة بناء الثقة بين أوباما وبوتين راي ماكغفرن

4 يناير 2015 “ICH” – “كونسورتيوم نيوز”

مع اقتراب الربع الأخير من رئاسته، يجب على باراك أوباما أن يقرر ما اذا كان سيسمح للمحافظين الجدد بتكبيله بالسلاسل والقيود أو أخيرا سوف يكسر حلقة الميوعة بانتهاج سياسة خارجية واقعية عبر السعي لإيجاد حلول عملية لمشاكل العالم، بما في ذلك الأزمة مع روسيا على أوكرانيا .

إن عام 2015 سيشهد بالتأكيد نقطة تحول في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، بطريقة أو أخرى. ومع ذلك، لا نعرف ما إذا كانت التوترات سوف تتصاعد – باستمرار الحرب بالوكالة في أوكرانيا أو أنها ربما تتدهور نحو حرب أوسع – أو ما إذا كانت ستهدأ ويعتمد ذلك في الغالب على قرار الرئيس باراك أوباما.

مفتاح الإجابة عن هذا السؤال هو السؤال التالي : هل أوباما ذكي بما فيه الكفاية وقوي بما يكفي لكبح جماح وزير الخارجية جون كيري، والمحافظين الجدد و فريق “التدخل الليبرالي” المهيمن في وزارة الخارجية                  ومعهم صقور الدجاج في الكونغرس، بينما معظم هؤلاء الذين لا يترددون في مغازلة نزعة الحرب لا يعرفون شيئا فعليا عن حقيقة تلك الخيارات وكلفتها.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على النقيض من ذلك، شهد آثار الحرب في سن مبكرة. ولد في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حاليا) بعد ثماني سنوات من الحصار الذي فرضه الجيش الألماني ويقول مايكل والزر، عن الحرب ضد المدنيين آنذاك “توفي مزيد من الناس في حصار دام 900 يوما لمدينة لينينغراد أكثر مما كانت عليه أعداد الضحايا في جحيم هامبورغ ودريسدن وطوكيو وهيروشيما وناغازاكي مجتمعة“.

توفي الأخ الأكبر لبوتين فيكتور أثناء الحصار. وتجربة الشاب بوتين هي، بطبيعة الحال، جزء لا يتجزأ من وعيه وهذا قد يساعد في تفسير سبب ميله إلى أن تكون عباراته قصيرة ولا تنطوي على التهديد المتهور الذي ردده مسؤولون غربيون كبار في هذه الأيام – وكثير منهم يجهلون مشاعر كل من عانى من الحرب والتاريخ المعقد في أوكرانيا.

في مثل هذا الوقت من العام الماضي، يمكن القول أن قلة من الأميركيين كانوا يعلمون كيف يشيرون إلى أوكرانيا على الخريطة والانطباع بأن الأوكرانيين يعانون من سوء التغذية ولدته “وسائل الإعلام الرئيسية” ولكن أحدا لم تكن لديه فكرة تذكر عن طبيعة التوترات السياسية الداخلية، والانقسام بين غرب أوكرانيا الذي يميل نحو أوروبا وشرق أوكرانيا الذي تربطه علاقات قوية مع روسيا.

دعونا نبدأ مع إشارة وجيزة من أهم النقاط البارزة لهذا التاريخ قبل معالجة المخلفات في الآونة الأخيرة – ونوضح بعض التوصيات مع بداية العام الجديد.

بعد أقل من ثلاثة أسابيع من سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر عام 1989، وجه الرئيس جورج بوشالأب دعوة إلى زعيم الكرملين ميخائيل غورباتشوف لحضور قمة في مالطا حيث توصلا إلى صفقة تاريخية : إن موسكو تلتزم بالامتناع عن استخدام القوة لإعادة فرض السيطرة على أوروبا الشرقية؛ وواشنطن تتعهد بعدم استغلال الاضطرابات هناك.

تمت بلورة تلك الصفقة في وقت لاحق وبعد شهرين فقط، عندما أقنع وزير خارجية بوش الأب جيمس بيكر الرئيس غورباتشوف بابتلاع الكأس المر وقبول انضمام ألمانيا الموحدة إلى حلف شمال الاطلسي في مقابل التعهد بأن حلف شمال الاطلسي “لن يقفز” شرقا من ألمانيا وقد قال لي السفير الأميركي السابق لدى موسكو جاك ماتلوك، الذي كان شاهدا على كل ذلك في رسالة بالبريد الالكتروني، “أنا لا أرى كيف يمكن لأي شخص ألا يتوقع التوسع اللاحق لحلف شمال الأطلسي “.

وأضاف هذا الدبلوماسي البارع، الذي شارك في المحادثات الثنائية الحرجة في أوائل عام 1990، أن التعهد المتبادل لم يتم تدوينه والتوقيع عليه بنص مكتوب ومع ذلك، فالتراجع عن تعهدات – مكتوبة أم لا – يمكن أن يزعزع الثقة بين الدول.

لماذا لا صفقة مكتوبة

العام الماضي سألت ماتلوك وأيضا فيكتور بوريسوفيتش كوفالدين، أحد مستشاري غورباتشوف 1989-1991، لماذا لم يدون تفاهم بيكر- غورباتشوف على الورق. أجاب ماتلوك:

لم يكن هناك اتفاق بعد ذلك. كل من بيكر ووزير الخارجية الألمانية الغربية هانز ديتريش جينشر عرض أفكارا على غورباتشوف للنظر فيها ولم يعط جوابا لكنه قال فقط انه سيتم التفكير بها … وكانت بعدها اتفاقات رسمية بالإشتراك مع آخرين “.

في رسالة بالبريد الالكتروني لي في الخريف الماضي، أكد كوفالدينما قال ماتلوك لكنه اكد أن التزاما أميركيا قدم من قبل بيكر آنذاك “وقدم التعهد بعدم التوسع شرقا لحلف شمال الأطلسي إلى غورباتشوف في أيام متتالية عندما اجتمع لأول مرة مع بيكر وبعد ذلك مع المستشارالألماني الغربي هيلموت كول يوم 9 و10 شباط 1990].” أما لماذا لم يكتب هذا التعهد فقد أجاب كوفالدين :

هذا الطلب كان سيبدو غريبا بعض الشيء في ذلك الوقت فقد كان حلف وارسو لا يزال على قيد الحياة. وتتمركز قوات من الجيش السوفياتي في جميع أنحاء أوروبا الوسطى وكان حلف شمال الاطلسي محكوما بهذا الواقع في بداية فبراير 1990 لا يكاد أي شخص يتنبأ بتطور الأحداث في 1990ولكن عندما التقيت كوفالدين مؤخرا قبلبضعة أشهر في موسكو وسألته لماذا لا يوجد سجل للتعهدات التي قدمت لغورباتشوف، كان رده أكثر عفوية – فقد هز رأسه، وغمز بعينه، وقال: “نحن موثوقون لديك.”

يكتب الاتفاق أو لا، إنها مسألة الثقة – وليس لغورباتشوف اختيار أن يثق ليس فقط بوزير الخارجية الأمريكية، ولكن أيضا بحكومة ألمانيا الغربية في بون ووفقا لتقرير نشر في مجلة دير شبيجل نقلا عن وثائق وزارة الخارجية الألمانية الغربية صدر قبل خمس سنوات فقط ورد ما يلي :

يوم 10 فبراير 1990، ما بين الساعة 4 و 6:30، تحدث جينشر إلى [وزير الخارجية السوفياتي إدوارد] شيفرنادزه. ووفقا للتسجيل الألماني للمحادثة، قال جينشر: “نحن ندرك أن عضوية حلف شمال الاطلسي لألمانيا الموحدة تثير تساؤلات معقدة. بالنسبة لنا، ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد: الناتو لن يتوسع نحو الشرق “ولأن المحادثة تدور أساسا حول ألمانيا الشرقية، أضاف جينشر صراحة:”. وفيما يتعلق بالتعهد بعدم توسع حلف شمال الأطلسي فهذا ينطبق أيضا في الإجمال “.

طفرة في نمو حلف الناتو

البعض منا – باستثناء أقلية متميزة – تعرف بقية القصة فقد تم التغاضي عموما في وسائل الإعلام الغربية، عن تطورات مهدت الطريق التاريخية كخلفية للاضطراب في أوكرانيا العام الماضي.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 – وتفكك حلف وارسو – انضمت بولندا والمجر وجمهورية التشيك إلى حلف شمال الاطلسي في عام 1999. وتبعتها استونيا ولاتفيا وليتوانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا التي انضمت في عام 2004. بينما نضمت ألبانيا وكرواتيا في عام 2009.

يمكن للمرء أن يلاحظ كون تلك البلدان، ومعظمها لديها الكثير من التجربة المؤلمة في الكتلة السوفياتية. وليس لغزا لماذا تريد أن تحتشد تحت مظلة حلف شمال الاطلسي ضد التهديدات القادمة من الشرق. ولكن، كما لاحظ جورج كينان وغيره في ذلك الوقت، كان من المؤسف عدم وجود كمية من الخيال والحنكة التي لاستنباط أي بدائل جادة لمعالجة شواغل البلدان إلى الشرق من ألمانيا بطريقة أخرى غير العضوية في الناتو وأكثر من ذلك، بقدر ما كان هناك عدد قليل جدا من الأسنان في ذلك الوقت، في فم الدب الروسي. كان ممكنا الحفاظ على وعد عدم التوسع شرقا.

توسع الناتو في البلدان الأقرب إلى حدود روسيا، دفع الكرملين إلى رسم خط أحمر وعلى الرغم من تحذيرات قوية جدا من موسكو، في 3 أبريل عام 2008 أعلنت قمة الناتو في بوخارست: “يرحب الناتو بتطلعات أوكرانيا وجورجيا الأوروبية الأطلسية للحصول على عضوية في حلف شمال الاطلسي. اتفقنا اليوم أن هذه الدول ستصبح أعضاء حلف شمال الاطلسي.”

غالبا ما ينسى – في الغرب، ولكن ليس في روسيا – أن هذا البيان الذي أصدره الناتو أدى إلى مغامرة قام بها الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، حتى قبل أن يتم فتح مظلة حلف شمال الاطلسي لحكومته. فبعد أقل من خمسة أشهر وضعت جورجيا في قائمة الانتظار للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي، وأمر ساكاشفيلي القوات الجورجية للهجوم على مدينة تسخينفالي في أوسيتيا الجنوبية. كان ينبغي أن ألا يفاجأ احد في الغرب عندما ردت روسيا بشكل حاد، وإعطاء دروس قاسية للقوات الجورجية دروسا قاسية في المعارك التي استمرت خمسة أيام فقط.

في نهاية المطاف، كانوا ينادون في واشنطن ينادون بدعم ساكاشفيلي في إدارة جورج دبليو بوش والمرشح الرئاسي آنذاك الجمهوري جون ماكين، الذي كان سبق ان قام بتحريض ساكاشفيلي، بينما ظهرت الولايات المتحدة عاجزة عن حمايته. بدلا من استخلاص الدروس المناسبة من هذه التجربة الفاشلة ومع ذلك، فإن المحافظين الجدد الذين أداروا السياسة الخارجية لبوش – واستمروا داخل إدارة أوباما – تتركز أنظارهم على أوكرانيا.

لقد أصبح من الصعب إخفاء الحقيقة فهدف واشنطن النهائي لتلبية “تطلعات المناطق الغربية” من أوكرانيا ودمجها، في نهاية المطاف،وهذا ما دفع حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة لتدبير انقلاب 22 فبراير 2014، في كييف.

وقبل ثلاثة أسابيع من الانقلاب في كييف، كانت وزارة الخارجية الأمريكية تخطط لتنظيم إزالة رئيس أوكرانيا المنتخب الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وتم تحديد القادة الجدد لأوكرانيا وقد وضعت جميع التفاصيل على موقع يوتيوب في شكل أربع دقائق من محادثة هاتفية بين مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية فيكتوريا نولاند وسفير الولايات المتحدة في كييف، جيفري بيات.

وهنا مقتطفات قصيرة جدا من تلك المحادثة :

نولاند: ما رأيك؟

بيات: أعتقد أننا في اللعبة. وكليتشكو [فيتالي كليتشكو، واحدة من ثلاثة من قادة المعارضة الرئيسيين] من الواضح أن الشبكة الإلكترونية معقدة هنا. …لقد اجريت اتصالا بياتس (أرسيني ياتسينيوك ، زعيم ىخر من المعارضة ). وأنا سعيد لأنك من وضعه على الفور حيث يناسبه في هذا السيناريو. وأنا سعيد جدا أنه قال ما قاله ردا على ذلك.

نولاند: جيد. لا أعتقد أنكليتش يجب ان يشارك في الحكومة أنا لا أعتقد أنه من الضروري، لا أعتقد أنها فكرة جيدة.

بيات: نعم. أعتقد … مجرد السماح له بالبقاء بعيدا وتفعيل مكانته السياسية والاشياء. … نحن نريد أن نحافظ على الديمقراطيين المعتدلين معا. المشكلة ستكون [مع اوليه ( اوليه تيانيبوك، زعيم المعارضة الرئيسي، رئيس حزب سفوبودا اليميني المتطرف) ورفاق له

نولاند: أعتقد ان ياتسهو الرجل الذي لديه خبرة اقتصادية، وتجربة في الحكم. انه هو … ما يحتاج إليه هوكليتش واوليهفي الخارج. انه يحتاج إلى التحدث معهم أربع مرات في الأسبوع، كما تعلمون. …

وهكذا، مفاجأة، مفاجأة:تحول ياتس إلى أن يكون الرجل الأول لنولاند في وقت لاحق بعد ثلاثة أسابيع فقط، فتم اختياره رئيسا للوزراء مباشرة بعد الانقلاب في 22. فبراير، ولا يزال يتكررالحديث عن الحظ!

ومع ذلك يظهر لنا ما تقدم شفافية فنون الظلام من “ميدان الدمى المتحركة” (عنوان أعطاه المترجم الروسي للصور المرفقة بالنسخة الخاصة من المحادثة على موقع يوتيوب)، ونادرا ما تذكر هذه البطولات في وسائل الإعلام الأميركية وبدلا من ذلك، يتم إعطاء الصدارة ل”العدوان” الروسي المزعوم الذي تمثل بضم شبه جزيرة القرم، وهي الخطوة التي سمحت للسكان في شبه جزيرة القرم بأغلبية ساحقة للتعبير عن إرادتهم بالتمرد على النظام الذي فرضه الانقلاب في كييف عبر الانضمام إلى روسيا.

لا وجود للنازيين في الصورة

في وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة، تقدم صورة مزيفة عن الانقلاب العنيف الذي نفذ يوم 22 فبراير – بقيادة النازيين الجدد وبواسطة ميليشيات شديدة التنظيم قتل أفرادها رجال الشرطة واستولوا على المباني الحكومية – فالرواية الأميركية المفضلة عن الأحداث هي ان الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش وموظفيه ببساطة قرروا مغادرة المدينة بسبب القوة المعنوية التي جسدها تدفق المتظاهرين السلميين إلى ميدان كييف.

ومؤخرا جاء بمثابة مفاجأة سعيدة ما قاله جورج فريدمان، خلال مقابلة في 19 ديسمبر الماضي أدلى بها لمجلة كوميرسانت الروسية، فوصف الإطاحة بالحكومة الأوكرانية بأنها “الانقلاب الأكثر وضوحا في التاريخ.” فريدمان هو رئيس ستراتفور المؤسسة البحثة التي غالبا ما توصف بأنها “ظل” وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA .

ومع ذلك، في الرواية السائدة التي تكررها وسائل الإعلام الأمريكية – فضلا عن غيرها مثل بي بي سي حيث كان لي تجربة شخصية مع هذه القضية الحساسة أوكرانيا – قصة الأزمة تبدأ مع ضم شبه جزيرة القرم، التي تسمى أحيانا “الغزو الروسي “على الرغم من أن القوات الروسية كانت تتمركز بالفعل داخل شبه جزيرة القرم في القاعدة البحرية الروسية في سيفاستوبول. هناك فقط قيل لي :” لا يكفي الوقت، للأسف” لكي لا نذكر توسع الناتو شرقا أو حتى الانقلاب في كييف.

الجزء المفضل من الرواية الإعلامية هو أن بوتين حرض على الأزمة في أوكرانيا لأنه كان يتوق للاستيلاء على الاراضي التي فقدت خلال تفكك الاتحاد السوفياتي. ولكن ليس هناك ذرة واحدة من الأدلة على أن الروس قد أعادوا ضم شبه جزيرة القرم، لولا انقلاب دبرته نولاند وتم تنفيذه من قبل البلطجية بما في ذلك الجماعات الفاشية الذين يلوحون علنا بلافتات النازية ورموزها.

قبل سنوات،برزت نولاند بشكل غير طبيعي للغاية. والقائمة طويلة ويكفي أن نذكر هنا أنها شغلت منصب النائب الأول لمستشار الأمن القومي لنائب الرئيس ديك تشيني وهو ما اعتبر فريق الظل في مجلس الأمن القومي خلال سنوات 2003-2005.

يقال إن نولاند عملت حول “تعزيز الديمقراطية” في العراق وتمت ترقيتها بعد ذلك مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، إلى منصب الناطق باسم وزارة الخارجية ومن ثم إلى مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية، مما أتاح لها تولي مسؤولية ملف أوكرانيا ونولاند أيضا متزوجة من منظر المحافظين الجدد روبرت كاغان، الذي شارك في فريق مشروع القرن الأمريكي الجديد وساهم في الضغط من أجل غزو العراق في وقت مبكر من عام 1998.

وبحلول ديسمبر 2013، كانت نولاند واثقة جدا من سيطرتها على سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا وتولت رعاية زعماء الانقلاب الأوكراني وروجت باستمرار للقيام بمساعدة أوكرانيا على تحقيق “طموحاتها الأوروبية، حيث استثمرنا أكثر من 5 مليارات دولار.” وقالت إنها خاضت في تنظيم احتجاجات ميدانية في كييف وفي تخطيط كيفية حث المتظاهرين على التجمع وتدبير آليات ارتباط بينهم .

في وزارة الخارجية خلق أوباما واثنان من وزراء الخارجية هيلاري كلينتون وجون كيري الجسر البشري لسنوات العهد المظلم بقيادة المحافظين الجدد. ولذلك تبدو نولاند من أبرز الرموز في إدارة اوباما يقول رون سوسكيند إن مسؤولا كبيرا في إدارة بوش الأب قال له : “نحن إمبراطورية الآن، وعندما نتصرف، فإننا نخلق واقعنا الخاص.”

قد يكون هذا المفهوم هو الموجه في تصرف نولاند وكيري اعتراضا لخطة اوباما المؤجلة في الغالب لتشغيل سياسة الولايات المتحدة وجها لوجه مع روسيا لكن ماتلوك يجد بعض العزاء في ذلك لفهم ما يبدو أنه يحدث في السياسة تجاه أوكرانيا.

في وقت مبكر من الأزمة الناشئة هناك، قال ماتلوك: “لا أستطيع أن أفهم كيف أنه [أوباما] يمكن أن يفشل في إدراك أن مواجهة الرئيس بوتين علنا في القضية التي تحتل مكانة رئيسية من الشرف والفخر القومي الروسي ستولد تأثيرات عكسية على القضايا المطروحة، ولكن في الواقع هو يقوي النزوع الروسي الذي يتعين عليه تحاشيه ولكن يبدو الأمر كما لو أنه، جنبا إلى جنب مع مستشاريه، يعيشون في الكون الافتراضي الفكري والنفسي بديل وقبل أن أنهي مع بعض التوصيات، دعونا نطبق الأدوات التحليلية على ما تورده وسائل الاعلام لنرى ما اذا كنا نستطيع أن نتبين كيف سيكون رد فعل الرئيس الروسي                      على كل هذا.

في مؤتمر صحفي بعد عشرة أيام من الانقلاب في كييف، شكا بوتين من “شركائنا الغربيين” الذين يواصلون التدخل في أوكرانيا “أنا في بعض الأحيان يغلبني الشعور” أنه في مكان ما عبر بركة ضخمة، في أميركا، والناس يجلسون في المختبر لإجراء التجارب، كما لو كانوا مع الفئران، دون فهم الواقع أوعواقب ما يفعلون. فلماذا تحتاج للقيام بذلك؟

وفي خطاب ألقاه بعد أسبوعين، قال بوتين:

لقد كذب زملاؤنا في الغرب … مرات عديدة، وقاموا باتخاذ القرارات من وراء ظهورنا، وضعونا أمام الأمر الواقع. حدث هذا مع توسع الناتو إلى الشرق، فضلا عن نشر البنية التحتية العسكرية على حدودنا. … حدث ذلك مع نشر نظام الدفاع الصاروخي. …وأضاف “انهم يحاولون باستمرار إلحاق الضربات بنا … ولكن هناك حدود لكل شيء. ومع أوكرانيا، تجاوز شركاؤنا الغربيون الخط. … واليوم، لا بد من وضع حد لهذه الهستيريا ودحض خطاب الحرب الباردة. … روسيا لديها مصالحها الوطنية الخاصة التي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار والاحترام “.

يوم 8 سبتمبر 2013، عندما عين الوزير جون كيري نولاند في منصب مساعد وزير الخارجية، وقال انها حققت الكثير من الإنجازات ومع المديح الذي يستحق تماما وصفه بالإعجاب ، كان مجرد تلميح كيري من شأنه أن يطلق لها العنان في صياغة السياسة تجاه روسيا، وأوكرانيا، وغيرها.

لحسن الحظ، كانت نولاند غير قادرة على تخريب الحوار وراء الكواليس بين أوباما وبوتين الذي مكن بوتين من ثني أوباما من مهاجمة سوريا في سبتمبر 2013 عبر إقناعه بأن السوريين كانوا على وشك الموافقة على تدمير جميع الأسلحة الكيميائية. وكان أوباما قد حجب عن كيري وقائع هذه المحادثات الحساسة، لكنه ترك له مهمة القيام بجهود لحشد الدعم الدولي للقيام بعمل عسكري ضد سوريا.

بدا جون كيري مصدوما باتفاق استثنائي توصل إليه أوباما وبوتين مع سوريا، وبدا واضحا ان كيري كان شديد الحرج في مؤتمر صحفي عقده في لندن يوم 9 سبتمبر 2013، ورفض أي احتمال لموافقة سوريا على السماح بتدمير الترسانة الكيميائية وفي وقت لاحق من ذلك اليوم أعلن بنفسه عن الاتفاق على تدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا.

للأسف، إلى حد كبير، يمكن اعتبار شر الولايات المتحدة في أوكرانيا تعبيرا عن رد جون كيري، وعضو مجلس الشيوخ صديقه جون ماكين، وبالطبع نولاند ضد روسيا التي قضت على الآمال بشن الولايات المتحدة لحملة القصف الكبرى ضد الحكومة السورية.

بوتين: كيري “يعرف أنه يكذب

ومن النادر أن يدعو رئيس دولة كبرى وزير خارجية دولة منافسة “كذاب” ولكن هذا ما فعله بوتين بعد ستة أيام يبطل من إيقاف الهجمة على سوريا.

5 سبتمبر 2013، عندما وصل أوباما إلى سان بطرسبرج لحضور قمة G-20 ، أشار بوتين علنا لشهادة كيري في الكونغرس حول سوريا قبل بضعة أيام حيث بالغ كيري إلى حد كبير في الحديث عن قوة من المتمردين “المعتدلين” في سوريا.

وكان كيري يكرر أيضا ادعاءات مشكوكا فيها للغاية (أوردها 35 مرة في مؤتمر صحافي عقده يوم 30 أغسطس بوزارة الخارجية) زاعما أن حكومة الأسد كانت وراء هجمات كيميائية قرب دمشق في 21 أغسطس مدعيا أن الرئيس الأسد بالتالي قد عبر “الخط الأحمر” وكان أوباما يرى من جانبه ضرورة التدقيق في الموضوع قبل أي هجوم عسكري.

علق بوتين على تصريحات كيري بقفازات دبلوماسية : “كان هذا غير سار للغاية ومثيرا للدهشة بالنسبة لي. نتحدث إليهم [الأمريكيين]، ونحن نفترض أنهم شعب لائق، لكنه يكذب ويعلم أنه يكذب هذا أمر                    محزن“! كلمات بوتين الصارمة حول كيري أبرزت وراء الكواليس حقيقة التعاون بين أوباما وبوتين لنزع فتيل الأزمة السورية عام 2013 وقد نبهت المحافظين الجدد إلى ضرورة تحطيم هذا التعاون – وأصبح الانقلاب في أوكرانيا الجهاز المثالي للقيام بذلك.

قرارات السنة الجديدة

خمسة أشياء أوصي الرئيس باراك أوباما بالقيام بها في بداية السنة الجديدة:

1-    تخلص من كيري ونولاند.

2-    إقرأ في صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية كتبها بوتين يوم 11 سبتمبر 2013، بعدما ظهر ان التعاون مع أوباما قد أسفرعن نتيجة استثنائية هي تدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا.

3-    أوقف الحديث عن الولايات المتحدة كونها “الأمة التي لا غنى عنها “. لقد كرر الرئيس هذا القول مرات عديدة في العام الماضي بينما اختار الرئيس بوتين معالجة هذه الفكرة بصورة لافتة في ختام مقالته :

إنه أمر خطير للغاية تشجيع الناس على رؤية أنفسهم بصورة استثنائية مهما كانت الدوافع. هناك دول كبيرة ودول صغيرة، غنية وفقيرة، دول مع تلك التقاليد الديمقراطية وتلك الدول التي لا تزال تتلمس طريقها إلى الديمقراطية وتختلف سياساتها، أيضا. نحن جميعا مختلفون، ولكن عندما نسأل عن النعم الربانية، يجب علينا أن لا ننسى أن الله خلقنا متساوين “.

4-    إضغط على الذين باعوا وطنهم في كييف لوقف غبائهم. يمكن ان تتوافر للمرء فرصة ذهبية للقيام بذلك عبر المشاركة في قمة دولية دعي إليها الرئيس الاوكراني بترو بوروشينكو في 15 يناير كانون الثاني في كازاخستان، حيث من المتوقع أيضا حضور الرئيس فلاديمير بوتين وقادة ألمانيا وفرنسا للمشاركة.

5-    وأخيرااختيار نهاية مختلفة هذا العام لخطاباتكم. فمثلا ماذا عن عبارة : “بارك الله الولايات المتحدة الأمريكية وبقية العالم أيضا“.

  • ·عمل كاتب هذا التقرير راي ماكغفرن خلال 27 عاما كمحلل في وكالة المخابرات المركزية الأميركية ، وشغل منصب رئيس فرع السياسة الخارجية السوفياتية في الوكالة ، كما أعد عدة تقديرات لصالح الاستخبارات الوطنية، وأعد في البيت الأبيض التقرير اليومي الموجز للرئيس ويعمل الآن على الفريق التوجيهي لمحترفي الاستخبارات المخضرمين (يضم كبار الشخصيات) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى