مقالات مختارة

المصالحة المصرية ـ القطرية: هل طويت نهائياً صفحة الخلافات؟ حميدي العبدالله

 

بمبادرة من المملكة العربية السعودية و«تأكيداً على ما ورد في اتفاقي الرياض المبرمين أخيراً المتضمّنين التزام جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بسياسة المجلس لدعم جمهورية مصر العربية والإسهام في أمنها واستقرارها» كما جاء في بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الديوان الملكي السعودي خالد التويجري والشيخ محمد بن عبد الرحيم آل ثاني مبعوث الأمير القطري.

ويُراد لهذه الخطوة أن تسدل الستار بصور نهائية على الخلاف المصري ـ القطري، والخلاف السعودي ت القطري الذي كانت مصر أحد مسبّباته.

وعلى الرغم مما جاء في بيان الديوان الملكي السعودي حول زيارة المسؤولين الخليجيّين إلى القاهرة واستقبال الرئيس المصري لهما، إلا أنّ ذلك يندرج في إطار إذعان قطر للضغوط التي مارستها السعودية عليها، وبالتالي فإنه من السابق لأوانه الاستنتاج بصورة نهائية وكاملة طي صفحة الخلاف المصري ـ القطري، وانضباط قطر في السياسة الموحّدة لدول الخليج التي تلعب السعودية درواً بارزاً في رسم معالمها أكثر من دولة قطر، أو أيّ دولة أخرى في مجلس دول التعاون الخليجي.

فالبيان الصادر عن الديوان الملكي السعودي يشير بصورة خاصة إلى «إزالة ما يشوب العلاقات بين الشقيقتين جمهورية مصر ودولة قطر في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات، وبخاصة ما تبثه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، المرتبطة بالدولتين».

ولكن من يستمع إلى ما بثته قناة «الجزيرة» القطرية عن الأحداث والتطورات الجارية في مصر لا يشير ولا يعكس مثل هذا التحوّل الذي تطالب به السعودية. فـ»الجزيرة» لا تزال تتحدث عن الانقلاب، ولا تزال تفرد مساحة واسعة لتغطية تحركات من تعتبرهم مناهضي الانقلاب وتحالف الدفاع عن الشرعية في مصر. وبديهي أنّ هذا يعني أنّ الحملات الإعلامية التي بدأتها قطر لم يطرأ عليها أيّ تغيير وهي القابلة للملاحظة والرصد أكثر بكثير من الدعم الذي يمكن أن يقدم بشكل سري لجماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها الذين كانت تدعمهم قطر علناً، وقد يستمرّ دعمهم سراً. فجلّ ما فعلته قطر على هذا الصعيد أنها قلصت التغطية المباشرة لتحركات جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها، ونقلت ترتيب التغطية للأحداث المصرية في نشرات الأخبار إلى مرتبة متأخرة بعد أن كانت تحتلّ الخبر الأول أو الثاني، بمعزل عما إذا كانت التطورات المصرية من الناحية المهنية لها هذه الدرجة من الأهمية أم لا.

كما أنّ أمير قطر قبل توجه مبعوثه الخاص برفقة التويجري إلى القاهرة، قام هو شخصياً بزيارة إلى تركيا مؤكداً على عمق الروابط التي تربط الدوحة بأنقرة، والأرجح أنه مثلما استضافت تركيا قادة «الإخوان المسلمين» بعدما اضطرت الدوحة إلى إبعادهم لتسوية خلافاتها مع شركائها الخليجيين وعلى رأسهم السعودية، فإنّ أمير قطر يوكل عبر زيارته إلى تركيا لنظام أردوغان القيام بمهمة دعم «الإخوان المسلمين» في مصر نيابة عن تركيا وقطر، ومن غير المستبعد أن يصل الدعم القطري إلى جماعة «الإخوان» هذه المرة عبر تركيا للتمويه والتنصل من المسؤولية.

هل ينطلي كلّ ذلك على القيادة المصرية؟ الأرجح أنّ ذلك صعب جداً، وإذا كانت القاهرة سوف تمنح فرصة إضافية لاختبار الجهد السعودي، فهذا لا يعني قبول الالتفاف على ما تطالب قطر به.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى