مقالات مختارة

لقاء بوتين ـ أردوغان: توافق حول الإدارة الأميركية للملف السوري! عامر نعيم الياس

 

زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركيا، والتقى نظيره التركي رجب طيّب أردوغان. تسريبات كثيرة عن المحادثات وأفقها، سورية شكّلت محورها، في الوقت الذي أغفل فيه المحور الأهم والمحرك للزيارة وهو الولايات المتحدة.

نختلف حول سورية ونلتقي حول الولايات المتحدة الأميركية، عبارة من شأنها أن تختصر توقيت الزيارة الروسية إلى تركيا، هنا لا بد من المرور على حلف شمال الأطلسي، لكن علاقة واشنطن بكل من موسكو وأنقرة، تجعل المرور على الأطلسي مرور الكرام، فأردوغان خرج عن طوره واصفاً سياسات الإدارة الأميركية في سورية بأنها «وقحة»، الأمر ذاته ينطبق على القيصر الروسي الذي انتقد أكثر من مرة السياسات الأميركية الأحادية في العالم عموماً، وأخطاءها القاتلة في سورية خصوصاً. سورية من وجهة نظر أميركية نقطة توافق روسي ـ تركي، وعليه ينتهي البعد السوري للزيارة الروسية إلى تركيا لا تراجع من قبل الدولتين عن مواقفهما المعروفة لمقاربة الحالة السورية، ولا اتفاق حول سورية إلا في حدود استخدام الورقة للضغط على واشنطن سياسياً واقتصادياً. فموسكو بحاجة إلى دعم اقتصادها وتوسيع أفقه في ضوء عوامل ثلاثة: أولها تراجع سعر صرف الروبل، وثانيهما انخفاض واردات الخزينة الروسية من عائدات النفط بسبب الانخفاض غير المسبوق لأسعار الذهب الأسود، وثالثهما، تداعيات العقوبات على بعض المشاريع الحيوية الروسية كإلغاء مشروع خط أنابيب الغاز «ساوث ستريم» الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا والذي يعتبر أحدث ضحايا الصراع الروسي مع الغرب، في ضوء إصرار الاتحاد الأوروبي بإيعاز أميركي على اعتماد خط غاز «نابوكو». وفي هذا السياق تحديداً نرى أن بوتين أراد خطب ود الأتراك وتجيير الورقة التركية لمصلحته في الصراع مع أوروبا في ملف الغاز. فقد قال الرئيس الروسي إن بلاده ستخفض سعر الغاز لتركيا ستة في المئة، بدءاً من السنة المقبلة، مضيفاً إنها اتفقت على زيادة الإمدادات لتركيا بواقع ثلاثة مليارات متر مكعب. وأشار بوتين إلى أن «روسيا قد تكون مستعدة لبناء مجمع للغاز على الحدود التركية اليونانية، لتزويد أوروبا بالغاز للتعويض عن عدم إنشاء ساوث ستريم».

أما بالنسبة إلى تركيا فإن الاقتصاد التركي بدأ يتأثر هو الآخر إلى حدٍّ ما بالاضطرابات التي تحيط بتركيا، ومن سياسات حكومة العدالة والتنمية المحافظة، وهذا أمر لا يسمح به أردوغان الذي يرى في الاقتصاد الورقة الأهم والأقوى والأنجع لبقائه، فقد جاء في تقرير لصحيفة «ظرف» التركية بعنوان «الاقتصاد التركي ينكمش» أن وفق البرنامج المتوسط المدى فإن «الناتج القومي التركي بلغ عام 2014 حوالى 810 مليار دولار، بتراجع عن عام 2013، إذ بلغ حينذاك 822 مليار دولار، وعليه فقد تراجع متوسط دخل الفرد من عشرة آلاف و807 دولار، إلى عشرة آلاف و507 دولار»، وفي ضوء ذلك فقد طغت الملفات الاقتصادية على المباحثات بين الرئيسين، وقالت مصادر دبلوماسية مقربة من المباحثات إن «الطرفين اتفقا على رفع حجم التبادل التجاري من 33 مليار دولار سنوياً الى 50 مليار خلال السنة المقبلة، بعدما وافقت أنقرة مبدئياً على بناء المفاعل النووي من قبل الشركات الروسية».

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى