مقالات مختارة

لماذا تعجز الحكومة عن تحرير العسكريين رغم امتلاكها الأوراق الرابحة؟ ابتسام شديد

 

ما ان يلوح بصيص امل في قضية العسكريين المخطوفين حتى تعود الأمور الى نقطة الصفر من دون ان يفقه احد الاسباب التي تجعل الدولة تبدي كل العجز في هذه القضية فيما الخاطفون يهددون ويتوعدون بالتصفية ويطالبون الاهل بالتصعيد وإلا …. وتسأل أوساط مواكبة للملف هل تؤدي الاعتصامات المفتوحة والمتنقلة غرضها للضغط على الحكومة وايجاد نافذة الحرية للعسكريين المخطوفين على ايدي النصرة وداعش في جرود عرسال، ام ان هذه الاعتصامات لن تساهم الا في اضافة التعقيدات على الملف مع استحالة تلبية شروط ومطالب الارهابيين التي تعدت السقف المقبول فراح الخاطفون يجددون تهديداتهم بالعودة الى الاعدامات، ولماذا تعجز الحكومة رغم كل ما يحصل في الشارع ورغم وطأة الملف من تحقيق اختراق ما في جدار القضية العالقة، وكيف يمكن لحزب الله ان يحرر أسيره لدى «النصرة» فيما تعجز الدولة اللبنانية بكامل طاقمها السياسي والأمني من استعادة جنودها وعناصرها المخطوفون منذ اربعة اشهر في مغاور وكهوف «داعش» و«النصرة»؟

هي قضية تحرير الأسير «المقاوم عماد عياد التي «ولعت» واججت النار الكامدة تحت النار واطلقت سيل التساؤلات عن عجز الدولة بامها وابيها على حدّ قول الاوساط، عن حل معضلة العسكريين المخطوفين والذين يعانون ظروف الاعتقال الصعبة في الجرود العرسالية . ثمة من يؤكد في الصالونات السياسية وعلى المنابر ايضاً بان حزب الله لا يمتلك عناصر القوة ذاتها التي تمتلكها الدولة باستثناء ان حزب الله قام بعملية عسكرية تمكن فيها من احتجاز قريب لمالك التلي فيما الدولة تمتلك في سجونها مئات وآلاف المعتقلين الخطيرين الذين يمكن مقايضتهم او معاملتهم بالمثل كما يحصل مع العسكريين بدل تخفيف الأحكام العسكرية بحق بعضهم، وبدل العمل على تأمين الحاجات والمواد التموينية التي طالب بها الخاطفون . فالدولة كما تقول الاوساط تملك الكثير من الاوراق الرابحة في الملف لم يتم استخدامها بعد وكان يفترض ان يحصل ذلك في اعقاب قيام الارهابيين بتصفية العسكريين المخطوفين وعلى قاعدة «العين بالعين والسن بالسن» وبالتالي التلويح للارهابيين بان قياداتهم في خطر ايضاً لدى الدولة، اسوة بما فعل حزب الله الذي اختلفت ادارته لملف التفاوض بربط مصير اسير الحزب بالاسرى لديه وبالضغط الذي مارسه الحزب لمنع استغلال توقيف عياد واللعب على وتر مشاعر جمهور حزب الله ومقاتليه كما يحصل في قضية العسكريين حيث تعمد «النصرة» و«داعش» الى استغلال واللعب على وتر مشاعر اهالي المخطوفين بتصويرهم في احوال معنوية سيئة والتهديد باعدام المزيد من العسكريين .عدا ذلك فان لدى الدولة اوراقاً عديدة تمتلكها مثل عائلات الارهابيين القابعين في مخيمات النازحين واقاربهم، واللجوء الى وقف كل ما يمكن ان يوفر عناصر الحياة لهؤلاء من امدادات لا تزال تصلهم من البوابة العرسالية وان كان لذلك من ارتدادات سلبية على العسكريين المخطوفين.

وفي حين تؤكد الاوساط بان تحرير حزب الله لأسراه يختلف في كل حيثياته عن الاسرى العسكريين فان الاوساط تقر بان سوء الادارة سيطر في انطلاقة عملية التفاوض، وبان الدولة لم تتعامل بحزم مع الملف سواء عن طريقة حسم المعركة التي تبين لاحقاً ان الدولة غير قادرة على الحسم العسكري في ظروف عدم تجهيز الجيش من جهة، كما ابدت الدولة تساهلاً مع الارهابيين في تأمين مستلزماتهم ومقومات صمودهم في محاولة يائسة لوقف التصفية والإعدامات ومن منطلق خوفها على حياة عسكرييها .

فالواضح كما تقول الاوساط ان الخيار العسكري حتى الساعة لتحرير الاسرى يصعب السير فيه لعدم تعريض حياة العسكريين المخطوفين للخطر، خصوصاً ان التقارير تشير الى توافد اعداد كبيرة من المسلحين الداعشيين المتوافدين من الحدود العراقية السورية وحيث ان شن هجوم على هؤلاء دونه حسابات عسكرية كثيرة في ظل تحصن هؤلاء في الجرود واقامتهم لمتاريس وقلاع محصنة بقوة ، كما لم يتم تسييل الهبات العسكرية بعد او الاستحصال على الآليات العسكرية والأسلحة اللازمة لمعركة عرسال «الجزء الثاني»، في حين ان التفاوض مع الإرهابيين وكل الصيغ التي يتم التداول بها لجهة الافراج عن الموقوفين الاسلاميين في رومية او المقايضة مع السجينات في السجون السورية تبدو في غير السياق المنطقي والمقبول في ظل رفض فريق سياسي دخول النظام السوري في ملف الموقوفين، ومن جهة اخرى ان لهؤلاء ملفات خطيرة وارتباطات باحداث امنية كبيرة وان السلطة السياسية تسعى مع القضاء لعدم إطلاق الموقوفين المصنفين في خانة الإرهابيين الخطيرين.

وتؤكد الأوساط ان الدولة من الأساس لم تكن تملك القدرة على المبادرة في ملف الأسرى، وليس صحيحاً انها خضعت لشروط الخاطفين والارجح ان الخيارات ضاقت امام السلطة بعدما بات واضحاً ان المجوعات الارهابية عمدت على توتير الأجواء الداخلية واللعب بمشاعر اهالي المخطوفين العسكريين للضغط على المؤسسة العسكرية وتأليب اهالي الاسرى على مؤسسة الجيش وإظهارها بدور العاجز عن إيجاد الحل لتحرير ابنائهم من قبضتها.

الى اين ستصل قضية العسكريين المخطوفين ومن يملك المفتاح السحري الذي سيفتح «مغارة عرسال» حيث يحتجز العسكريون المخطوفون؟ لعل ما قاله الوزير الكتائبي عن حسن نية او عكسها لإناطة تحرير العسكريين بحزب الله بعدما نجح بتحرير اسيره يعبر عن ضرورة اللجوء الى الضرب من حديد ومعاملة العسكريين بالمثل بدل الرضوخ لشروطهم.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى