مقالات مختارة

دلّـني على ثورتكَ.. أقول لكَ من أنتَ.. ثريا عاصي

 

يقول الرواة أن الثورة في سوريا إنطلقت في آذار 2011 من مدينة درعا. التي مثّل استشهاد صبي يدعى حمزة الخطيب إحدى شراراتها. في مصر أيضا شكلت وفاة الشاب خالد سعيد في 2010 تحت التعذيب في مركز للشرطة نقطة الإنطلاق في سيرورة قادت إلى ميدان التحرير وإلى ما صار يعرف بثورة 25 يناير 2011. هكذا كانت قد بدأت الثورة أيضا في تونس، عندما توفي الشاب محمد البوعزيزي في 4 كانون الثاني 2011. لنترك جانبا في هذا السياق، النساء اللواتي صرن أيقونات الثورة في سوريا وفي مصر وصاحبة جائزة نوبل للسلام في اليمن(توكل كرمان)، واختفاء مدير مكاتب غوغل في القاهرة وعودة البرادعي إلى مصر والمرزوقي إلى تونس، وخطاب السوري برهان غليون الرئاسي عبر شاشة قناة الجزيرة القطرية. ليس من حاجة أيضا لكي نطيل الشرح في موضوع عربدة سفراء الدول الأجنبية في مدينة حماه تحديدا، ثم في تركيا. يحق لنا بعد هذا كله أن نتساءل عن حقيقة تطابق وتشابه الأمور من بلاد إلى أخرى، وعن الغاية من الإبقاء على الضبابية الكثيفة التي تكتنف المشهد، ليس في سوريا وحسب ولكن في العراق أيضا ولبنان ومصر وفلسطين والجزائر.

ماذا جرى في العراق؟ كيف اجتاحت قوة داعش مناطق شاسعة. تزامن ذلك مع الإعلان في وسائل الإعلام عن حدود الفتح الجديد وخريطة الدولة الإسلامية. حتى ظننا في وقت من الأوقات أن «داعش» طوفان لا رادع له وأن ما أصاب الأيزيديين والمسيحيين منه عبرة لمن يعتبر! جميع الدول في الشرق والغرب تنكرت لـ«داعش»، بل اتفقت على وقف مساندتها ومحاربتها. رغم ذلك واصلت «داعش» معاركها وانتصاراتها وتوسعها، دون الحاجة إلى عتاد ومؤن.. «إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»!.. نحن لا نعرف أيضا حقيقة الأوضاع في حلب. من يقاتل من ؟ ماذا عن القنيطرة؟ ماذا عن عرسال؟ ما قصة هذا الشخص الذي ألقي القبض عليه في مطار بيروت، فقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد أن أطلق سراحه وأعيد إلى طرابلس، ليقود جماعات داعش المتواجدة فيها؟ ماذا عن المليار دولار الذي أشيع أنه دفع فدية من أجل الإفراج عن أمير إبن أمير ألقي القبض عليه في عرسال؟!

ما يثير الحيرة والريبة هو أننا في الواقع حيال عدة «ثورات في سوريا». إذا يبدو أنه يوجد ثورة في الشمال أداتها «داعش» أوكلت الولايات المتحدة الأميركية رعايتها لتركيا وقطر والبرازاني. وهناك ثورة في الجنوب أيضا (الجولان والمناطق المحاذية للأردن) أداتها جبهة النصرة تعمل تحت حماية المدفعية الإسرائيلية. يأتي الدعم إلى هذه الأخيرة عن طريق معسكرات في الأردن يشرف عليها كما هو معروف، خبراء عسكريون غربيون وعرب. مجمل القول أنك تجد مثقفين ويساريين، يكتبون كلاما جميلا عن نظريات في علم الاجتماع والسياسة وعن «ثورة» في سوريا لا وجود لها. ثورة متخيلة بالكامل!. ليس فيها الا سوريون يعشقون الحرية ويكافحون الظلم. ليس فيها سلطان تركي ولا أوباما الأميركي ولا هولند الفرنسي. ليس فيها أمير او ملك خليجي، خائف على كرسيه، يرتعد خوفا. فجاء إلى سوريا وإلى العراق ووضع يده بيد المستعمرين الإسرائيليين، ليس من أجل الديمقراطية والإصلاح، ولكن دفاعا عن ملكه. كأن هؤلاء المثقفين واليساريين القدامى يقرأون الآن حفظا ما تعلموه في الماضي، وهم سكارى!

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى