مقالات مختارة

إستُنفدنا!: ناحوم برنياع

 

سلباً أو ايجابا، لقد كانت مارغريت تاتشر احدى رؤساء الحكومات الأبرز في بريطانيا في القرن العشرين، في مجموعة واحدة مع لويد جورج وتشرتشل، وشغلت منصب رئاسة الحكومة 11 عاما، من 1979 إلى 1990. وفي النهاية إشمأزت منها الساحة السياسية جميعها بما في ذلك قيادة حزبها، وأُجبرت على الانسحاب بطريقة مخجلة.

بيتر هانسي، مؤرخ ومحلل سياسي، رافق صعود وهبوط تاتشر عن قرب. وفي كتابه «رئيسة الحكومة» وثق بطريقة بريطانية جافة الخندق الذي علقت فيه تاتشر في النهاية. وقد تحدث ايضا عن نظرتها لما كُتب في الصحف. «قررت مارغريت أنه ليس لديها وقت لقراءة الصحف خلال الاسبوع، وبدلا من ذلك كان مستشارها الإعلامي برنارد إنغهام يصل إلى بيتها باكرا كل يوم ويطلع بنفسه على الصحف ويقدم لها تلخيصا مكتوبا بالطريقة التي يراها مناسبة. وعادة ما كان التلخيص يبدأ بـ«سان»، وهي الصحيفة الصفراء التي أيدتها، وقد أقنعها بأن صحيفة «سان» تعكس الرأي الحقيقي للناس في الشارع وللشعب.

«تشكلت حركة دائرية استثنائية. كانت تاتشر بارزة بعض الشيء، وكان إنغهام يقوم بكتابة الفكرة وملاءمتها مع لغة «سان» ويفرض نشرها على الصحيفة، وحينما كان الخبر ينشر كان يضعه في الأولوية في التلخيص الذي قدمه لمارغريت، وكانت تكون سعيدة عند الاكتشاف أنها هي والشعب شيء واحد – الشعب البريطاني يشاركها آراءها».

كان السقوط مؤلما. «الكثير من مؤيديها في الكابنت والحزب كانوا يأملون أن تستغل اليوم السنوي العاشر لوجودها في السلطة، أيار 1980، من اجل الانسحاب باحترام والابقاء على انجازاتها السابقة. هذا لم يحدث، ففي صيف 1989 قررت المنافسة من جديد في الانتخابات من اجل البقاء في السلطة وتحقيق انجازاتها. وفي منتصف الفترة الانتخابية القادمة، كما قالت، سيكون عدد من المرشحين في الحزب قد اكتسبوا الخبرة لوراثتها.

«لقد تصرفت وكأنها تجلس كل ليلة في الاستوديو الخاص بها في الطابق الاول في داونينغ 10، وترى من النافذة الشعلات التي يشعلها الاعداء الذين يحيطون بها وينتظرون ذهابه.

«كان هذا الامر يتطلب تركيزا غير متوقعا لمجموعة احداث لاجبارها على المغادرة، ولكن عندما حدث السقوط كان سريعا لدرجة تحبس الأنفاس».

يقتبس هانسي تفسيران لاثنين من زملاء تاتشر، الاول يقول: «اتخاذ القرار في الحكومة هو عملية بناء اجماع، يجب على الوزراء الدفاع عن القرارات المشتركة ولا يمكن العمل عند وضعهم في ظرف يكون فيه الخيار الوحيد الخضوع أو الاستقالة».

ويقول الثاني: «كانت تاتشر رئيسة حكومة كبيرة، لا جدل حولها، وتراجيديتها أنه لن يتم تذكرها كثيرا بسبب انجازاتها، وايضا بسبب عنادها وآرائها التي تحولت أكثر فأكثر إلى مناكفة».

نتنياهو ليس تاتشر. ففي مفهوم معين هو عكسها تماما، ولكن هناك وهنا ايضا فان استمرار التواجد في السلطة له ثمنا نفسيا كبيرا. حيث يتحول الحلم إلى تصدق، والسعادة إلى المرارة، والطموح إلى هوس وانغلاق، والالتصاق بالكرسي إلى دين. الفترة الرئاسية الرابعة هي نقمة: في احيان قليلة جدا تنتهي بشكل جيد. نتنياهو يعرف هذا بالطبع، يعرف وينسى، جميعهم ينسون.

الحكومة القادمة

قال لي أحد الوزراء السابقين: «نتنياهو هو السياسي رقم واحد، جنرال السياسة في اسرائيل». لماذا إلى هذا الحد؟ سألت. وأوضح لي: «منذ عشر سنوات نتنياهو هو رئيس الحكومة، وفي هذه الفترة يأتي رقم اثنين بعد بن غوريون. وقد نجح في الانتخابات ثلاث مرات ولديه فرصة جيدة للمرة الرابعة».

اذا كان المعيار الوحيد هو مدة الحكم فهذا الوزير صادق، ولكن القيادة الوطنية لا يجب أن تُحاكم حسب المدة الزمنية التي يجلس فيها السائق خلف المقود، أو القدرة التي يُظهرها في الضغط على الزامور. والسؤال هو إلى أين يذهب وهل هو يذهب أصلا إلى مكان ما.

مكتب رئيس الحكومة يضج بالعمل في هذه الايام. محادثات مع درعي، ومع لتسمان وغافني. هل سيتعهد السياسيون الحريديون بأن يوصوا رئيس الدولة بنتنياهو بعد الانتخابات القادمة، أم سيغطون أنفسهم بسترة الحاخامات الواقية. ماذا يريدون في المقابل، وماذا نتنياهو مستعد لاعطائه. المقاعد فارغة في الحكومة الحالية لكن القلب والرأس في الحكومة القادمة، حكومة الفترة الانتخابية الرابعة، الحكومة التي ستربط من جديد بين لتسمان ونتنياهو، بين الحريدي والخائف.

الميزانية عالقة حتى الآن. أعلن رئيس الائتلاف: الميزانية لن تتم المصادقة عليها في نهاية كانون الاول بل في نهاية آذار. ميزانية الأمن لم تقدم للكنيست لأن رئيس الحكومة لم يقرر بعد الرقم الذي ستتضمنه – 57 مليار شيكل، هل يمثل هذا كل ميزانية الأمن أو جزءً منها. هناك جدل عنيف في هذا الموضوع بين المالية ووزارة الدفاع، والطرفان ينتظران رئيس الحكومة لاتخاذ القرار لكن نتنياهو ليس لديه رأس ليقرر حول ميزانية الأمن: هو مشغول في انتظار قرار الحاخام من غور.

كان وزير الدفاع بوغي يعلون ينوي الاعلان قبل اسبوعين عن قراره تعيين اللواء غادي آيزنكوت لرئاسة الاركان، لكن البلاغ لم يصل لأن نتنياهو لم يوافق بعد، فهو متردد وقد التقى مع المرشحين، والتقوا مرة اخرى لكن لا يوجد قرار. ليس الحديث هنا عن لاعبي كرة قدم يأتون للقاء من قارة بعيدة. رئيس الحكومة يعرف المرشحين جيدا بفعل منصبه، لكن القرار لم يأت بعد.

ميزانية الدولة، ميزانية الدفاع، تعيين رئيس الاركان، ضريبة قيمة مضافة صفر، الاصلاحات في الصحة، قانون القومية اليهودي – هذه ستة أمثلة حول مواضيع غير معقدة جدا، قابلة للحل بالتأكيد، وهي عالقة في مكتب رئيس الحكومة. وفي الساحة السياسية هناك من يتهم عناد يئير لبيد بالمسؤولية عن بعضها، ومبعوثه في الكنيست عوفر شيلح. آخرون يتهمون صدام رئيس الائتلاف زئيف الكين الذي لا يحب اهتمام الرئيس السابق ياريف لفين بوعود لبيد لناخبيه. وفي جميع الحالات يتم حسم ازمات كهذه بعد أن يطرق رئيس الحكومة على الطاولة بدقيقة، لكن الطرقة لم تأت.

في غياب رب البيت فان الائتلاف يتهاوى. المادة اللاصقة الوحيدة التي تربط الآن أجزاء الائتلاف هي السم الذي يصبه كل واحد من رؤساء الاحزاب على نظيره. ماذا كان سيحدث لو تنازلتم بارادتكم عن قيمة مضافة صفر، سألت الجهة التي فيها لبيد. كانوا سيقدمون لنا فورا قانون حنين الزعبي ويشوشون على اصلاحات غيرمان. هذا هو الجواب الذي حصلت عليه. ماذا كان سيحدث لو وافقتم على المصادقة على قانون قيمة مضافة صفر، سألت جهة نتنياهو. كانوا سيقيمون حكومة من غيرنا، كان هذا الجواب. بكلمات اخرى لا يوجد ما نتحدث عنه.

الليكود ويوجد مستقبل مثل زوجين قيد اجراءات الطلاق، حيث يصمما، بعد نصيحة المحامي، بالاستمرار والعيش في نفس الشقة. هو يقول لها أتركي البيت. فتقول له لا، أترك أنت البيت، سأقوم بكسر الزهرية التي تحبينها. اذا سأحطم لك التلفاز الذي تحبه. ويقول لها سأحرق البيت، فتقول له ممتاز وتقدم له عود الثقاب.

اضافة إلى كل ذلك، القدس تشتعل. المواجهات العنيفة بين العرب واليهود أمر يومي، وهي تمتد إلى مدن اخرى وراء الخط الاخضر. الجمهور ينتظر الافعال، التهدئة والردع، موجة عنصرية تغطي البلاد. رئيس الحكومة يريد التهدئة ولكن أجواء الانتخابات التي خلقها أقوى منه. فهو ووزراءه يتنافسون على ايجاد أفكار لعقوبات جماعية للعائلات والأحياء والقرى. التصريحات تتحول إلى عناوين وتتسبب بالضرر وتختفي كما ظهرت.

في أحد الايام عندما كانت في البلاد أحزاب، كان سيقوم شخص ما شجاع من حزب السلطة ليقول كفى، لقد استُنفدنا، لقد مل الجمهور وضاق ذرعا بكم، وهو مقتنع بأن مصير الدولة لا يهمكم، بل ما يهمكم هو الخداع والفائدة. واذا استمررنا هكذا ففي الانتخابات القادمة سيصل إلى صناديق الاقتراع الحريديين والمستوطنين فقط. ليس الحديث عن الدولة اليهودية هو الذي سيقتل الديمقراطية بل خيانتنا اليومية لثقة الجمهور.

إستُنفدنا، هذا ما كان سيقوله الرجل، إستُنفدنا، وأنت يا رئيس الحكومة لم تفعل أي شيء في الولايات الثلاث، ولن تفعل أي شيء في الولاية الرابعة، لم تقم بابادة حماس ولن تريد ابادتها، المخربون الذين لم تردعهم ولن تردعهم، السلاح النووي الإيراني الذي لم تدمره ولن تدمره، الاصلاحات الاقتصادية التي حلمت ذات مرة بأن تفعلها، لن تفعلها. كانت لديك سنوات جيدة أكثر وجيدة أقل. نريد الاشتياق لك، ونريد اعطاءك حقك ونفخر بك. فقط أعطنا هذه الفرصة.

العنوان السيء للعرب

في صيف 2011 كان آفي ديختر، الوزير السابق، عضو في حزب المعارضة كديما وكان يشعر بالملل، وقد قدم اقتراح قانون شخصي وصل إلى العناوين بسبب البند (4أ) الذي الغى المكانة الرسمية للغة العربية. ديختر أقنع زملاءه في الكنيست على التوقيع على الاقتراح. «هل جُننت؟»، قال له عضو الكنيست روبي ريفلين (الليكود) «أنت بالذات، الغربي الوحيد في الكنيست الذي يتحدث العربية بطلاقة، تطلب بالغاء اللغة العربية، هذا جنون مطلق».

لكن آخرين وقعوا. هذا ما يفعله اعضاء الكنيست: يوقعون من اجل الاصدقاء آملين أن يردوا لهم الجميل ويوقعوا لهم، من المخجل أن ترفض، يقولون. هو أو هي طلب بشكل مؤدب. عضو الكنيست في حينه روني بار أون الذي يظهر كأحد المقترحين، يقول إنه وقع بدون تركيز. «ركض ورائي ديختر مع الاوراق في كل مكان»، قال «لقد وصل حتى المراحيض».

تسيبي لفني التقت مع بار أون في الممر، خارج المراحيض. «أنت لا تفهم على ماذا وقعت»، صاحت به. بار أون ندم. وحسب ما يتذكر فانه طلب ازالة توقيعه من الوثيقة.

وقد وقع آخرون ايضا، شخصيات من اليمين مثل آريه الداد وزئيف الكين، ويزين الوثيقة ايضا توقيع شاؤول موفاز ومئير شتريت ونحمان شاي وشلومو مولا وزئيف بلسكي وفؤاد بن اليعيزر وشاي حرمش. هذا الاقتراح صمد ايام معدودة في وسائل الإعلام وبعد ذلك تلاشى.

كان اسم اقتراح القانون «اسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي». عندما قرر الكين تقديم الاقتراح مرة اخرى في الكنيست الحالية، قامت المستشارة الإعلامية، نوغا كاتس، بعمل قص ولصق. قانون الكين يتطابق بشكل كامل مع قانون ديختر باستثناء اسماء الموقعين.

ما تم اعتباره نكتة في عام 2011 تحول إلى أمر وجودي في عام 2014، نتنياهو الذي قال في عدة مناسبات إنه لا ينوي تمرير القانون في الكنيست، قام بتبنيه بأثر رجعي. المتلازمة الكلامية «القومية اليهودية» سحرته، وذكرته بـ «نتنياهو جيد لليهود»، وهو الشعار الذي ساعده على الفوز على شمعون بيرس في انتخابات 1996. ومن هو جيد لليهود فهو سيء للعرب، ومن هو سيء للعرب يحصل على إكرامية في صناديق الاقتراع. لابين لم يكن يستطيع صياغة هذا أفضل منه.

في اسرائيل لا توجد اليوم أهمية لكلمة يهودي إلا عندما تُذكر مع نقيضها، العربي. وفي الأصل فان اقتراح القانون كان يهدف إلى تقوية الحلم الصهيوني كما فهمه ديختر في وجه قرارات محكمة العدل العليا، التي استندت إلى قانوني أساس كرامة الانسان وحريته وحرية العمل. وتحولت في أفواه اليمين إلى صيغة جديدة غير مقبولة في القرن الواحد والعشرين، والى وثيقة استقلال.

لقد وعد آباءنا أن تحافظ اسرائيل على المساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسية بين المواطنين بدون فرق في الدين أو العرق أو الجنس. وقد كان هذا الوعد من اجل أخذ الشرعية للدولة الجديدة في العالم وشكل أمنية وليس أمر قضائي ملزم.

في اقتراحات القانون الجديدة لا توجد مساواة. كما تقول البروفيسورة روت غابزون التي كتبت وثيقة حول الموضوع، يقومون بتحويل ما أبقاه آباءنا كأمر غامض إلى أمر واضح لا حاجة اليه. والغموض يتوجه إلى الداخل أما الوضوح فينطلق للخارج.

الفرق، كما تقول غابزون، هو بين نائب اللواء عوفر فنتر، قائد وحدة جفعاتي الذي حارب في «الجرف الصامد» باسم قادة الجيش، وبين نائب اللواء غسان عليان، قائد وحدة جولاني الذي حارب باسم شعب اسرائيل. شعب اسرائيل هو لقب ذو مغزيين: هو الشعب اليهودي أينما كان والشعب الموجود في دولة اسرائيل. غابزون تؤيد فكرة جولاني. وأنا ايضا.

من لحمنا

أريد طمأنة رجال اليمين الذين هاجموا رئيس الدولة هذا الاسبوع، وكذلك رجال اليسار الذين عانقوه بحرارة: لم يقم روبي ريفلين بعملية جراحية لتغيير الجنس. ما قاله الآن كان يقوله في السابق، عندما ان عضو عادي في الليكود. لكنه مواظب وشجاع وعقلاني: فهو يتصرف بحكمة، مثال يحتذى. ماذا نطلب أكثر من رئيس الدولة ولا يوجد لديه.

موشيه فايغلين، زعيم حزب ديني يميني في مركز الليكود، بادر إلى مبادرة عشية أحد الانتخابات الداخلية في الحزب: لقد التقى مع جميع المرشحين وطلب منهم التوقيع على تعهد بعدم رفع اليد والتصويت على أي تنازل عن أي شبر من ارض اسرائيل. اذا تعهد المرشح فسيحصل على تأييد جماعة فايغلين، واذا لم يتعهد فلن يحصل.

هذا الاقتراع لفايغلين تم استيراده من الولايات المتحدة. مجموعة يمينية أنشئت في السنوات الاخيرة قامت بجعل مرشح الكونغرس الجمهوري يوقع على تعهد بأن لا يصوت أبدا وفي أي حال من الاحوال على رفع الضرائب. هذه المبادرة أنهت مجال المناورة السياسي للزعامة الجمهورية.

ريفلين الذي عمل من اجل ارض اسرائيل الكاملة حينما كان فايغلين يتعلم في المدرسة، رفض هذا الطلب. «اذا لم تثق بقولي الشفهي فماذا ستستفيد من التوقيع؟»، وتم اخراج اسم ريفلين من القائمة التي كانت لدى جماعة فايغلين، وبالتالي فلم يتم انتخاب ريفلين في حينه. عدد آخر وقعوا وانتخبوا وأيدوا الانفصال بدون تردد.

فايغلين الذي مُنع في الماضي من أن يكون عضوا في الكنيست هو اليوم عضو كنيست محترم في الليكود، نائب رئيس الليكود. وعندما طلبت منه في هذا الاسبوع اسماء الموقعين الذين تراجعوا قال إنه لا يتذكر. قدمت له التعازي لأن النسيان هو مرض منتشر في السياسة. وتذكرت أن ريفلين تحدث ذات مرة عن شخصين خيبا أمله: ليمور لفنات ويوفال شتاينيتس.

عودة إلى ريفلين. عندما كان رئيسا للكنيست احتج أمامه اعضاء كنيست من اليمين بأن الشرطة تقيد صعود اليهود المتدينين إلى الحرم. فقام ريفلين باستدعاء لواء الشرطة نيسو شاحم، وهو قائد شرطة القدس. وقد حذر شاحم من المظاهرات. فهم يُصلون بخلاف الاتفاق، قال شاحم، والأخطر من ذلك أنهم يأخذون معهم النبيذ إلى الحرم، والمسلمون الذين يمنعون شرب النبيذ يرون في ذلك كُفراً.

هذا ليس نبيذا، قالوا له، إنه عصير عنب. والزجاجات؟ سأل ريفلين، الزجاجات هي للنبيذ، اعترفوا. أنتم تذهبون إلى الحرم من اجل الاستفزاز، قال ريفلين، وأنا أشد على يدي قائد شرطة القدس.

لقد صعد ريفلين مع شارون إلى الحرم حيث نشبت الانتفاضة الثانية بسبب ذلك. كان في نية شارون الدخول إلى اسطبلات سليمان، تحت المسجد الاقصى. وأقنعه ريفلين بالتنازل عن ذلك على اعتبار أن الدخول إلى المسجد من شأنه اثارة الشغب. كان من المريح لشارون استخدامه كسترة واقية. أنت رئيس الحزب، قال شارون. أنا أقبل سلطتك (هكذا تصرف نتنياهو عندما أراد تمرير قانون القومية في الفترة الانتخابية السابقة. لنقل إنني أردت وأنت لم تسمح لي، قال لريفلين).

يؤمن ريفلين بدولة واحدة بين النهر والبحر، متساوية للجميع، ومتحملة للجميع. يمكن اتهامه بالسذاجة، ولكن بخلاف الكثيرين من اليمين واليسار في اسرائيل، فان قناعته نظيفة من كراهية الآخر ومن العنصرية. هو الوحيد تقريبا في الساحة السياسية القادر على محادثة العرب داخل الخط الاخضر ووراءه وفي الضفة وعلى مستوى النظر.

«عندما نتحدث عن العلاقة بين الجمهور اليهودي والعربي في دولة اسرائيل يجب الادراك أننا نتحدث عن أكثر من خُمس مواطني الدولة»، قال في اجتماع للمحامين في ايلات هذا الاسبوع. «هم من لحم هذه البلاد، وهذه البلاد هي وطنهم. هم ليسوا فقط أفرادا متساوين في الدولة بل هم جماعة سكانية لها هوية جماعية وثقافة ودين».

«التمييز الخطير تجاه الجمهور العربي في التربية والبنى التحتية والتخطيط والبناء لا يناسب الطابع الديمقراطي للدولة ولا طابعها اليهودي… لا سيما في هذه الايام التي يوجد فيها ارهاب وقتل، فمن واجبنا أن نعود ونردد على أنفسنا – يهودية، أي ديمقراطية، ديمقراطية، أي يهودية».

زيت وماء

وزراء خارجية الجامعة العربية سيجتمعون في يوم السبت في ليبيا، وسيطلب أبو مازن تأييدهم من اجل التوجه إلى مجلس الأمن، وخطوته هذه تتفاعل في واشنطن وباريس. الامريكيون الذين لا يتسرعون في استخدام الفيتو هذه المرة، يقومون هذه المرة بتحضير اقتراح خاص بهم، وكذلك الفرنسيون. بعد التوجه إلى مجلس الأمن سيتوجه أبو مازن إلى المنظمات الدولية الاخرى. وسترد اسرائيل بعقوبات اقتصادية على الضفة الغربية، وهذا لن يكون حسنا.

اسرائيل تسمي هذا الامر ارهاب سياسي. ارهاب وسياسي، هذا مثل الزيت والماء لا يمكن الربط بينهما، ومن يقوم بالربط بينهما فهو يزيد من الارهاب.

في شباط سيحتفل أبو مازن بالثمانين من عمره، وقد هدد مرة اخرى بالاعتزال، وهو ليس له وريث، وبالتأكيد ليس وريثا مخلصا مثله في محاربة الارهاب. وهناك من يحذر في اجهزة الأمن الاسرائيلية من انهيار السلطة، وآخرون يقولون إن هذا لن يحدث بسبب وجود الكثير من المحسوبيات والمصالح.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى