مقالات مختارة

الحميّة المضادة للصهيونية آري شبيط

 

لم يسبق أن مرت الصهيونية بهجوم شامل إلى هذا الحد، خطير إلى هذا الحد وعميق إلى هذا الحد.

قانون القومية؟ إنه قانون ضد الصهيونية ويُفتت المفهوم المركب والحيوي للدولة اليهودية الديمقراطية. في حين أن الاساس اليهودي لحياتنا موضوع فوق الاساس الديمقراطي فان الاثنان سيتلاشيان. في القرن الواحد والعشرين لا توجد دولة يهودية وغير ديمقراطية، وفي الشرق الاوسط لا توجد دولة ديمقراطية ليست يهودية.

لذلك من الواجب الحفاظ على التوازن الدقيق بين هذين الاساسين. هكذا فعل هرتسل وجابوتنسكي وبن غوريون في حينهم، وهكذا فعل اهارون براك ودان مريدور وأمنون روبنشتاين في حينهم. هكذا تطورت اسرائيل كدولة حُرة في معمعان تناقضاتها. لكن المتوحشين في الليكود غير الليبرالي وفي البيت اليهودي غير الديمقراطي لا يفهمون ذلك. هؤلاء الأقزام القوميين لا يفهمون أبجديات الحركة الهرتسلية، وعندما يضعون يدهم الفظة على البنية الاصطلاحية المميزة لاسرائيل – كل شيء يتهاوى. ما بُني خلال أكثر من مئة عام – يتم سحقه. ما بُني في 66 عاما من الديمقراطية الاسرائيلية ـ يتم تدنيسه.

مثل المتطرفين الإسلاميين الجدد الذين يحاولون اعادة الإسلام إلى العصور الوسطى، هكذا ايضا الشوفينيين اليهود الجدد يحاولون اعادة القومية اليهودية إلى ظلام القرون السابقة. لقد خرجوا عن أطوارهم. لم يكن للصهيونية منذ بدايتها أعداءً مثل الاصوليين الذين يجلسون اليوم في القدس ويعملون ما في وسعهم من اجل خراب البيت.

الاستيطان؟ الاستيطان هو ضد الصهيونية. تحديات كثيرة وثقيلة تقف أمام الدولة. لا يمكن المبالغة في أهمية تحدي السلاح الإيراني – تهديد وجودي بالفعل. لا يمكن المبالغة في أهمية تحدي الفوضى العربية – خطر حقيقي موجود في انهيار الوضع المستقر في الشرق الاوسط وبشكل غير مسبوق. لا يمكن المبالغة في أهمية التحدي الداخلي – تهديد حقيقي بأن اسرائيل تحولت إلى مجتمعا قبليا مشرذما وليس لها مثل أعلى مشترك، لا توجد لها قصة مشتركة ولا توجد لها قيادة ملائمة. لا يمكن المبالغة في أهمية التحدي الاقتصادي الاجتماعي – خطر حقيقي بأن الديمقراطية الاشتراكية في اسرائيل قد تحطمت واستُبدلت بنظام عدم المساواة الذي لا يسمح للطبقة الوسطى بالشهيق، ولا يسمح للطبقة العاملة بالزفير.

لكن بدلا من الاهتمام بالتحديات الاربعة الكبيرة فاننا نهتم بالاستيطان. المزيد والمزيد والمزيد والمزيد من المستوطنات. المزيد والمزيد والمزيد والمزيد من المستوطنات. هل نريد بالفعل أن نفقد الاغلبية اليهودية والجانب الاخلاقي والعمل الصهيوني؟ هل بالفعل نريد اخراج اسرائيل كليا من أسرة الشعوب؟ منذ بداية الصهيونية لم يكن لها أعداءً أخطر من منشئي المستوطنات الذين يلونون اسرائيل بلون روديسيا.

سر نجاح الحركة الوطنية اليهودية كان أنها انشأت تعارض واضح بينها وبين الواقع الذي عاشت فيه. من حولنا صحراء؟ نحن واحة في هذه الصحراء. من حولنا انظمة قمعية؟ نحن دولة ديمقراطية. من حولنا تخلف؟ نحن التقدم. من حولنا أصولية وطقوس الموت؟ نحن الاعتدال واختيار الحياة.

لكن القطيع الذي سيطر على الكنيست التاسعة عشرة والحكومة الـ 33 يُصر على تشويش هذا الاختلاف. بالذات في الفترة الأكثر حساسية في تاريخنا يسعى هذا القطيع إلى تحويلنا إلى جزء من مكان قبلي، قومي، مسيحاني وعنيف.

اللاصهاينة الجدد الذين سيطروا على السلطة يضعضعون أساسات اسرائيل. يُشعلون القدس ويتسببون لنا بالكارثة.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى