مقالات مختارة

هل الاتفاق على «رئيس قوي».. ممكن؟ نبيل هيثم

 

واكب اللبنانيون اجتماعات فيينا، وعلق بعضهم آمالا كبارا على ان الجبل النووي سيتمخض حلولا وتوافقات تسحب نفسها على المنطقة، ولبنان ضمنا. ومع «التأجيل الايجابي» للاتفاق النووي بين الغرب وايران الى حزيران، نزل اللبنانيون عن شجرة التوقعات والآمال التي بنوها على التفاهمات النووية، يجمعهم سؤال وحيد: هل ستلفح الايجابيات المنطقة ومعها لبنان، ام ان المنطقة ستبقى على اشتعالها وان لبنان سيبقى معلقا بكل قضاياه الى ما بعد حزيران المقبل؟

تلك التساؤلات كانت محل تداول في جلسة سياسية مغلقة ضمّت مجموعة من المعنيين، قرأت مشهد المنطقة، وخرجت بالخلاصات التالية:

– لبنان لم يسبق ان مر بصعوبات كمثل التي يمر بها في هذه الفترة. في حرب السنتين كان الوضع اقل صعوبة ومع ذلك انقسم البلد وفرطت الدولة. لكن اليوم ثمة مسألة مضيئة هي ان الدولة ما زالت قائمة والجيش متماسك وموحد.

– من المعيب على لبنان والمسؤولين فيه ان يمر عيد الاستقلال بلا رئيس للجمهورية.

ـ من الخطأ القول ان الخارج يعطل رئاسة الجمهورية في لبنان، حتى ولو كان بعض هذا الخارج غير متحمس حاليا لانتخاب رئيس جديد. لدى اللبنانيين قدرة على إلزام هذا الخارج بانتخاب رئيس في اسرع وقت، الا ان المشكلة الكبرى هي ان اللبنانيين هم الذين يعطلون الرئاسة بخلافاتهم، ويوفرون للخارج الاسباب الموجبة لعدم الحماسة في اجراء الانتخابات، اذ كل فريق لبناني ينتظر حصول تبدلات في المنطقة تمهد له الطريق الى القصر الجمهوري.

– معاناة لبنان الحالية متأتية من الانقسام الطائفي الحاد. واستمرار هذا الانقسام، خصوصاً بين السنة والشيعة، معناه بقاء البلد في حال تدهور مستمر. وثمة سبل ثلاثة لردم هذا الانقسام: اعتراف كل منهما ببعضهما البعض وبقدرة وبحقوق كل منهما، وبعدم قدرة اي منهما على الحكم او التحكم بمعزل عن الآخر. الحوار، لأنه لا مفر للطرفين من الالتقاء عاجلا أم آجلا على مساحة داخلية مشتركة. انتخاب رئيس جمهورية قوي، يستطيع ان يجمع بينهما وقادر على ان يجعل من نفسه النقطة التي تجمع ولا تفرق ما بينهما ومع المسيحيين وسائر الطوائف.

– قبل ان يتقاتل اللبنانيون على رئيس الجمهورية، ويدخلوا البلد في توتر سياسي، يجب ان يتعمقوا في التفكير ان كانت الجمهورية ستبقى ام لا، فمشكلة اللبنانيين انهم كالاعمى الذي لا يرى او يعرف ما يجري من حوله، فالمنطقة يضربها زلزال عنيف تزول معه دول، وتمحى حدود وتلغى اوطان.

– من الآن وحتى جلاء صورة المنطقة، فلبنان يجب ان يتجاوز هذه المرحلة بالتي هي احسن وبأقل الخسائر والاكلاف السياسية والعسكرية والامنية الممكنة. علما ان هذا اللبنان لا يحسد على الطبقة السياسية التي تحكمه، فهي حالة مستعصية وعصية على ان يقدر احد على تجاوزها، فلا يمكن الحكم معها، كما لا يمكن الحكم من دونها. لقد صارت شرا لا بد منه.

– بعض الاشارات الواردة من واشنطن، باتت تشي برغبة اميركية جدية بفصل لبنان عن ازمة المنطقة، عبر استعجال انتخاب رئيس للجمهورية، وثمة توجيهات للطاقم الديبلوماسي في السفارة في بيروت للدفع في هذا الاتجاه.

– طالما ان الجرح السوري ينزف فلبنان سيبقى على تأثره بهذه الحالة المرضيّة، وهنا تأكيدات بأن الولايات المتحدة الاميركية ابلغت بعض المسؤولين اللبنانيين انها متمسكة باستقرار لبنان الى ابعد الحدود ولا تريد ان تمتد النار السورية اليه، ومن هنا ياتي الدعم العسكري للجيش اللبناني والدعم الاستخباري الاميركي الذي يقدم الى الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية في مواجهة المجموعات الارهابية. بعض اللبنانيين سمعوا من مسؤولين اميركيين ما حرفيته:

«أولاً، لبنان يعنينا اكثر من اي وقت مضى، فلا تفرطوا باستقراره، نحن مستعدون لمساعدتكم، والجيش اللبناني في رأس اولويتنا في دعمه وتمكينه من القيام بمسؤولياته، وإن تأخرنا في ذلك اضغطوا علينا لكي نقدم لكم المساعدة.

ثانيا، ان واشنطن على استعداد لكل دعم معنوي ولوجستي للبنان، فهي تدرك ان هذا البلد ورغم صغر مساحته وتواضع القدرات التسليحية لجيشه قاتل الارهاب افضل من اي دولة في الشرق الاوسط، وهي تعلم بالتفصيل كل التفاصيل اللبنانية، وواضحة امامنا كل الصورة اللبنانية، ولاسيما في ما خص مواجهة الارهاب، سواء في عبرا او طرابلس، ومن يموّل الارهابيين ومن يتوسط لهم ومن يغطيهم وبالاسماء، وكذلك ما جرى في عرسال في 2 اب الماضي وانتهاء بمعركة طرابلس الاخيرة وصولا الى فرار الارهابي شادي المولوي الى مخيم عين الحلوة».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى