مقالات مختارة

إجتياح «داعش» للبنان لم يطوَ.. ولم يُسحب ولم يسقط !! ماري حدشيتي

 

ذكرت اوساط متابعة للحركات الارهابية في العالم، بان خطة «داعش»، بدأت لبنانياً، في تركيزها على استهداف الجيش اللبناني، والمناطق المحسوبة على «حزب الله»، مثلما فعل تنظيما «كتائب عبد الله عزام» و«النصرة»، في سياق «الانتقام من تدخل الحزب في سوريا»، وفق بياناتهما بعد وقوع العمليات الانتحارية وقبلها .

أما المعارك والاشتباكات المسلحة وخطف العسكريين في عرسال في 2 آب 2014، فإنها حتى اليوم تطرح علامة استفهام لدى كبار الضباط، من شأن الإجابة عنها توضيح المسار المقبل لتوجّه «داعش» و«النصرة» في فرضية التمدد لبنانياً، علماً بأن غالبية المعطيات الأمنية المتوافرة تؤكد صعوبة اللجوء إلى خيار التمدد في لبنان .

وتضيف الاوساط بان اجتياح «داعش» للبنان، على غرار ما فعل مسلحو البغدادي في شمال غرب العراق، مشروع لم يطوَ ولم يُسحب ولم يسقط لا بل إن اجتياحاً فعلياً كهذا لا يزال خطراً قائما داهما وجاثما. وبإن الاحتمال الجدي والواقعي الوحيد لاجتياح «داعش» للبنان ينطلق من جرود جبال القلمون، وتحديداً من السفح الغربي للسلسلة الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا، حيث تجمعت هذه الخلية الإرهابية «الداعشية» في تلك المناطق الجبلية كقوة كبيرة من المسلحين من جنسيات مختلفة، هم بالفعل فلول كل المعارك الخاسرة للمعارضات السورية المختلفة . فقد لجأ إلى تلك المنطقة كل مهزومي القصير ومعارك حمص، ومن بعدها معارك يبرود ومحيطها، وعمليات تنظيف كل الجيوب المسلحة في مناطق سورية شاسعة تمتد من النبك إلى القلمون.

وتشير الاوساط، الى ان هذه المسألة تعد صعبة في الأساس ومعقدة ولا تخلو من حساسيات معروفة. وهي تقتضي توافقاً لبنانياً وقراراً سياسياً كبيراً للمعالجة، أو على الأقل لدرء الخطر المحدق وفي هذا السياق نرى أن القوى العسكرية اللبنانية عملت في الفترة الماضية على جس النبض على الأرض في المنطقة ، لمعرفة حقائق الأمور وتقدير خطورة الأوضاع، حتى أنها حاولت الذهاب في عمليات جس النبض أكثر مع توغل دوريات عسكرية إلى نقطة متقدمة شرق عرسال.

لقد أصبح تنظيم «داعش» بما يمتلكه من قدرات عسكرية ومادية مصدر تهديد رئيسي ليس للبنان بل للأمن والاستقرار الدوليين على حد قول المصادر، ومع ذلك لا يجب أن يغيب عن الأذهان بأن داعش ليس التنظيم الوحيد الذي يهدد حاضر ومستقبل المنطقة بخارطتها السياسية والاجتماعية والدينية المتخمة حتى الثمالة بالتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة الرسمية وشبه الرسمية التي تنشئها الأحزاب والقبائل والجماعات المتصارعة، بالإضافة إلى الخلايا الإرهابية النائمة المتفرخة من «تنظيم القاعدة» والمتوثّبة لما بعد زمن «داعش» و«القاعدة» و«الأنصار» بمختلف مسمياتهما، بعضها لا يزال في طور التشكل والبعض الآخر في طور الكمون السياسي بينما جزء منها ناشط وفاعل، ويقف وراء تشكيل هذه التنظيمات والمليشيات تيارات وجماعات متسلحة بفكر متشدد وعقيدة متطرفة، تستخدمها لتحقيق مصالح ومشاريع وأجندات فئوية عصبوية وتفكيكية، مع أن هذه المليشيات لم تكن غائبة عن المشهد الأمني والسياسي في المنطقة وستظل كذلك في ظل وجود «داعش» أو عدم وجوده، وأنه في حالة إضعافه أو تدميره ستحل محله التنظيمات المتفرعة منه ومن القاعدة، لأن داعش سيتشظى إلى كيانات إرهابية متعددة تشترطها حاجة بعض التيارات الاجتماعية أو السياسية أو الدينية لحماية ذاتها من سطوة وتسلط وابتزاز مليشيات أخرى.

وتختم الاوساط بان الولايات المتحدة لا تسعى للقضاء على «داعش» وإنما لاستثمارها بهدف إطالة أمد الصراع في المنطقة وإخراج جميع الأطراف من المعادلة كمهزومين أمام منتصرين لا يقبلون الشراكة في النصر أي الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم الغربيين وليسوا العرب الذين ينفذون أدواراً وظيفية ومنشغلون في إبعاد الخطر عن ممالكهم، والدليل فإن ما قيل في القرار رقم 2170 الصادر عن مجلس الأمن كان يصلح لأن يشمل لبنان أيضاً خاصة وأن ما قام به داعش في لبنان لا يقل وحشية عما يفعله في غير أماكن ولا يعتبر لبنان خارجاً عن خارطة التمدد والسيطرة التي وضعها التنظيم للمنطقة، لكن في لبنان الأمر مختلف ، فالسيناريو هو استدراج لبنان عن طريق داعش إلى عشر سنوات أخرى من الحرب الطائفية يغوص فيها حزب الله والمقاومة اللبنانية في حرب طويلة الأمد مختلفة تماماً عن حربه مع إسرائيل وتعتبر بالنسبة له أولوية آنية باعتبارها تحدد لبنان ووجود المقاومة.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى