مقالات مختارة

يحدثونك عن الاستقامة؟!: جدعون ليفي

انظروا من يتحدثون وانظروا على ماذا يتحدثون: رئيس الاركان ورئيس الشاباك يتحدثون عن «الأخلاق». مثل مدير مطابخ يتحدث عن حقوق الحيوانات، أو مدير سجن يتحدث عن الحرية، أو مدير عام شركة سجائر يتحدث عن الصحة، هكذا هي احاديث الاثنين. تخيلنا للحظة أن اسرائيل تريد أخيراً اجراء حوار حقيقي حول الحرب في غزة. بيني غانتس كتب في رسالته ان الحديث عن «شرخ اخلاقي وان الشاباك تجاوز الحدود» لكن ذلك تركز فقط على صراع الدجاج بين الرجلين هؤلاء الرجال الذين يتصارعون فيما بينهم حول من كان أكبر في الحرب الأخيرة. حرب جنرالات كهذه تندلع دائماً عندما يكون الانتصار ليس انتصار والانجازات ليست انجازات. من هذه الناحية يوجد قيمة لتبادل الاتهامات.

لكن المهم بهذه الزوبعة أنها تتناول القضايا الغير مهمة والهامشية. يعمل هؤلاء الأشخاص على تشويش الواقع والهروب من الاسئلة المؤرقة الحقيقية. هل حذر الشاباك في كانون الثاني؟. لسنا بحاجة إلى الشاباك لنعرف أن غزة لم تكن ستبقى صامتة إلى الأبد في ظل الحصار المفروض عليها، ولا نحتاج إلى الاستخبارات العسكرية كي نفهم أنه لم يقم أي شخص بتخطيط موعد هذه الحرب. ولكن عندما يتهم قائد الجيش رئيس الشاباك بغياب الأخلاقية فمن الجدير أن نستمع للمضمون البنيوي الذي تعنيه هذه الكلمات.

بيني غانتس ويورام كوهين غير موجودان في مكان يخولهم للحديث عن الأخلاق أو الاستقامة، حتى وان كانوا كأشخاص مستقيمين ولا يوجد مثلهم. فانهم يقفون على رأس جهازين يتقنان فن الكذب والسيء هو ما يميز ضميره. بغض النظر عن مدى نجاجهم وقدراتهم، فلا يوجد لهذين الجهازين أية علاقة بالقيم والمثل. ولا يمكن قول غير ذلك بالواقع الحالي. الاثنين مسؤولان، عن جرائم غزة مثلا، هذه الجرائم التي لا تترك مجالاً للحديث عن الاخلاق. لا يوجد انسان عاقل ولا يتزعزع بعد أن يعود من غزة بعد عملية الجرف الصامد – التقيت بعشرات الاجانب الذين عادوا من هناك – الذين تأثروا حتى أعماق روحهم مما شاهدوه. لا يوجد من لا يفكر ان الحديث هنا عن نسخة أكثر بشاعة من «الرصاص المصبوب». ليوزعوا هذا الصيت بينهم وكما يريدون – غانتس وكوهين العسكريين. مئات القتلى بدون داعي، الخراب، الرعب والكراهية التي زرعت مسجلة على اسمائهم. حقيقة انه في اسرائيل لا احد منزعج من ذلك لا تقلل من عمق البشاعة. حقيقة ان اسرائيل منشغلة الآن بتحذير كانون الثاني لا تغير من مسؤوليتها على ما حصل في غزة.

يجب على الاثنين ان لا يتحدثا عن الاستقامة. جزء كبير من عمل الشاباك مبني على الاكاذيب وبالذات مع العرب. ولكن من يعد ومن يعرف التفريق. الجهاز الذي يستند عمله على بناء واستقطاب المتعاونين ويستند على وعودات كاذبة لن يستطيع الحديث عن الحقيقة، من المشكوك فيه ان باص 300 توقف بأي وقت من الاوقات عن السفر. أيضاً جيش الدفاع يعرف الكذب ويعرفه جيداً. في أيار هذا العام قال المتحدث باسم الجيش أنه لم يستخدم السلاح الحي في احداث النكبة في بيتونيا. وبعد نصف عام تبين الكذب، حيث قال وزير الدفاع أيضاً أن شرائط الفيديو كانت مفبركة. انكشف الكذب فقط لان الموضوع تم توثيقه، وعلى العكس من اكاذيب كثيرة اخرى. هذه الحادثة ليست امرا استثنائيا في المناطق حتى وان قال المراسل العسكري في التلفاز «ان التحقيق الذي يجريه جيش الدفاع هو قيمة مقدسة».

غانتس وكوهين غير مهتمان بكل ذلك. وكذلك ايضا الحكومة والاعلام. لا تزعجوهم: هم منشغلون الآن بشهادة دَ حول افعال يَ.

هآرتس 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى