مقالات مختارة

اليمين يصعد والعالم ينسحب… عوزي برعام

 

هزيمة الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس في الولايات المتحدة تشير الى اتجاه معين، لكنها لا تشير الى الانتقال من الليبرالية الى المحافظة، أي من اليسار الى اليمين .

لا شك أنه توجد اتجاهات محافظة واضحة في الولايات المتحدة، وتوجد معارضة للتدخل العميق للدولة في المجتمع والاقتصاد، لكن هذه النتيجة تناسب المزاج الذي يميز منتصف الولاية. وقد ساهم في ذلك شخصية الرئيس براك اوباما وصعوبة تقبل اغلبية البيض رئيسا أسودا لهم.

قبل عشرين عاما كانت الفوارق بين الحزبين ضئيلة. فالجميع صوتوا للجناح الليبرالي في الحزب الجمهوري وللجناح المحافظ في الحزب الديمقراطي. في السنوات الاخيرة زادت الفوارق حيث برز اتجاه محافظ جديد عمل على جر الولايات المتحدة الى الخلف، ونجح في إبراز الفوارق بين الحزبين.

في اوروبا يحقق اليمين انجازات كبيرة. الجبهة الوطنية لـ مارين لابين ليست حزبا هامشيا بل بديلا للسلطة. وفي دول اخرى في اوروبا يحدث تحولا مشابها. يمكن القول أن مباديء اليمين في اوروبا تنفي قيم ومباديء قامت عليها البنية السياسية هناك.

على ضوء الهجرة الكبيرة فقد تبنى اليمين العنصرية والكراهية للغرباء. وهو يؤيد اقتصاد بدون الدعم الحكومي واحيانا يتحفظ على البنية السياسية والقضائية.

جزء من اليمين يدعي المحافظة ويعارض التغيير الاجتماعي ويستند الى قيم مثل الكنيسة والعائلة، بمعناهما الضيق. إن المحافظة متشائمة بطبيعتها وتميل الى الافتراض أن الفرد يجب أن يشق طريقه بقواه الذاتية في العالم، الامر الذي يختلف عما يعتقده الليبراليون.

في اسرائيل ايضا يزداد صعود اليمين، فالمباديء اليمينية في اوروبا قوية هنا أكثر بكثير: معاداة المباديء العالمية كالعدل والمساواة والخوف من التغيير الذي قد يزعزع الاستقرار، والخوف من أي اتفاق سلام وهكذا تم وضع الاساس لزعزعة مكانة الجهاز القضائي لدى الكنيست والجمهور. هذه المشاعر من الخوف والعداء تناسب الايمان القومي الذي هناك من يؤيده ايضا في القيادة. ومن هنا صدق من يقول إن الصراع ليس فقط بين اليمين واليسار بل ايضا بين التطور والمحافظة، بين شعب يريد العيش لوحده وشعب يريد العيش بسلام مع جيرانه.

أمام هذه الاتجاهات يجب تقديم البديل. بنيامين نتنياهو لا يقدم مواقف يمينية لاعتبارات سياسية، بل لاعتبارات وجهة نظره تجاه وضع الدولة والشعب. سياسة التخويف موجهة للابقاء على الوضع القائم لأن أي تغيير من شأنه أن يكون أصعب. من هنا فلنغمض أعيننا ونعود في نفق الزمان عشرين سنة للوراء، هل كان شخص مثل موشيه فايغلين يستطيع بمواقفه وآرائه أن يكون رجل سياسة؟.

في المقابل هناك الاحزاب التي هدفها الأساس هو التوسع بين انتخابات واخرى. هذا التوجه هو كارثي لمن يريد أن يُحدث التحول ويشكل البديل للسلطة الحالية. يمكن رسم خطوط أساسية تحت نفس السقف واقامة جسم من عدة احزاب وسط – يسار لمن يبحثون عن بيت سياسي. وحقيقة أن اقامة حزب بديل ليست موجودة على سلم الأولويات لا تعود لاسباب قيمية ومبدئية وانما لاسباب شخصية لا تُمكنهم من مواجهة اليمين.

(هآرتس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى