مقالات مختارة

جبل الهيكل في أيدينا: جدعون ليفي

من يريد أن يرى الطريق الطويلة التي سارت فيها اسرائيل باتجاه التدين والتطرف يمكنه أن ينظر الى التعامل المتغير مع جبل الهيكل. من يصمم على اعتبار اسرائيل أنها ما زالت دولة غربية متحضرة، لا يستطيع تجاهل التغيير الكبير الذي حصل فيها في السنوات الاخيرة. ومن ما زال يظن أنها مجتمعا علمانيا يجب عليه الانتباه الى القوى الظلامية التي تحركها. لا توجد دولة في الغرب يمكن أن يتحول فيها موقع أثري الى أمر وجودي وسبب لسفك الدماء. لا توجد دولة في الغرب تعتبر فيها القداسة أمرا سياسيا.

خط واحد مستقيم يربط بين المشعوذة التي كانت تذهب اليها شولا زاكين وبين جبل الهيكل: في الحالتين الحديث عن قصة ظلامية. لا يمكن السخرية والتعالي على امرأة شغلت منصبا مهما، وهي تحتاج الى نصائح شخصية بدائية، كما ظهرت المشعوذة أوفيرا، وبنفس القدر القبول بتحويل جبل الهيكل الى موضوع مركزي الى هذا الحد.

إن الظاهرتين تثيران السخرية بنفس القدر. فالتعامل مع جبل الهيكل يضر أكثر من أوفيرا، فما كان حتى وقت قريب يقتصر على القلائل تحول فجأة الى أمر مصيري. هل تذكرون البقرة الحمراء؟ قدوم المخلص وبناء جبل الهيكل كانت أمورا يرغب فيها محررو الصفحات الداخلية في الصحف، في الايام التي لم يحصل فيها شيء. وايضا في حلقات الوضع الراهن الفارغة التي كان التلفاز يقوم ببثها في الظهيرة: كان هناك باستمرار أمرا دينيا جديدا حول هذا الموضوع. جبل الهيكل الحقيقي للاسرائيليين كان المجمع التجاري وجبل الهيكل كان السوق الحرة.

وفجأة حدث الانقلاب: جبل الهيكل تحول الى المعيار «من يسيطر على الجبل – فهو يسيطر على البلاد»، كما كتب في نهاية الاسبوع أحد المحللين، وكأنه يعيش في العصور الوسطى. من المسموح أن تؤمن بأي شيء: أن العالم قد خُلق في هذا الجبل، وعليه حدث امتحان ذبح ابراهيم لإسحاق، ومنه صعد محمد الى السماء. لكن ما هي العلاقة بين الاحداث المثيولوجية التي حدثت قبل 2000 – 3000 عام وبين الواقع السياسي في عام 2014؟.

اغلبية الاسرائيليين لم يزوروا جبل الهيكل، ولم يفعلوا ذلك الآن. ويمكن الافتراض أن مصير الحرم لم يكن على رأس أولوياتهم. وفي الحوض المقدس كان سائدا الوضع الراهن وهو منطقيا الى حد ما: اليهود في الحائط الغربي، والمسلمون في قبة الصخرة (طالما سمح الاحتلال لهم بذلك). وباسم إله الطرفين: ما هو الخلل في ذلك؟ لكن شهية العقارات غير المحدودة لليمين الاسرائيلي ومعها كراهية العرب لم تترك هذا المكان لحاله. اذا كانت شيلا لنا لأنها كانت ذات مرة لقبيلة أفرايم، فمن الواضح أن جبل الهيكل لنا بسبب «حجر الشرب». إن الدولة التي هذه هي معاييرها في السيطرة على الاراضي فهي دولة مجنونة. والمجتمع الذي يؤمن بذلك وهو مستعد للخروج في صراع دموي في القرن الواحد والعشرين فهو مجتمع ضائع.

من السهل اتهام السياسيين من اليمين بأنهم هم الذين يشعلون النار على الجبل. ولكن المتهم الحقيقي ليس هم بل هو المجتمع الذي يزداد فيه من يُقبل «المازوزة» (الكلمات العشر) على الدوام. الدين والدولة متداخلين بعضهما مع بعض وقد تحول الدين الى خليط من كراهية الآخر وزعماء فلوكلور، وهم يعرفون أن عملهم هذا سيثمر من الناحية السياسية. وهم يعرفون أنه بعد قليل ستكون هنا أغلبية مع تدمير المساجد وبناء جبل الهيكل. شولا زاكين والمشعوذة أوفيرا تؤيدان ذلك منذ زمن – ولكنهن «بدائيات» «وظلاميات» في نظر الاغلبية التي تعتقد أنها تعيش في مجتمع متطور وعقلاني وهو من اخترع رشاشات ري العشب.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى