مقالات مختارة

تونس تطرد «فيلسوف الربيع العربي» نورالدين بالطيب

 

تونس | في سابقة لم تعرفها تونس منذ سقوط النظام السابق، جرى مساء أول من أمس، ترحيل «الفيلسوف» الفرنسي الصهيوني برنارد هنري ليفي من أحد نزل ضاحية قمرت القريبة من العاصمة إلى فرنسا، بعد ٢٤ ساعة على وصوله إلى تونس.

فعند وصوله إلى مطار قرطاج الدولي، مساء الجمعة، وجد ليفي في استقباله مجموعة من المتظاهرين الغاضبين الذين رفعوا شعار «ديقاج» (ارحل) في وجهه، ما دفع أمن المطار إلى إبقائه ومنعه من المغادرة، إلى أن وصلت فرقة أمنية أخرى تولّت تهريبه من باب آخر، بعد حوالى أربع ساعات على وصوله.

ولكن ذلك لم يهدئ بال المحتجين على زيارته، فقد شنوا حملة غير مسبوقة من خلال الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، كما تجمعوا أمام النزل الذي أقام فيه مطالبين بمغادرته البلاد.

احتجاج التونسيين على زيارة ليفي، كان على خلفية الدور الإجرامي الذي قام به في ليبيا وسوريا واليمن. فالكثير من الناشطين التونسيين يعتقدون أن وصوله إلى تونس، بعد الانتخابات التي سقط فيها حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» بزعامة الرئيس المؤقت منصف المرزوقي، قد يكون من أجل مخطّط مشبوه لضرب استقرار تونس وإفشال الانتخابات الرئاسية.

وعلاوة على ذلك، يعتقد البعض أن هذه الزيارة لها علاقة بتراجع حركة «النهضة» إلى المرتبة الثانية، الأمر الذي سيحرمها تأليف الحكومة. ويربط هؤلاء هذا الموضوع بما يعنيه من سقوط أبرز حلفاء قطر، التي تقف وراء الأزمة الليبية والسورية، ولا تتوانى عن محاولة التأثير في الجزائر ومصر، من خلال دعمها التنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين».

وأمام الضغط السياسي والشعبي والإعلامي الذي مارسته أحزاب ومنظمات وجمعيات على الحكومة، اضطرت هذه الأخيرة إلى ترحيل برنارد هنري ليفي، كما أعلنت فتح تحقيق لمعرفة الجهة التي تقف وراء دعوته. ويأتي ذلك في الوقت الذي طالب فيه الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية وحركة البعث، بترحيله الفوري، وبفتح تحقيق جدي وسريع لتحديد الجهة الداعية، كما أعلن المحامي عبد العزيز الصيد أن مجموعة من المحامين ستقاضي الجهة الداعية، لما لزيارة ليفي من مخاطر على الأمن القومي والإقليمي.

وفي هذا الإطار، سارعت رئاسة الجمهورية، وحزبا «المؤتمر من أجل الجمهورية» وحركة «النهضة»، إلى التبرؤ من دعوته، كما تبرّأ حزب «نداء تونس» من الدعوة أيضاً، بعدما كانت مواقع إلكترونية وصفحات قريبة من حزبي «المؤتمر» و«النهضة»، قد ذكرت أن القيادي في الحزب محسن مرزوق، هو من دعاه.

وأمام التكتم حول الجهة التونسية الداعية، وعدم الكشف عن حقيقة الدعوة، ذكر الصحافي الفرنسي نيكولا بو، صاحب كتاب «حاكمة قرطاج»، أن زيارة ليفي، كانت من أجل المشاركة في ندوة تحضرها حركة «النهضة» ومسؤول «مؤسسة الإسلام والديموقراطية» في الولايات المتحدة، رضوان المصمودي، الذي يعد «أب» التقارب بين الإدارة الأميركية والإسلاميين. ولكن ليفي نفى ذلك من خلال نشره، صباح أمس على صفحته على موقع «فايسبوك»، صورة للقاء جمعه في تونس، بقيادات ليبية، مؤكداً أن اللقاء لا علاقة له بالشأن التونسي بل بالوضع الليبي.

ردود الفعل الغاضبة التي استقبل بها الشارع التونسي برنارد هنري ليفي، مبنية على حقائق سابقة وأساسية في ما يمكن أن تحمله في طياتها من مؤامرة، هو من أهم مهندسيها تحت شعار «الديموقراطية» و«الربيع العربي»، الذي لم يخلّف إلا الدماء والجثث والخراب في كل مكان. ولأن تونس هي البلد الوحيد الذي نجح إلى حدّ الآن، وإن بتعثر، في الحفاظ على الاستقرار والدولة وتماسك المجتمع، بعد إنجاز الانتخابات قبل أسبوع، فقد يكون مستهدفاً مرة أخرى لإفساد الانتخابات الرئاسية، وإغراق البلاد في الفوضى، ما دفع التونسيين إلى الانقضاض على ليفي وعلى من دعاه.

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى