مقالات مختارة

ليبيا: هل جيش حفتر قادر على الحسم؟ حميدي العبدالله

 

يدور قتال عنيف في داخل مدينة بنغازي بين جيش حفتر المدعوم من الحكومات الغربية والسعودية ومصر، وبين التحالف الذي يضمّ «الإخوان المسلمين» وتنظيمات «القاعدة». والتقارير التي تتحدث عن نتائج المعارك متناقضة، فقناة «العربية» تتحدث عن تقدم كبير حققته قوات حفتر التي باتت تسيطر على أجزاء واسعة من مدينة بنغازي التي كانت أول مدينة ليبية تعلن العصيان ضدّ نظام القذافي، ولكن من جهتها قناة «الجزيرة» تتحدث عن صمود المقاتلين المؤيدين لـ«القاعدة» وجماعة «الإخوان المسلمين». وتطرح هذه المعارك سؤالاً كبيراً حول مستقبل الوضع الميداني، وما إذا كانت قوات حفتر قادرة عبر الدعم الذي تقدمه الحكومات الغربية والسعودية ومصر على حسم الوضع، واستعادة السيطرة، أولاً على مدينة بنغازي، وثانياً التوجه إلى استعادة طرابلس العاصمة التي سيطر عليها تحالف «القاعدة» و«الإخوان المسلمين»؟

من الواضح أنه إذا لم يكن هناك تدخل خارجي، وتحديداً غزو بري بقوات أجنبية لمساندة ما بات يعرف بـ«الجيش الوطني» الذي يقوده حفتر، فإنّ احتمال إلحاق الهزيمة بتحالف «القاعدة» «الإخوان المسلمين» هو احتمال ضئيل، ليس لأنّ ثمة تأييداً شعبياً واسعاً لهذا التحالف، وإنما لأنّ مقاتلي هذا التحالف أكثر خبرة في فنون القتال ولديهم دوافع أكثر عقائدية من المقاتلين المنضمّين إلى القوات التي يقودها حفتر.

لا شك أنّ غالبية الشعب الليبي لا تؤيد «القاعدة» و«الإخوان»، وتتطلع إلى الخلاص من سيطرة هاتين الجماعتين، وتنشد الاستقرار وعودة الهدوء، وهي قد تؤيد «الجيش الوطني» وحتى أيّ تدخل خارجي إذا كان هذا التدخل يعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا، ولكن هذه الغالبية ليس لديها ما يدفعها إلى المشاركة في القتال بالقوة التي يشارك فيها مؤيدو تنظيم «القاعدة» وجماعة «الإخوان»، وبفعل هذا العامل، إذا استمرّت المواجهة بين الأطراف الليبية وحدها، فمن الصعب الاعتقاد بأنّ «الجيش الوطني» قادر على الحسم وإعادة الأمان والاستقرار والتغلب على «القاعدة» وجماعة «الإخوان المسلمين»، لا سيما في ظلّ الدعم الذي تقدمه قطر وتركيا لهاتين الجماعتين، الدعم السياسي والدعم المالي.

لكن هل ثمة إمكانية لتدخل خارجي عبر قوات برية وليس عبر القصف الجوي؟ هذا الاحتمال ضعيف، بل أقرب إلى المستحيل؟ لأنّ السعودية ومصر غير مستعدتين لإرسال قوات برية لمساندة «الجيش الوطني»، أما الدول الغربية، فهي غير مستعدة لهذا الخيار لا في ليبيا ولا في غيرها، لأنّ غالبية الرأي العام في الغرب تناهض أيّ سياسات تقود إلى التورّط في حروب جديدة.

في ضوء كلّ ذلك فالاحتمال الأرجح أن يستمرّ الصراع في ليبيا سنين طويلة على غرار ما حصل في الصومال.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى