مقالات مختارة

لماذا أوقفت «النصرة» و«داعش» إعداماتها؟ ابتسام شديد

 

الغوص في تفاصيل معركة طرابلس بنتائجها وما أفضت اليه تظهر بوضوح ان الجيش تمكن على رغم خسارته الكبيرة لعدد من ضباطه وجنوده من تسجيل الكثير من النقاط الرابحة على المسلحين التكفيريين على حدّ قول مصادر سياسية متابعة الذين عولوا على طرابلس بعد فشلهم في عرسال لاقامة «الامارة الاسلامية» في المدينة التي تملك المنفذ البحري المطل والقادر على ان يكون المتنفس الوحيد لها بعد ان حصل العزل والحصار في جرود عرسال . والغوص في النتائج ايضاً التي ستظهر مع الوقت يؤكد نجاح الجيش في الضربة المفاجئة التي نفذها على تكفيريي طرابلس في اخراج المجموعات الارهابية من باب التبانة والاسواق القديمة للمرة الاولى بعدما كانت الفيتوات السياسية تعوق وتمنع الجيش من التجول ودخول بعض الاحياء الطرابلسية التي تسيطر عليها مجموعات اسامة منصور وشادي المولوي ، وفي جعلهم ينتقلون الى الجرود الشمالية في الضنية والمنية متوارين عن الانظار وغير مترابطين وبعد ان فقدوا مخازن اسلحتهم ومقارهم العسكرية التي كانوا يعدون فيها العبوات الناسفة والمتفجرات …

ولكن ماذا بعد خسارة المجموعات التكفيرية لمعركة طرابلس ماذا ستكون ردود فعل المسلحين ، وما هي خططهم المستقبلية هل سيكونون امام سيناريو نقل المعركة الى منطقة اخرى والى تكتيكات واستراتيجيات مختلفة ، وماذا وهنا مكمن القصيد عن مصير العسكريين المخطوفين لدى «النصرة» و«داعش» وهل من تداعيات او انفراجات ستطال ملفهم؟

بالعودة الى جولة العنف في طرابلس وبموازاة العملية العسكرية التي نفذها الجيش فيها كان لافتاً تقول المصادر ان الخاطفين عمدوا الى طرح مصير العسكريين المخطوفين لديهم في بازار المعركة لاستغلال الوضع وفك الأسر عن مسلحيهم في طرابلس بالتهديد تارة باعدام الجندي علي البزال ومن بعده العسكري جورج الخوري ، للضغط من جهة على قيادة الجيش وعلى اهالي العسكريين لدفعهم للانهيار وممارسة التصعيد في وقت كان الجيش ينفذ اقسى العقوبات ويلقن المسلحين في الشمال الضربات القاضية. ولكن السؤال لماذا لم تنفذ المجموعات الارهابية تهديداتها وهي في حشرة المعركة الشمالية وهل فعلاً اوقف الارهابيون مسلسل تصفية العسكريين ولماذا؟

تجيب المصادر ان ثمة ادارة عسكرية وسياسية جيدة اثبتت جدارتها لملف العسكريين الموقوفين وتتمثل حتى الآن بوقف عملية الاعدامات على الأقل حتى تاريخه رغم التهديدات والمواعيد التي حددتها المجموعات التكفيرية ورغم النكسات القتالية التي تصاب بها وبعد سقوط مشاريعها في اقامة امارة عرسال ومن ثم طرابلس. ولكن اذا كان لا يوجد حتى الساعة ضمانات معينة ومؤكدة لوقف عمليات القتل خصوصاً انه من الصعب التنبؤ بما يضمره الخاطفون إلا ان المؤكد والثابت حتى الآن ان ثمة اجواء ايجابية ولعل ابرزها ان عملية الاعدام توقفت لبعض الوقت رغم مأزق المسلحين وفشلهم في خططهم العسكرية حيث لم يتمكن هؤلاء من السيطرة على اي موقع قتالي او من تحقيق اي انتصار فعلي على الارض على غرار ما حصل في الدول التي قاتلوا فيها، كما لم ينجح هؤلاء بشق الجيش اللبناني وتأليب البيئة السنية ضده وبالعكس فان معارك عرسال وطرابلس اثبتت ان البيئة السنية حاضنة للجيش اكثر من الارهاب .

وعليه يمكن القول بحسب المصادر ان ملف العسكريين قد لا يشهد تأزماً إضافياً وربما يطرأ عليه ايجابيات بعد وصول الوسيط القطري الذي يقوم بنقل رسائل ومعلومات ومطالب تبقى في غالب الاحيان طي الكتمان لصدقيتها وعدم تأثيرها على ملف المخطوفين.

وعليه يكون ثبت ان السلطة لم تخطئ برفض المقايضة تضيف المصادر، بعد حسابات واخذ ورد كثيرة أجرتهما السلطة لعملية المقايضة وجاء بنتيجتها ان اي مقايضة سوف تجر البلاد الى الويلات والخراب والى تحكم «داعش» والمجموعات الإرهابية بالمسار العام للدولة بعدما ثبت ان هذه المجموعات عمدت الى فرض شروط تعجيزية ومستعصية على الدولة من خلال إصرارها على اطلاق سراح موقوفين خطيرين. فالمقايضة او عملية التبادل الافتراضية كما حددتها «داعش» و«النصرة» في حسابات السلطة السياسية ستكون مكلفة كثيراً تماماً كما ان خسارة المزيد من العسكريين (لا سمح الله) على ايدي داعش بالطريقة الوحشية التي تحصل ستكون ايضاَ مكلفة للمؤسسة العسكرية على الصعيد المعنوي، إلا ان المقايضة بين الاسرى العسكريين وموقوفي داعش في السجون التي تم درسها كاحد الخيارات لتخليص العسكريين من «سكين داعش» بدا بنظر السياسيين وكأنها ليست الخيار الأنسب والأصح.

من جهة ثانية تقول المصادرلقد ثبت ان الدولة ليست عاجزة او غير قادرة في ملف الأسرى ولو انه جرى تكبيل يديها بعد خطف الأسرى العسكريين ولكن ذلك لا يعني ان الدولة فقدت زمام السيطرة امام الإرهاب المتسلل اليها وانها يفترض ان تستسلم بقيادتها السياسية والعسكرية للمجموعات المتطرفة الآتية من اطياف الأرض لتفرض شريعتها وقوانينها فالجيش قام باشرس المعارك في عرسال وطرابلس، وفي حين ان المسلحين يملكون ورقة الأسرى العسكريين فان الدولة تملك الكثير من ألأوراق يمكن ان تستعملها اذا اقتضى الأمر ضد هؤلاء ومنها عرسال نفسها التي احتضنت المسلحين وحيث يمكن تضييق الخناق على مخيمات النازحين التي تأوي إرهابيين او عائلاتهم، وبعد ان تحولت عرسال الى ملجأ لإيواء جرحى الإرهابيين واستشفائهم ، كما يمكن للسلطة ممارسة ضغوط على المسلحين لفرض قواعد اللعبة التي تؤدي الى السيطرة على الوضع مجدداً ومن اجل عدم ذبح العسكريين او تنفيذ الإعدامات ضدهم.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى