مقالات مختارة

«أنصار الله» والحكومة اليمنية الجديدة حميدي العبدالله

 

أعلن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة في اليمن عن حصص الأطراف الحزبية في الحكومة التي تضمّ 34 وزيراً، وكانت حصة حركة أنصار الله في هذه التشكيلة المقترحة ست حقائب ، ويسمّي الرئيس اليمني وزراء الحقائب السيادية المؤلفة من أربع وزارات هي الداخلية والدفاع والمالية والخارجية. وحصة حركة أنصار الله أقلّ من حصة أحزاب اللقاء المشترك التي بلغعددها 9 حقائب، لكنه اعترض على هذه الحصة واعتبرها لا تتناسب مع وزنه السياسي. من الواضح إذا كانت هذه التشكيلة لا تتناسب مع وزن أي جهة، فهذا ينطبق على حركة أنصار الله دون غيرها من الأحزاب والكتل السياسية اليمنية. فمن الناحية الجماهيرية هذه الحركة استطاعت حشد مئات الآلاف في شوارع المدن الكبرى، سواء في صنعاء أو صعدة، أو غيرها من المحافظات، في حين أنّ القوى اليمنية الأخرى جميعها لم تستطع حشد أي جموع توازي ربع ما تجمعه حركة أنصار الله، ومئات آلاف المشاركين في المسيرات والاعتصامات التي دعت إليها حركة أنصار الله تبرز مستوى التأييد الشعبي الذي تحظى به مقارنةً مع الكتل والأحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة الجديدة، وإذا كان هناك من ظلم سواء في نوعية الحقائب أو في حجمها، فإنّ هذا الظلم أصاب حركة أنصار الله، فهذه الحركة هي الأجدر من غيرها بالتذمّر والحديث عن تمثيل لا يتناسب مع مستوى تمثيلها الشعبي. كما أنّ حركة أنصار الله ومن خلال اللجان الشعبية العسكرية المؤيدة لها سيطرت على أكثر من سبع محافظات تضمّ الغالبية الساحقة من اليمنيين في ما كان يُعرف بشمال اليمن قبل الوحدة مع الجنوب، وكان بمقدورها ومن حقها أن تفرض تسوية تمنحها تمثيلاً أكبر مما حازت عليه في التشكيلة الجديدة المقترحة والتي قد تتحوّل إلى حكومة اليمن الجديدة الجامعة في حال تمّ تذليل اعتراضات بعض الأطراف المدعوة إلى المشاركة فيها، وتحديداً أحزاب اللقاء المشترك.

إذاً… لماذا قبلت حركة أنصار الله هذه المعادلة، التي تبدو أنها لا تتناسب مع مستوى التأييد الشعبي لها. وقوة هذه الحركة؟

لا شك أنّ ثمة أسباباً جوهرية تعبّر عن رشد سياسي هي التي حدّدت هذا السلوك، ومن أبرز هذه الأسباب ثقة الحركة بنفسها وبقدرتها على التصدي لأيّ انحرافات عبر قوتها الشعبية وعبر قوتها العسكرية ممثلةً باللجان المسلحة المؤيدة لها، كما أنّ وحدة اليمن، وتجاوز مخططات تقسيمه وشرذمته، تفرض على الطرف الأقوى، والذي يُخشى أن يهيمن، أن يطمئن الأطراف الأخرى، وهذا ما فعلته حركة أنصار الله، وبديهي وصف هذا السلوك بأنه سلوك رشيد وديمقراطي وواقعي تفتقر له الحياة السياسية في بقية الدول العربية كافة، ويشكل هذا السلوك شهادة في مصلحة هذه الحركة ودورها الريادي الذي قد يمثل نموذجاً يحتذى به.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى