مقالات مختارة

الفشل الأميركي في سورية والعراق واشنطن وداعش والنصرة البروفيسور تيم أندرسون

 

غلوبال ريسرش 8 مارس 2015

التقت التقارير على خبر تأكيد اطلاق القوات العراقية للنيران على طائرات أميركية وبريطانية ألقت أسلحة وذخائر لمقاتلي داعش على الأرض وقد قوبلت المعلومات الصدمة والإنكار في الدول الغربية.

في الشرق الأوسط يعتقد كثيرون أن واشنطن تلعب “لعبة مزدوجة” مع الجيوش التي تخوض حروبها بالوكالة في سوريا، ولكن لا تزال هناك بعض الخرافات الرئيسية الهامة في صفوف الجمهور الغربي الذي يتميز بجهل كبير.

الخرافة المركزية هي أن واشنطن تقدم السلاح لمجموعات ‘المتمردين السورييين المعتدلين ” بهدف تمكينهم من إسقاط الحكومة السورية وهزيمة” المتمردين المتطرفين “. وأصبحت هذه الخرافة أكثر أهمية في عام 2014، عندما تحول منطق العدوان الأمريكي ضد سوريا من “التدخل الإنساني” لتجديد عقيدة دبليو بوش “الحرب على الإرهاب“.

مما يثير الجدل دور جماعات تنظيم القاعدة على غرار جبهة النصرة وداعش ومدى علاقتها العضوية بالتدخلات الأمريكية المتكررة، أو ما إذا كانت مدعومة فعلا من وكلاء واشنطن.

بالتأكيد، عقدت قياداتداعشبازارا في السجون الأمريكية. وقال زعيمها ابراهيم البدري (المعروف باسم أبو بكر البغدادي) أنه مكث هناك لمدة تتراوح بين سنة وسنتين في معسكر بوكا في العراق. وفي عام 2006، تم الإفراج عن البغدادي وغيره ، وأعلنت إدارة بوش عن خطتها ل”الشرق الأوسط الجديد”، وهي الخطة التي سوف تستخدم العنف الطائفي كجزء من عملية “التدمير الخلاق” في المنطقة.

وفقا لمقالة سيمور هيرش التي نشرت عام 2007 ، ” إعادة التوجيه”، فإن الولايات المتحدة قررت تجنيد “الدول السنية المعتدلة”، تتقدمها السعودية لاحتواء المكاسب الشيعية في العراق الناجمة عن الغزو الامريكي عام 2003. ومهمة هذه القوى “السنية المعتدلة” تنفيذ عمليات سرية لإضعاف إيران وحزب الله، والأعداء الرئيسيين لإسرائيل. وحققت بذلك تقاربا بين السعودية وإسرائيل على أساس الخشية من إيران.

في حين كانت هناك مزاعم بأن خليفة داعش البغدادي هو عميل مدرب في CIA أو الموساد وهذه مسألة لم تدعمها قرائن صلبة وقوية لكن هناك بالتأكيد أسباب للشك، فالأدلة من مصادر مستقلة هي المهمة، والسؤال في سياق “الحرب” التي يفترض ان الولايات المتحدة تشنها ضد داعش ما هو الدليل على صلات واشنطن السرية مع داعش؟

ليس آخرا إقراركبار المسؤولين الاميركيين ان حلفاء الولايات المتحدة يدعمون هذه الجماعة المتطرفة ، في سبتمبر 2014 قال الجنرال مارتن ديمبسي، قائد هيئة أركان الجيش الأمريكي، في جلسة استماع للكونغرس “أعرف الحلفاء العرب الرئيسيين الذين يمولون داعش!”‘. السيناتور ليندسي غراهام، رئيس لجنة الخدمات المسلحة، رد مع التبرير، “إنهم يمولونها لأن الجيش السوري الحر لا يستطيع محاربة الرئيس السوري بشار الأسد، كانوا يحاولون الفوز على الأسد”.

وفي الشهر التالي، ذهب نائب الرئيس الامريكي جو بايدن خطوة أخرى إلى الأمام، موضحا أن تركيا، وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ” لديهم العزم على إسقاط الأسد … وقد أغدقوا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة لمن سيقاتل ضد الأسد … [بما في ذلك] جبهة النصرة وتنظيم القاعدة والعناصر المتطرفة من الجهاديين القادمين من أجزاء أخرى من العالم … الذين باتوا يعرفون باسم داعش ” وقدسعى بايدن على هذا النحو لإعفاء الولايات المتحدة من مسؤولية هذه العملية، كما لو كانت واشنطن بريئة من عمليات متواصلة يقوم بها حلفاؤها الرئيسيون. وهي ببساطة حجة ليست ذات مصداقية.

علاقة واشنطن مع السعوديين، كقوة طائفية مثيرة للانقسام في المنطقة، ولا سيما ضد القومية العربية، تعود إلى خمسينيات القرن الماضي عندما قدم ونستون تشرشل العاهل السعودي للرئيس أيزنهاور. في ذلك الوقت كانت واشنطن تريد إعداد “خادم الحرمين الشريفين” الملك السعودي كمنافس للرئيس عبد الناصر في مصر وفي الآونة الأخيرة، اعترف الجنرال البريطاني جوناثان شو بمساهمة الفكر المتطرف في المملكة العربية السعودية في تكوين الجماعات المتطرفة : “هذه قنبلة موقوتة تحت ستار التعليم يجري نشر الوهابية السلفية وإشعال العالم وقال شو إن ذلك التطرف يتم تمويله بالمال السعودي والقطري”.

أدلة أخرى تقوض المحاولات الغربية للحفاظ على التمييز بين “الثوار المعتدلين”، المسلحين علنا ​​والجاري تدريبهم من قبل الولايات المتحدة، والجماعات المتطرفة كجبهة النصرة وداعش في حين كان هناك بالفعل بعض التنافس (التأكيد من المرصد السوري لحقوق الإنسان المنحاز لتنظيم الأخوان المسلمين ومقره في لندن )، وغياب الاختلاف الأيديولوجي الحقيقي هو أفضل دليل على التعاون والاندماج بين هذه المجموعات.

كما جاءتنظيم داعشمن العراق في عام 2013، ظلت قواعدها السورية عموما في الجزء الشرقي من سوريا حتى الآن. أما جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة الرسمي في سوريا، والتي انشقت عن داعش ) وتعاونت مع الجماعات الإسلامية السورية في غرب سوريا لعدة سنوات. وكان قد أطلق شعار الإبادة الجماعية في انطلاقة تحركات الإسلاميين السوريين “المسيحيون إلى بيروت والعلويون إلى التابوت”، وتردد الهتاف نفسه عدة مرات عدة في عام 2011 وبالذات من لواء الفاروق، الذي تعاون بشكل جيد مع جماعات القاعدة وهو أكبر مجموعة في “الجيش السوري الحر” وقد نفذ عمليات قتل وإبادة جماعية ضد المسيحيين والعلويين.

شوهد التعاون على المدى الطويل بين ‘المتمردين المعتدلين ” وجبهة النصرة التي يقودها الأجانب في جميع أنحاء درعا في الجنوب، في حمص، إدلب، وعلى طول الحدود التركية وداخل حلب وفي محيطها. كلمة جبهة النصرة تعني في الواقع “جبهة دعم”، والقصد هو دعم الإسلاميين في سورية وفي ديسمبر 2012، حظرتجبهة النصرة في مختلف البلدان، فأصدرت تسعة وعشرون من الجماعات والفصائل السورية بيانا تضمن إعلانا بعبارة واحدة : “نحن جميعاجبهة النصرة ‘.

بعد انهيار مجموعات “الجيش السوري الحر”، وتوسع جبهة النصرة اتجهت الولايات المتحدة والمملكة السعودية لدعم المجموعات الجديدة ( الجبهة الإسلامية، والجبهة الثورية السورية وحركة حزم) وقد لفت الانتباه دعم إسرائيل لجبهة النصرة، حول مرتفعات الجولان المحتلة.

منذ 2013 كانت هناك تقارير عديدة عن تزايد المقاتلين المتمردين، بما في ذلك أعضاء من جبهة النصرة، الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية. وظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعلن زيارته لجرحى “الثوار” في أوائل عام 2014. وقد أدى ذلك إلى الرد بعبارة “شكرا لك” من مقر زعيم الخوان المسلمين في تركيا .وذكرت قوة حفظ السلام الدولية ومقرها في الجولان المحتل ملاحظاتها عن “التفاعل مع” القوات الاسرائيلية من قبل مقاتلي جبهة النصرة على الحدود. وفي الوقت نفسه، تم العثور على أسلحة إسرائيلية مع الجماعات المتطرفة، في كل من سوريا والعراق. في نوفمبر تشرين الثاني عام 2014 احتج أفراد الأقلية الدرزية في الجولان ضد دعم المستشفى الإسرائيلي لمقاتلي النصرة وداعش وهذا بدوره أثار تساؤلات في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حول ما إذا كانت “اسرائيل تقوم بتطبيب أعضاء في تنظيمي جبهة النصرة وداعش كان رد المتحدث العسكري بالكاد الإنكار: “في العامين الماضيين انشغلت القوات الإسرائيلية في الخدمات الإنسانية والمساعدات المنقذة لحياة السوريين الجرحى، بغض النظر عن هويتهم“.

وقد تم توظيف التمييز المصطنع بين “المتمردين” والجماعات “المتطرفة” في تقارير متعددة عن الانشقاقات ونقل الأسلحة وفي يوليو عام 2014 انشق ألف مسلح عن داعشفي الرقة. وفي نوفمبر تم الإبلاغ عن انشقاق لصالح النصرة من الجبهة الثورية السورية. وفي ديسمبر كانون الاول قال أديب الشيشكلي، ممثل “الائتلاف الوطني السوري” لدى مجلس التعاون الخليجي ، إن ‘مقاتلي المعارضة’ ينضمون بشكل متزايدإلى داعشلأسباب مالية “. في ذلك الشهر نفسه، تم الإبلاغ عن “المتمردين” في منطقة الجولان التي تدعمها إسرائيل انضموا إلى داعش والتي كانت قد باشرت التحضير لإقامة وجود في جنوب سوريا .              ثم، في أوائل عام 2015، انهار ثلاثة آلاف من “الثوار المعتدلين “من الجماعات المدعومة من الولايات المتحدة وانتقلوا من حركة حزم إلى جبهة النصرة، مع مخزون كبير من الأسلحة الأمريكية بما في ذلك أسلحة مضادة للدبابات كانت في حوزتهم .

حصل تنظيم داعشبالفعل على أسلحة من الولايات المتحدة من خلال وسائل أخرى، في كل من العراق وسوريا، في يوليو تموز وسبتمبر وأكتوبر 2014. وفي ذلك الوقت أعلن “اتفاق عدم اعتداء” في المنطقة الجنوبية بين داعش و” المعتدلين ” وذكرت المعلومات ان تنظيم داعش اشترى أسلحة من ‘المتمردين‘.

في ديسمبر 2014 كانت هناك تقارير في وسائل الإعلام الغربية عن سعي الولايات المتحدة لنقل كميات من الأسلحة الثقيلة إلى “المتمردين السوريين” من ليبيا، وقد حصلت جبهة النصرة هكذا على الأسلحة المضادة للدبابات التي تم توريدها لحساب حركةحزم. وأظهر شريط فيديو نشر بواسطةجبهة النصرة هذه الأسلحة تستخدم للسيطرة على القواعد العسكرية السورية،في وادي الضيف والحميدية، في محافظة إدلب.

مع “الحلفاء العرب الرئيسيين” تم توفير الدعم لداعش والتعاون الكبير بين الولايات المتحدة ومجموعات “المتمردين المعتدلين ” وداعش يسمح منطقيا لنفترض أن رحلات طائرات « الائتلاف »إلى مناطق سيطرة داعش قد أصبحت خطوط الإمداد السرية. وهذا هو بالضبط ما أكدته مصادر عراقية رفيعة في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015.

على سبيل المثال، قال النائب العراقي ماجد الغراوي في يناير كانون الثاني كما ذكرت من قبل كل من وسائل الإعلام العراقية والإيرانية أن “طائرة أمريكية أنزلت حمولة من الأسلحة والمعدات للمتشددين من مسلحي داعشفي قضاء الدور في محافظة صلاح الدين “. ونشرت داعش صور الاستيلاء على الأسلحة. اعترفت الولايات المتحدة بالاستيلاء على كمية السلاح وقالت غن ذلك ناجم عن خطأ وفي فبراير قال نائب عراقي آخر إن الجيش العراقي اسقط طائرتين بريطانيتين كانتا تحملان أسلحة إلى داعش في محافظة الأنبار. مرة أخرى، ونشرت صور الطائرتين وقال النائب العراقي الزاملي لقد اكتشفنا أن الأسلحة مصنوعة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل .

ونقل موقع إخباري عراقي عن رئيس مجلس محافظة الانبار قوله ان طائرة امريكية قامت بتزويدمسلحيداعش بالأسلحة والذخائر في محافظة صلاح الدين. وقال حشاد الشابي انهم أسقطوا طائرة هليكوبتر للجيش الأمريكي تحمل أسلحة لداعش في الأجزاء الغربية من منطقة البغدادي .

بعد ذلك، تم الإبلاغ عن قوات مكافحة الإرهاب العراقية بأنها اعتقلت أربعة مواطنين أجانب كانوا يعملون كمستشارين عسكريين لقوات داعش ثلاثة منهم أميركيون والرابع إسرائيلي. وحتى الآن تجنبت وسائل الإعلام الغربية هذه القصص تماما. فهي ضارة جدا للرواية الغربية حول الأحداث الجارية .

في ليبيا، أعلن عميل رئيسي للولايات المتحدة ساهم في الإطاحة بحكومة القذافي عن قيام ‘الدولة الإسلامية في شمال أفريقيا” وقد مكث عبد الحكيم بلحاج في سجون الولايات المتحدة لعدة سنوات، ثم استقدم إلى ليبيا القذافي، حيث كان مطلوبا للأعمال الإرهابية. كرئيس سابق للجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة والمرتبطة بتنظيم القاعدة، ثم مجموعة “الفجر الليبية” في طرابلس، وقد دافع عن بلحاج من واشنطن واشاد به عضوا الكونجرس الأمريكي جون ماكين وليندسي غراهام.

يجري حاليا بعض التجميل على صورة مجموعات تنظيم القاعدة. وتفيد التقاريرأنه طلب من جبهة النصرة النظر في قطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة، للمساعدة في رعاية قطر لزيادة تمويلها.

الجيش السوري يتقدم تدريجيا في حلب، على الرغم من خطوط الإمداد المعادية من تركيا، وفي جنوب سوريا، يحرز تقدما في مواجهة الجماعات المدعومة من الأردن وإسرائيل. والحدود مع لبنان هي إلى حد كبير تحت سيطرة الجيش وحزب الله اما في الشرق، فالجيش السوري وحلفاؤه المحليون يسيطرون على معظم الحسكة ودير الزور بينما الحملة النهائية لتحريرالرقة لم يأت أوانها بعد. لقد فشلت محاولة الناتو ومجلس التعاون الخليجي للإطاحة بالحكومة السورية.

بعد استمرار زعزعة الاستقرار العنيف. دليل على علاقة سرية بين واشنطن وداعش يساعد على تفسير ما يسميه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد “الحرب التجميلية” التي تشنها واشنطن على داعش فهذهالجماعة المتطرفة هي موطئ قدم لواشنطن في المنطقة، وأداة لإضعاف كل من سوريا والعراق. فالحرب الأميركية على داعش ليست فعالة وتشير الدراسات والتقارير معلومات عن ارتفاع عمليات الإرهابوالقتل في العراق بشدة بعد هجمات جوية أمريكية. وعمليات القتال الرئيسية على الأرض نفذت من قبل الجيش السوري، وفي الآونة الأخيرة، القوات المسلحة العراقية بدعم من إيران.

كل هذا تم الإبلاغ عنه بصورة معاكسة في وسائل الإعلام الغربية. نفس القنوات التي احتفلت بقتل داعش العديد من الجنود السوريين تدعي أيضا أن الجيش السوري ‘لا يحارب داعش “. وكانت هذه “الرغبة” المزعومة جزء من مبرر لقصف الولايات المتحدة داخل سوريا. في حين أن أولويات الدولة السورية في الغرب مرتبطة بمناطق الكثافة السكانية بالتأكيد، ووفقا لوسائل الإعلام المحلية على الأقل منذ بداية عام 2014، ركز الجيش العربي السوري قوة كبرى للقتال ضد داعشفي الحسكة، الرقة و دير الزور. وقد نشر تقرير لرويترز مارس 2015 لا يعترف بأن الجيش السوري قتل مؤخرا اثنين من قادة داعش جنبا إلى جنب مع 24 من المقاتلين، في عمر حمادي.

توثيق التعاون بين إيران والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان هو لعنة على إسرائيل والسعوديين وواشنطن، ومع ذلك يحدث. ليس الانقسام الطائفي بل استنادا إلى بعض المصالح المتبادلة الواضحة، وليس أقلها وضع حد للطائفية (التكفيرية) والإرهاب.

كان من المنطقي فحسب، في هجوم للجيش العراقي في الآونة الأخيرة على معقل داعش في تكريت، أن يظهر الجيش الإيراني كشريك رئيسي في العراق.

تهميش واشنطن، تسبب بالذعر في وسائل الإعلام الأمريكية بعد ظهور الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الايراني كلاعب رئيسي في عملية تكريت. وهكذا بعد مرور عقد من خطط واشنطن “التدمير الخلاق”، بهدف الحد من النفوذ الإيراني في العراق، اعترف مقال في مجلة السياسة الخارجية بأن نفوذ إيران هو “في أعلى نقطة له في ما يقرب من أربعة قرون”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى