شؤون دولية

حزب العمال البريطاني يختار خلفا لكوربن

يطوي حزب العمال البريطاني، اليوم، السبت، صفحة رئيسه اليساري، جيرمي كوربن، لكن إرثه والمسار الذي اختطّه للحزب خلال السنوات الأخيرة لا زالا في صلب النقاش الانتخابي الذي يتوّج اليوم بانتخاب خليفة له.

وسيكون التحدي الرئيسي أمام الرئيس الجديد إعادة أكبر حزب معارض في البلاد إلى الخارطة السياسيّة، رغم أنه يعاني من انقسامات وتراجع سياسي، بعد النتائج البرلمانية الأخيرة التي وصفت بأنها صفعة للحزب ولزعامة كوربن.

والسؤال الرئيسي المطروح في هذه الانتخابات هو هل سيفضل العماليون البقاء في خط كوربن اليساري أم سيتحولون نحو الوسط؟

ويفترض أن يختار نحو 600 ألف عضو في حزب العمال، عبر البريد أو على الإنترنت أحد ثلاثة مرشحين، أوفرهم حظًا كير ستارمر (57 عاما) المؤيد للاتحاد الأوروبي والوسطي. وهو محامٍ سابق في مجال حقوق الإنسان ومسؤول منذ ثلاث سنوات عن مسألة بريكست داخل الحزب.

ويعتبر ستارمر الأوفر حظًا رغم أن عدم وضوح موقف حزب العمال من بريكست، ساهم، بحسب وسائل إعلام بريطانيّة، خسارة حزب العمال أمام اليميني الشعبوي، بوريس جونسون.

في المقابل تعتبر ريبيكا لونغ-بايلي، البالغة من العمر 40 عامًا، والمكلفة المسائل المتعلقة بالشركات في الحزب، الخليفة الطبيعية لكوربن.

وتلقى المرشحة الثالثة ليزا ناندي، البالغة، أيضًا، 40 عامًا دعم النقابة العمالية العامة في البلاد، التي تمثل نحو 500 ألف عامل وتعتبرها “نفحة هواء نقية في النقاش حول مستقبل الحزب“.

وبسبب تفشي وباء كوفيد-19 العالمي، لن يعلن عن اسم الفائز خلال مؤتمر استثنائي كما كان مقررًا، بل عبر موقع الإنترنت الخاص بالحزب، في حين سجّل كل من المرشحين الثلاثة خطابات معدة مسبقًا تبّث في حال الفوز.

ويتعهد ستارمر، المعروف ببراعته لكنه يفتقد للجاذبية، إعادة بناء حزب العمال وتوحيده بعد أسوأ هزيمة له في انتخابات تشريعية منذ عام 1935، ناتجة خصوصًا عن خسارته في المعاقل التي تعدّ تقليديًا عمالية.

وكانت تلك ثاني هزيمة انتخابية لجيريمي كوربن منذ انتخابه رئيسًا للعمال في عام 2015، بفضل دعم قوي من قاعدة الحزب.

وقال ستارمر لمؤيديه، الخميس، خلال مؤتمر عبر الفيديو “لدينا فرصة لإعادة بناء حزبنا والأهم من ذلك، فرصة لنضع العمال حيث يجب يكون أي في السلطة“.

وتجري الانتخابات التشريعية المقبلة في عام 2024، إن لم يطرأ أي حدث سياسي على البلاد.

لكن تبدو مهمة توحيد الحزب صعبة بسبب الانقسامات العديدة والعميقة فيه، وتتمحور هذه الانقسامات حول الخط الذي يجب أن يتبعه الحزب بين التشدد أو الليبرالية، لكن أيضًا الخلاف بين المشككين بالمؤسسات الأوروبية والمؤيدين للاتحاد الأوروبي في قضية بريكست.

ويوضح الخبير السياسي في جامعة نوتنغهام، ستيفن فيلدينغ، لـ”فرانس برس” أنه “يوجد فعلًا الكثير من الاستياء وعدم الثقة”، ويضيف أن “التحدي الأول (أمام الرئيس الجديد) سيكون تشكيل فريق يبدو على الأقل أنه يملك القدرة على توحيد الحزب“.

لكن في الوقت الحالي، تشكّل جائحة كوفيد-19 التي تصبّ في صالح شعبية الحكومة، التحدي الرئيسي أمام القائد الجديد لحزب العمال.

وفرضت حكومة جونسون عزلًا عامًا للسكان، في إطار محاولة احتواء تفشي الوباء ودعم العمال هذا الإجراء.

وأصدرت حكومة حزب المحافظين كذلك تدابير دعم اقتصادي غير مسبوقة للموظفين والشركات الذين تضرروا بشكل كبير من الإغلاق، وهي مسائل عادة يأخذ حزب العمال على عاتقه المطالبة بها، لكنه كان شبه غائب في هذه الأزمة.

ومنذ ذلك الحين ارتفعت شعبية رئيس الوزراء بشكل كبير. وبحسب استطلاع جديد لـ”يوغوف”، أعرب 55% من المستطلعين عن تأييدهم لرئيس الحكومة، مقابل 43% قبل أسبوع فقط. ومن بين الـ72% الذين يعتبرون أن الحكومة تدير الأزمة بشكل جيد، هناك العديد من الناخبين المؤيدين لحزب العمال.

حاول حزب العمال من جهته التركيز على نقاط ضعف الحكومة بانتقاده عدم كفاية عدد الفحوصات الخاصة بفيروس كورونا المستجد، والنقص في معدات الحماية الخاصة بموظفي الرعاية الطبية.

وأكد ستارمر في مدونة صوتية (بودكاست) في صحيفة “ذي غارديان” البريطانية، هذا الأسبوع، “حدسي يدفعني إلى أن أكون بنّاء، لكن عبر طرح الأسئلة الصعبة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى