الصحافة الإسرائيلية

من الصحافة الاسرائيلية

في الوقت الذي تتواصل فيه الهجمات الفلسطينية في الضفة الغربية ردا على انتهاكات جنود الاحتلال وممارسات المستوطنين، صدرت تقديرات أمنية إسرائيلية تعبر عن خشيتها من إقدام المستوطنين على تنفيذ عمليات دامية ضد المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي قد يتسبب بإشعال الأوضاع الأمنية في المناطق الفلسطينية.

تتحدث التقديرات الأمنية الإسرائيلية عن وجود معلومات أولية من داخل أوساط المستوطنين عن إمكانية تنفيذهم لعمليات تخريبية ضد الفلسطينيين ومنشآتهم ومنازلهم ومزارعهم، ومن بينها حرق سيارات ومبان، والضرب بالهراوات، ورشق بالحجارة، بجانب وجود عوامل أخرى يمكن أن تشعل المنطقة، قد تتسبب بها محاولات الفلسطينيين للانتقام من أي هجمات عدوانية قد ينفذها المستوطنون.

نير دفوري وأوهاد حمو المراسلان الإسرائيليان في الأراضي الفلسطينية لـ”القناة 12″، ذكرا في تقرير مشترك أنه “في ضوء سلسلة الهجمات الفلسطينية التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، تخشى المؤسسة العسكرية أن يؤدي عنف المستوطنين ونشطاء اليمين ضد الفلسطينيين إلى نقل الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية إلى أبعد من ذلك، لا سيما في ضوء تصاعد التوترات الميدانية بين الفلسطينيين من جهة، والجيش والمستوطنين من جهة أخرى”.

وأضافا أنه “بالإضافة لتنفيذ العمليات الفلسطينية الأخيرة، يرصد الجيش وجهاز الأمن العام- الشاباك، اندلاع أعمال احتجاجات ميدانية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية تخللها إلقاء الحجارة والمتفجرات على قوات الجيش ومركبات المستوطنين، التي ردت بإطلاق النار، فضلا عن شن حملات اعتقالات عديدة في أوساط الشبان الفلسطينيين، سواء المشتبهين بتنفيذ عمليات هجومية، أو المشاركين في إلقاء الحجارة وزرع العبوات الناسفة، وباقي أشكال المقاومة الشعبية التي تشهدها مدن مختلفة من الضفة الغربية”.

تتزامن التحذيرات الإسرائيلية من هجمات دامية ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين مع صدور تصريحات إسرائيلية تتهم المستوطنين بالتسبب بإشعال الوضع الأمني، وكان آخرها تصريح وزير الأمن الداخلي عومر بارليف الذي اعتبر أن المستوطنين يمارسون عنفا كفيلا بتفجير الظروف الميدانية مع الفلسطينيين، مما حدا بهم لأن يقوموا بالرد على هذه الاعتداءات من خلال عمليات طعن ودعس وإطلاق نار، وهناك مخاوف إسرائيلية من توقع استمرار هذه الهجمات في الأيام المقبلة.

ورصد الجيش الاسرائيلي 15 حادثة ضد فلسطينيين في الأيام الثلاثة الماضية فقط، شملت حالات حرق مبنى، وحرق سيارة، وإلقاء الحجارة، واقتحام منزل، والضرب بالهراوات، واستخدام غاز الفلفل، وما إلى ذلك، وفي إحدى الهجمات العدوانية أصيب سائق شاحنة فلسطيني في رأسه بحجر ألقته مجموعة من المستوطنين اليهود في منطقة شوماش.

من الواضح أنه لفترة طويلة لم يكن هناك مثل هذا العنف الاستيطاني ضد الفلسطينيين، لكن عندما يكون الهواء مشبعًا بكمية كبيرة من بخار الوقود، وهي المفردة التي تستخدمها أجهزة أمن الاحتلال للإشارة إلى توتر الوضع الأمني، فيمكن حينها أن يكون لهذه الأعمال العدوانية من المستوطنين ضد الفلسطينيين تأثير مدمر، ويفهم الجيش وجهاز الأمن العام أنه إذا لم يتوقف “الزيت الإضافي المتسرب في النار”، فسيكون من الصعب للغاية وقف التصعيد القائم من المستوطنين ضد الفلسطينيين.

وفي ذات السياق قال المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند، إن “المستوطنين اليهود منذ ما يزيد عن مائة عام، وتحديدا عند العام 1891، وفي بدايات الوجود الاستيطاني اليهودي على هذه الأرض، وهم يتعاملون مع العرب بالعداء والقسوة، ويعتدون عليهم دون مبرر، ويضربونهم بشكل مهين، بدون سبب، بل إنهم يتباهون بفعل ذلك، ولم يكن هناك من يستطيع وقف تيار هذا الاتجاه الدنيء والخطير”.

وأضاف ساند في مقال بصحيفة “هآرتس” أن “هذا السلوك العدواني ولّد لدى المهاجرين اليهود في حينه تغييرا مفاجئا في ميلهم نحو الاستبداد، كما يحدث دائمًا لـ”العبد الذي يصبح ملكًا””.

وأكد ساند أن “الضفة الغربية اليوم لم تعد من أملاك الإمبراطورية العثمانية، كما كان الأمر في حينه منذ ما يزيد عن قرن من الزمان، لكنها لا تزال نفس الأرض، نفس التلال، ونفس القرى تقريبًا، وبالطبع مع أحفاد نفس العرب”.

وأشار إلى أن “صراع المستوطنين اليهود مع جيرانهم الفلسطينيين والعرب لم يبدأ في عام 1967 أو عام 1948، بل بدأ مع بداية الاستيطان الصهيوني في نهاية القرن التاسع عشر، حين اقتلع المستوطنون الأوائل أنفسهم، وتركوا بلدانهم الأصلية نتيجة لظاهرة كراهية اليهود”.

يذكر أن ساند هو مؤلف كتاب “اختراع الشعب اليهودي”، الذي سعى فيه لإثبات أن اليهود ليسوا أمة قومية من أصل عرقي مشترك، بل مزيج من جماعات مختلفة تبنت اليهودية.

أكدت صحيفة هآرتس أن الميدان في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين يغلي، منوهة إلى أن التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة الفلسطينية عاد كما كان سابقا.

وأوضحت الصحيفة في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل أنه “بعد بدء موجة عمليات الأفراد في الضفة الغربية والقدس في خريف 2015، قام الجيش الإسرائيلي بملء شوارع الضفة بآلاف الكاميرات، إضافة لوسائل جمع معلومات وقدرات سريعة لصهر المعلومات الواردة من مصادر مختلفة، وتقديم مسح مكثف للشبكات الاجتماعية، التي يستخدمها الجمهور الفلسطيني”.

وأكدت أن “دمج كل هذه الوسائل حسّن كثيرا من قدرة إسرائيل على حل لغز العمليات، وليس بالصدفة أنه بعد كل عملية يتم نشر دعوات في الشبكات الفلسطينية لتدمير الكاميرات في المنطقة بهدف تصعيب عملية المطاردة”.

ونوه إلى أنه “في الحالات التي لا توفر فيها الرقابة الاستخبارية المبكرة والموارد البشرية (عملاء) أي تحذير مسبق ومفصل، يتم اتخاذ جميع التدابير التكنولوجية بعد الحادثة، وهذا ما حدث خلال اعتقال المشتبه بهم في تنفيذ عملية “حومش” التي قتل فيها مستوطن إسرائيلي مساء الخميس الماضي من قرية “سيلة الحارثية”، وكذا عملية اعتقال أسرى سجن “جلبوع” الستة”.

ولفت إلى أن استدعاء ثلاث كتائب نظامية من الجيش الإسرائيلي إلى الضفة الغربية فور تنفيذ العملية إضافة لوحدات خاصة، عمل على “تحسين الحماية على الشوارع، وأيضا للمساعدة في استعادة الشعور بالأمان في أوساط المستوطنين، في ظل زيادة عدد عمليات إطلاق النار ورشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة”.

ورغم تمكن الاحتلال من اعتقال منفذي عملية “حومش” بحسب الصحيفة، إلا أن “الضفة الغربية والقدس ما زالتا تغليان، فمنفذو العمليات يأتون من خلفيات مختلفة، ومعظمهم من الشباب، يعملون على مسؤوليتهم، وهم تقريبا لا يشركون أحدا في خططهم، ويذهبون لتنفيذ العملية؛ إما طعن أو دهس”.

وأما الخطر الثاني وفق هآرتس “فيكمن في خلايا منظمة أكثر التي على الأغلب تتلقى التوجيهات والتمويل من الخارج، من قيادة حماس والجهاد في غزة والخارج” منوهة إلى أن “احتمالية التدمير التي يمكن أن نتعرض لها من هذه الخلايا أكبر لأنها مزودة على الأغلب بسلاح تقني أو مواد متفجرة، واجتازت تدريبا قصيرا قبل الخروج لتنفيذ العملية”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى