الصحافة البريطانية

من الصحافة البريطانية

تابعت  التلغراف العمل جار كالمعتاد في تجارة الأفيون الأفغاني مع تبدد حظر طالبان، فقالت إن الأفيون الذي يتم شراؤه وبيعه بحرية في أسواق المخدرات في جنوب أفغانستان حاليا، سيشق طريقه قريبا كهيروين إلى جيران البلد ثم إلى العالم الخارجي.

ويُذكّر بأنها تجارة قالت طالبان قبل شهر إنها ستقضي عليها، وذلك في تكرار للحظر الذي كان مفروضا عليها في ظل نظام حكمها في التسعينيات.

وقال مزارعو الأفيون في هلمند للتلغراف إنهم يستعدون مجددا لزراعة الحقول بالخشخاش، إذ امتنعت طالبان حتى الآن عن تنفيذ الحظر، الذي يقول التقرير إنه أحد الوعود التي “يبدو أنها صُممت لإرضاء الغرب وتم التراجع عنها لاحقا”.

وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك جدد مخاوف من أن تشهد بريطانيا مزيدا من تدفق الهيروين اليها، في حال اختارت طالبان الاستفادة من فرض ضرائب على التجارة بدلا من القضاء عليها.

وأضافت أن الأسعار كانت ارتفعت بعد أن استخدم حكام أفغانستان المتشددون أحد مؤتمراتهم الصحفية الأولى للإعلان عن أنهم سيوقفوا هذه التجارة، التي توفر أكثر من 90 في المئة من الهيروين في المملكة المتحدة.

لكن الأسعار تراجعت بعد أن قال المزارعون إنهم لم يتلقوا أي أوامر بإيقاف زراعتهم وأنهم يستعدون لمواصلة العمل كالمعتاد.

وقال تاجر في منطقة نوزاد، طلب عدم نشر اسمه، إن الأعمال في أسواق الأفيون في المقاطعات تسير دون أي عوائق. وأضاف: “تجارة الأفيون حرة ويمكن للجميع البيع والشراء بدون وجود أي تهديد”.

وأشار إلى أن الأسعار كانت قفزت من 57 جنيها إسترلينيا للكيلوغرام إلى 78 جنيها، وسط حالة من عدم اليقين بشأن الإنتاج بعد تولي طالبان السلطة في منتصف أغسطس/آب، لكنها تراجعت الآن إلى حوالي 60 جنيها.

وتعد أفغانستان إلى حد بعيد أكبر مورد للأفيون في العالم، ويُقدر أنها تنتج أربعة أخماس مجموع الإمدادات العالمية، بحسب الصحيفة. ويشكل الأفيون 11 في المئة من الاقتصاد الأفغاني، بحسب تقديرات الأمم المتحدة في عام 2018.

وقال جان محمد، وهو مزارع من منطقة ناد علي، إنه يخطط لزرع ثلاثة أفدنة من الخشخاش عندما يبدأ موسم الزراعة في غضون شهر، وأضاف: “بدون الأفيون، لا يمكننا الحصول على عوائد جيدة من أرضنا”.

وتابع: “إذا أرادت طالبان حظر زراعة الخشخاش، نريدهم أن يشكلوا حكومة جيدة وأن يقوموا بإعداد وظائف تساهم في النمو الاقتصادي وكل شيء. إذا لم يستطيعوا فعل ذلك، سنزرع الأفيون”.

نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالا للصحفية داليا حتوقة، قالت فيه إنه بعد أن قتلت قوات الأمن الفلسطينية الناشط والمعارض نزار بنات في حزيران/ يونيو، هزت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الضفة الغربية. التزمت السلطة الفلسطينية الصمت في الغالب حول ملابسات وفاة بنات، وبعد ثلاثة أشهر، بدأت جلسات الاستماع في محاكمة المتهمين بقتله. لكن من غير المرجح أن تؤدي الإجراءات إلى التخفيف من الغضب الشعبي ضد الحكم الاستبدادي المتزايد للسلطة الفلسطينية، بل إنها شجعت الشعب الفلسطيني الذي يختلف إلى حد كبير مع قيادته.

على الرغم من أنه كان عضوا سابقا في حركة فتح الحاكمة، إلا أن بنات، 42 عاما، كان معروفا بانتقاده اللاذع للسلطة الفلسطينية – التي اتهمها بالفساد والمحسوبية – وهجماته دون خجل على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لا يحظى بشعبية.

اعتقلته قوات السلطة في 24 حزيران/ يونيو في منطقة الخليل الخاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، ما يوحي بأن القوات الإسرائيلية منحت السلطة الفلسطينية الضوء الأخضر. وتقول عائلته إن بنات تعرض للضرب حتى الموت بعد أن أخذوه من منزل أحد أقاربه.

في 14 أيلول/ سبتمبر، عقدت محكمة تابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله جلسة الاستماع الأولى لأفراد الأمن الأربعة عشر المتهمين بالتورط في مقتل بنات، وجميعهم أعضاء في جهاز الأمن الوقائي، وكالة المخابرات الداخلية، المسؤولة عن معالجة المعارضة السياسية المحلية والتي نمت لتصبح واحدة من أقوى أذرع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، ومعروفة باحتجازها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان للمعارضين الفلسطينيين.

لم يسبق جلسة الاستماع الكثير من التفاؤل، خاصة من عائلة بنات.. في الواقع، لم تُقرأ التهم ضد المتهمين لأن محاميهم كان غائبا، وفي وقت لاحق، قال إنه مصاب بكوفيد-19 ولم يعلم بموعد الجلسة. فتم تأجيلها أولا إلى 21 أيلول/ سبتمبر، ثم 27 أيلول/ سبتمبر.

وقال غاندي الربيع، محامي عائلة بنات، إن غياب الدفاع “لا يبشر بالخير”. وأضاف: “أن تبدأ (المحكمة) هكذا لا يبشر بخير.. هدفنا هو العدالة السريعة، وإذا تكرر هذا الأسبوع المقبل، فسيتعين علينا اتخاذ إجراءات. إن عدم حضور المحامي حتى تُقرأ لائحة الاتهام ضد المتهمين أمر مثير للدهشة، لا سيما في قضية أثارت مشاعر الرأي العام”.

قاطعت عائلة بنات الجلسة، ووصفت الإجراءات بأنها تمثيلية لأن النيابة العسكرية لم تقدم أي اتهامات ضد كبار الضباط أو السياسيين.

وقال عمار دويك، المدير العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، إن “المحاكمة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست كافية ويجب أن تشمل المشرفين على المتهمين. علاوة على ذلك، فإنه يجب إصلاح قوات الأمن لضمان المساءلة وعدم ممارسة العنف ضد المواطنين. ما لم يحدث هذا، فإنه لا يمكنني ضمان عدم تكرار مثل هذا الحدث”.

وحث متحدث باسم الأسرة الفلسطينيين على القيام بوقفة احتجاجية لبنات في تشرين الأول/ أكتوبر، ودعا إلى تشكيل لجنة مستقلة بقيادة جماعات حقوق الإنسان بشكل أساسي للنظر في وفاته.

وقال عمر عساف، أحد الشخصيات المعارضة والناشط البارز في التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني: “نُحمّل المستوى السياسي والأمني بالدرجة الأولى مسؤولية اغتيال نزار بنات ونعتبر محاكمة الضباط ذوي الرتب الدنيا محاولة للتحايل على الحقيقة، وهو أمر غير مقبول”.

واستخدمت السلطة الفلسطينية القوة الوحشية لقمع مظاهرات حزيران/ يونيو التي أعقبت مقتل بنات، واعتقلت العشرات من المتظاهرين. واعتُقل العديد من نفس الأشخاص مرة أخرى في آب/ أغسطس في مظاهرات متجددة. لمدة يومين، في 21 و22 آب/ أغسطس، شارك فلسطينيون في احتجاج في ساحة المنارة، نقطة التجمع الرئيسية في رام الله. وكان المتظاهرون قد تجمعوا للمطالبة بالعدالة لأسرة بنات، الذين قالوا إنهم لن يرتاحوا حتى محاسبة المسؤولين عن وفاته. وفقا لما يقتضيه القانون، تم إبلاغ الشرطة بالوقفة الاحتجاجية يوم 21 آب/ أغسطس قبل الموعد المحدد. لكن تم اعتقال العديد من المتظاهرين قبل أن يبدأ الاحتجاج.

ومن بين الذين أتوا إلى الميدان للمطالبة بالمحاسبة على مقتل بنات الشاعر زكريا محمد والمهندس المعماري خلدون بشارة وعالم الفيزياء الفلكية عماد البرغوثي. وإجمالا، فقد تم اعتقال حوالي 30 شخصا، من بينهم ناشطون حقوقيون، بالإضافة إلى رجلين أضربا عن الطعام أثناء الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة في السجون الإسرائيلية. الفلسطينيون الذين تزعم السلطة الفلسطينية أنها تحترمهم على تضحياتهم الجمة ضد الاحتلال الإسرائيلي أصبحوا الآن أعداء لها عندما حولوا جهودهم إلى محاسبة من هم في السلطة.

أثناء الاحتجاز، وصف بشارة، المعروف بمبادراته المحلية الرائدة في مجال الحفاظ على المعمار الفلسطيني، ظروف السجن السيئة “غير الملائمة للماشية”. وقد شرح بالتفصيل كيف تعرض الشيخ خضر عدنان – الذي سبق له الإضراب عن الطعام أثناء وجوده في الاعتقال الإداري الإسرائيلي – للاعتداء الجسدي والإهانة من قبل مسؤولي الأمن في السلطة الفلسطينية. فادي قرعان، ناشط حقوقي بارز اعتقلته قوات الأمن في أماكن أخرى من رام الله، أضرب عن الطعام احتجاجا على اعتقاله. وقد تم الآن إطلاق سراح معظم الرجال الذين تم اعتقالهم وينتظرون المحاكمة في تشرين الثاني/ نوفمبر بتهم مثل “توزيع الأعلام الفلسطينية” و”إثارة الانقسامات الطائفية”.

شكّل مقتل بنات والقمع اللاحق للمتظاهرين أدنى المستويات على الإطلاق لنظرة الفلسطينيين للسلطة الفلسطينية – والتي عكرها أصلا تأجيل غير محدد للانتخابات التشريعية والرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في وقت سابق من هذا العام. ويطالب العديد من المتظاهرين باستقالة القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية، بدءا من عباس، الذي يتولى السلطة منذ 16 عاما.

وأظهر استطلاع حديث للرأي أن ما يقرب من 80% من الفلسطينيين يريدون من عباس أن يستقيل، وهو مستوى غير مسبوق، وفقا للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، الذي يتابع هذه القضية منذ سنوات.

وأظهر استطلاع آخر، أجرته منظمة العالم العربي للبحث والتطوير، أن أكثر من نصف الفلسطينيين متشائمون بشأن المستقبل، وأن ما يقرب من 60% يعتقدون أن إمكانية قيام دولة فلسطينية باتت بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى. وقال 70% ممن شملهم الاستطلاع إن السلطة الفلسطينية لم تتعامل بشكل كاف مع التحقيق في مقتل بنات.

وتبدو السلطة الفلسطينية غافلة عن المدى الذي انحدرت إليه في الأشهر الأخيرة. فقد أثبت العنف اللاحق الذي تم استخدامه لتفريق المتظاهرين – بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية – أنها تفعل ما تتقنه جيدا: قمع المعارضة ومحاولة التملص ريثما ينتهي الغضب الشعبي ومحاولة استرضاء الفلسطينيين بوعود كاذبة وإيماءات فارغة.

جاءت أحدث هذه الإيماءات في 29 آب/ أغسطس، بعد لقاء نادر بين عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في رام الله. كان أول تفاعل من نوعه بين الزعيم الفلسطيني ومسؤول إسرائيلي رفيع منذ أكثر من عقد. وكانت النتيجة إعلانا عن سلسلة من “إجراءات بناء الثقة” التي تضمنت قرضا بقيمة 155 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، واستئناف لم شمل العائلات للعائلات الفلسطينية في الضفة الغربية، والسماح لمزيد من عمال المياومة الفلسطينيين بدخول إسرائيل. ولم يتم حتى مناقشة إحياء عملية السلام المحتضرة.

وقع اجتماع عباس-غانتس بعد فترة وجيزة من قمة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وأكد بايدن، وفقا لبيان البيت الأبيض، على أهمية الخطوات لتحسين حياة الفلسطينيين. لكن، كما قال مصدر مقرب من بينيت لصحيفة “هآرتس”، فإنه “لا توجد عملية دبلوماسية مع الفلسطينيين ولن تكون هناك”. ومع ذلك، فإن السلطة الفلسطينية تظل قصيرة النظر وعلى استعداد لقبول أي عظمة ترميها إسرائيل في طريقها.

وفي محاولة أخرى لاسترضاء الجمهور، تهدف السلطة الفلسطينية إلى إجراء انتخابات المجالس المحلية في القرى والبلدات في وقت ما بين 10 و20 كانون الأول/ ديسمبر. وهنا تسيء السلطة الفلسطينية مرة أخرى قراءة المشاعر العامة. ويطالب الفلسطينيون السلطة الفلسطينية بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مؤجلة في الربيع. لكن هذه يمكن أن تسفر عن مستقبل غامض لفتح وعباس.

إن الإصلاح الديمقراطي الجزئي والسطحي من جانب السلطة الفلسطينية لن يفعل الكثير لاسترضاء معظم الفلسطينيين. إنهم يدركون أن إسرائيل تبذل الحد الأدنى المطلوب لدعم السلطة الفلسطينية وإبقائها فعالة بما يكفي للتعامل مع القضايا التي تتحمل مسؤوليتها كقوة احتلال بموجب القانون الدولي.

ومنذ إنشائها بموجب اتفاق أوسلو عام 1993، استوعبت السلطة الفلسطينية بشكل فعال القيادة السياسية الفلسطينية السائدة من خلال إنشاء شبكة محسوبية من شأنها أن ترى حياة الفلسطينيين مقيدة داخل الضفة الغربية وغزة في مناطق محددة. وفي الواقع، فإن السلطة الفلسطينية توظف ثلث القوى العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة. مع وجود القليل من الخيارات الأخرى في ما يتعلق بالتوظيف والاقتصاد المتردي تحت الحصار – المبني على هوامش الاقتصاد الإسرائيلي – فإن الكثير من الفلسطينيين لا يملكون خيارا سوى المشاركة في واجهة ضعيفة لبناء الدولة تحت الاحتلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى