الصحافة البريطانية

من الصحافة البريطانية

 

ناقشت الصحف البريطانية التباين المتزايد في مصالح الجارتين السعودية والإمارات الذي ولد صدوعا خطيرة في الطبقة الهزيلة لما كان يوصف يوما بأنه “وفاق استراتيجي” بينهما، وخطط تعاون محتملة بين الإمارات وجامعة كامبريدج البريطانية وتعرض الأخيرة لانتقادات شديدة بسبب ذلك.

قال موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن التباين المتزايد في مصالح الجارتين السعودية والإمارات، ولد صدوعا خطيرة في الطبقة الهزيلة لما كان يوصف يوما بأنه “وفاق استراتيجي” بينهما.

وقال الكاتب أندرياس كريغ، في مقال نشره الموقع، وترجمته “عربي21” إنه منذ أن أدخل رجل أبوظبي القوي محمد بن زايد محمد بن سلمان في كنفه في عام 2015، لم يعبأ الأخير فيما يبدو بأن يقال عنه إنه تابع للأول وموال له.

وكانت الفكرة السائدة في الرياض هي أن نموذج أبوظبي من اللبرلة السلطوية يمكن أن يحتذى لكي تنتقل المملكة من العصور الوسطى إلى القرن الحادي والعشرين.

ولكن على مدى العامين الماضيين، شعرت الدائرة المقربة من محمد بن سلمان بأن الحليف المفترض في الجوار لم يكن مهتماً بإقامة علاقة تعود بالنفع على الدولتين. بل إن الذي حصل هو أن عقلية “المحصلة صفر” المهيمنة في الإمارات والتي اكتسبت زخماً بفضل سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الشرق الأوسط كانت كثيراً ما تأتي على حساب المصالح السعودية.

وقالت لقد أحدث التباين المتزايد في المصالح بين الجارتين صدوعاً خطيرة في الطبقة القشرية الهزيلة لما كان يوماً “وفاقاً استراتيجياً” بينهما يحظى بالإشادة.

كانا زوجي القوة الخليجية في حقبة ترامب، حيث هز وليا العهد والحاكمان الفعليان في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية المنطقة وفرضا إرادتيهما على جيرانهما.

فمنذ أن أدخل رجل أبوظبي القوي محمد بن زايد محمد بن سلمان في كنفه في عام 2015، لم يعبأ الأخير فيما يبدو بأن يقال عنه إنه تابع للأول وموال له. كانت الفكرة السائدة في الرياض هي أن نموذج أبوظبي من اللبرلة السلطوية يمكن أن يحتذى لكي تنتقل المملكة من العصور الوسطى إلى القرن الحادي والعشرين.

ولكن على مدى العامين الماضيين، شعرت الدائرة المقربة من محمد بن سلمان بأن الحليف المفترض في الجوار لم يكن مهتماً بإقامة علاقة تعود بالنفع على الدولتين. بل إن الذي حصل هو أن عقلية “المحصلة صفر” المهيمنة في الإمارات العربية المتحدة – والتي اكتسبت زخماً بفضل سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الشرق الأوسط – كانت كثيراً ما تأتي على حساب المصالح السعودية.

فقد كان صعود الإمارات العربية المتحدة نحو وضع باتت فيه كما يقال أقوى دولة عربية خلال العقد الماضي إنما تحقق بسبب اندفاع أبوظبي بلا هوادة نحو خدمة مصالحها الذاتية دون أن تعبأ كثيراً لا بسمعة الرياض المتراجعة في واشنطن ولا باهتماماتها الأمنية في اليمن ولا باحتياجاتها الملحة لتنويع الاقتصاد ولا باعتمادها الوجودي على أسعار نفط مستقرة.

فمنذ عام 2019، أحدث التباين المتزايد في المصالح بين الجارتين صدوعاً خطيرة في الطبقة القشرية الهزيلة لما كان يوماً “وفاقاً استراتيجياً” بينهما يحظى بالإشادة. وخلال السنوات الأخيرة كانت العلاقة بين الرياض وأبوظبي تؤمن من خلال التآزر الأيديولوجي حول سرديات الإمارات الاستراتيجية الكبرى بشأن الثورة المضادة، بما في ذلك فرض الرقابة على الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين والمجتمع المدني بشكل عام.

بينما تبقى أوجه التآزر تلك، فقد تراجع العامل الآخر الذي أبقى على هذه العلاقة المتبادلة بين الطرفين، أي الروابط الشخصية بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، حيث لوحظ بشكل واضح فتور العلاقة بين الزعيمين منذ انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن.

بينما كان الزعيمان من قبل يعززان ما بينهما من “رومانسية أخوية” من خلال رحلات الصيد المشتركة والزيارات الرسمية المتبادلة والاتصالات الهاتفية، تشير المصادر الصحفية إلى أن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد لم يتحادثا سوى مرة واحدة منذ أفول حقبة الرئيس ترامب. فقد بات جلياً في عهد بايدن أن واشنطن ستسحب الرخصة التي كانت ممنوحة للرياض وأبوظبي لتفعلا ما بدا لهما في المنطقة، فكان لزاماً عليهما شراء رصيد سياسي للتعامل مع الإدارة الجديدة ومع الديمقراطيين في واشنطن.

بدلاً من أن يظهرا بمظهر المتنمرين في المنطقة، احتاج محمد بن سلمان ومحمد بن زايد كلاهما إلى إعادة تأطير صورتيهما على شكل لاعبين أكثر إيجابية حريصين على مساندة السياسة الناعمة لإدارة بايدن في المنطقة والتي تعتمد منهج القيادة من الخلف.

عندما انتخب ترامب في عام 2016، قام محمد بن زايد شخصياً بزيارة فريق ترامب في نيويورك ليروج لوليه محمد بن سلمان حتى يتهيأ ليكون الملك القادم. ولكن بعد أربع سنين، ومع انتخاب رئيس من الحزب الديمقراطي، من الملاحظ أن الإمارات العربية المتحدة تحاول إبقاء مسافة بينها وبين القيادة السعودية، وذلك أن أي ارتباط بمحمد بن سلمان قد يعتبر مقوضاً للجهود الإماراتية الساعية إلى تحسين صورة البلد.

تحت ضغط مشاريعها المشتركة مع موسكو في ليبيا، ومغامراتها الارتزاقية في اليمن، وصعودها كداعم للنفوذ الصيني في المجال المعلوماتي حول العالم، أثبتت أبوظبي أن عقلية “المحصلة صفر” لديها تعني أنها على استعداد للتخلي عن “حليف استراتيجي” والرمي به تحت عجلات الحافلة.

كانت الحرب في اليمن، والتي ساعدت الإمارات العربية المتحدة على تأطيرها باعتبارها تنفذ تحت “قيادة سعودية”، الساحة الأولى التي تعلمت فيها القيادة السعودية أن السياسة الإماراتية لا هوادة فيها حين يتعلق الأمر بالحفاظ على مصالح الإمارات العربية المتحدة، حتى لو كان ذلك على حساب المملكة العربية السعودية.

بحسب مصادر مقربة من القصر، أعرب بعض المقربين من محمد بن سلمان عن قلقهم من أن محمد بن زايد قد يدفع بالسعودية نحو مغامرات خطرة لكي يقيم درعاً تتمكن الإمارات العربية المتحدة من خلفه من تعزيز مكاسبها في جنوب اليمن.

بينما اضطرت المملكة العربية السعودية إلى تحمل أعباء الحرب المكلفة ضد الحوثيين، من حيث العمليات التي تنفذ على الأرض وما ينال سمعتها بسببها، ضمنت أبوظبي لنفسها موطئ قدم على امتداد الساحل اليمني ذي الأهمية الاستراتيجية الكبرى وذلك من خلال المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعمل بالوكالة عنها.

لقد توهمت أبوظبي بسبب صعود الإمارات العربية المتحدة الصاروخي، وسط فراغ قوة إقليمي ناجم عن تخلي الولايات المتحدة عن دورها، بأنها كقوة وسيطة جديدة في الخليج لن تحتاج لأن تتنازل لأحد. ولا أدل على ذلك من الخلاف القائم بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية داخل منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، حيث يثبت ذلك أن أبوظبي لديها من الثقة بنفسها ما يجعلها تتمسك بموقفها.

لن تتنازل الإمارات العربية المتحدة عن أي من مصالحها الوطنية حتى لو كان في ذلك إضرار بالمملكة العربية السعودية، كما هو حاصل جراء تجاهل أبوظبي السافر لحصص الإنتاج التي أقرتها أوبيك.

وفيما يتعلق بقضية الحصار المفروض على قطر، والذي تزعمه محمد بن زايد وانساق فيه محمد بن سلمان، لم تظهر الإمارات العربية المتحدة رغبة في التنازل. وعلى الرغم من أن التكاليف السياسية للحصار المستمر ظلت ترتفع بالنسبة لكليهما – وخاصة في واشنطن – كانت أبوظبي على استعداد للإبقاء عليه لمصلحة الثورة المضادة التي تقود حملتها.

في نهاية المطاف، لم تجد المملكة العربية السعودية بداً من المخالفة وتمكين البراغماتية من أن تكون سيدة الموقف. كان إنهاء الحصار أول مؤشر على تصدر السعودية للقيادة في الخليج تحت إمرة محمد بن سلمان. فقد رأت الرياض فرصة سانحة في إنهاء الحصار لتحقيق مكاسب للرباعية التي فرضت الحصار ولقطر التي فرض عليها الحصار. إلا أن أبوظبي في المقابل كانت في غاية القلق من تسارع التطبيع وعمق أثره، الأمر الذي لم ينجم عنه فقط إجبار الإماراتيين على الانضواء ولكن أيضاً سمح لمحمد بن سلمان بأن يحصد الرسائل الإيجابية الناجمة عن ذلك.

كانت تلك البداية فقط. فبعد أن تعرضت للتجاهل والإهمال من قبل جارتها، قررت المملكة العربية السعودية انتهاج استراتيجية تنويعية خاصة بها أكثر حسماً. فسياسات المملكة الاقتصادية الجديدة التي تستهدف جذب الاستثمارات من قبل الشركات متعددة الجنسيات التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، تضع نصب عينها بشكل مباشر قصة النجاح التي حققتها دبي، والتي ما لبثت في وضع اقتصادي معلق منذ بدء جائحة كوفيد 19.

إن الطبيعة غير الصحية لهذا التنافس تعني أن تحقيق أوضاع تعم فيها الفائدة على الجميع غدا أصعب من أي وقت مضى. ولما كان محمد بن سلمان يجلس الآن بثقة في مقعد القيادة في الرياض، فإن من المؤكد أن شهر العسل بين وليي العهد الاثنين قد انقضى.

وإذ يتم نزع القفازات، يحرص محمد بن سلمان على إثبات أن أبوظبي تجاوزت وزنها الحقيقي، وأن ثمة حدوداً لقدرة القوة الذكية على التعويض عن هزالة الجسم. ومع ذلك تظل العلاقات بينهما مؤمنة بفضل التوافق الأيديولوجي بشأن المخاوف من الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين والمجتمع المدني. والأيام وحدها ستكشف عما إذا كان ذلك سيكفي للحيلولة دون تفجر أزمة خليجية جديدة.

نشرت صحيفة الغارديان تقريرا لمراسلتها سالي ويل عن انتقادات تتعرض لها جامعة كامبريدج البريطانية بسبب خطط تعاون محتمل بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني مع الإمارات العربية المتحدة.

واتُهمت الجامعة “بالتخلي عن مبادئها مقابل المال”، في ما سيكون أكبر صفقة من نوعها في تاريخ الجامعة.

ووفقا لوثائق تقول الغارديان إنها اطلعت عليها، فإن التعاون لمدة 10 سنوات من شأنه أن يساعد كامبريدج، وهي واحدة من أغنى مؤسسات التعليم العالي في المملكة المتحدة، “على مواجهة التحديات التي تواجهها الجامعات نتيجة لكوفيد-19 وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبيئة التمويل المحدودة”.

وتشير الوثائق بحسب الصحيفة إلى أن الإمارات “تعهدت بتقديم 312 مليون جنيه إسترليني – وهو أكبر تبرع فردي تلقته الجامعة حتى الآن – وأن 90 مليون جنيه إسترليني سيتم دفعها مقابل عمل موظفي كامبريدج”.

ولم تمر الصفقة بعد على المجلس العام للجامعة، بحسب ما نقلته الغارديان. ولكن في حالة الموافقة، سيبدأ “معهد كامبريدج للابتكار-الإمارات، بالعمل ككيان افتراضي وسيتوج بما يسمى البصمة المادية في دولة الإمارات العربية المتحدة مع موظفيه كما سيكون له علامة تجارية مشتركة بين الإمارات وجامعة كامبريدج”.

وقالت الغارديان إن الإمارات لطالما كانت “محور حملات عالمية متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان المزعومة”. وأضافت أنها قبل ثلاث سنوات، أثارت ضجة عندما أدين الأكاديمي البريطاني، ماثيو هيدجز، بتهمة التجسس بعد ذهابه إلى دبي لإجراء بحث أكاديمي.

ويقاضي هيدجز حاليا أربعة مسؤولين كبار من الدولة الخليجية زعم أنهم متواطئون في سجنه وتعذيبه.

وتقر وثائق جامعة كامبريدج التي اطلعت عليها الغارديان بخطر الإضرار بالسمعة الذي يشكله التعاون. كما أنها تثير مخاوف بشأن “فجوة القيم” و”الحرية الأكاديمية والاستقلال المؤسسي” و”العبء المحتمل الذي يمكن أن تضعه مثل هذه الشراكة الكبيرة على أجزاء من الجامعة والمهمة المصاحبة لها”. ولكن يقال، بحسب الصحيفة، إن المشروع يحظى بالدعم الكامل من نائب رئيس الجامعة.

وتنص الوثائق بحسب الغارديان على ما يلي: “نحن على دراية كاملة بمعاملة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا للباحثين من المملكة المتحدة والزوار الآخرين والتي تعكس سياقا ثقافيا وقانونيا مختلفا بشكل كبير عن المألوف لموظفينا وطلابنا. سنقدم الدعم الكافي لضمان أن موظفينا جاهزون قبل بدء عملهم في الإمارات العربية المتحدة”.

ولدى العديد من الجامعات البريطانية فروع في الإمارات ولكن سوف يُنظر إلى حجم التعاون مع جامعة كامبريدج، وهي واحدة من أنجح الجامعات وأكثرها شهرة في العالم، “على أنه انقلاب كبير للدولة الخليجية، التي تحرص على استخدام القوة الناعمة لتحسين صورتها على المسرح العالمي” بحسب ما أشارت الغارديان.

وقال جو غريدي، الأمين العام لاتحاد الجامعات والكليات في بريطانيا للصحيفة: “هذه مسألة واضحة لدولة استبدادية غنية تستخدم ثروتها في محاولة لتبييض سمعتها. سيكون من المخزي أن تكون جامعة كامبريدج على استعداد أن يتم استخدامها بهذه الطريقة”.

وأضاف: “إنها واحدة من أغنى المؤسسات في المملكة المتحدة ولا تحتاج إلى هذه الأموال”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى