الصحافة الإسرائيلية

من الصحف الاسرائيلية

يسود خلاف في جهاز الأمن الإسرائيلي حيال حركة حماس، وخاصة زعيمها في قطاع غزة، يحيى السنوار، حسبما ذكر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل “أمان (شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية) ما زالت تعتقد أن خيار السنوار الاستراتيجي بالتوصل إلى تهدئة. وتريد الحركة نموذج سيادي ناجح في القطاع، كممثل لحركة الإخوان المسلمين في غزة، والشاباك كالعادة أكثر تشاؤما ويحذر من اندلاع مواجهة أخرى.

وأضاف هرئيل أنه في أعقاب التوتر في القدس واعتداءات قوات الشرطة على المصلين في المسجد الأقصى والسعي إلى تهجير عائلات فلسطينية من بيوتها في الشيخ جراح لصالح المستوطنين، “رصدت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التغيير في مفهوم السنوار قبل شهر تقريبا من نشوب الحرب (العدوان على غزة). لكن حتى أيام معدودة قبلها، كانت التقديرات السائدة تعتبر أن حماس تريد مواجهات عند الجدار، وليس إطلاق قذائف صاروخية باتجاه وسط البلاد“.

ووفقا لهرئيل فإن “إسرائيل تواجه صعوبة مرة بعد الأخرى في قراءة حماس بشكل صحيح، والفجوة بين شكل فهم الجانبين للواقع يشوش التوقعات والفهم المتبادل، ويقود أحيانا إلى سوء فهم“.

وأشار هرئيل إلى أنه في يوم 10 أيار/مايو الحالي، “تلقت الاستخبارات الإسرائيلية إنذارا محددا جاء فيه أن السنوار وقائد كتائب القسام، محمد الضيف، اتخذا قرارا بتنفيذ تهديدهما. وستطلق حماس رشقة صاروخية باتجاه القدس في ساعات بعد الظهر، تضامنا مع الفلسطينيين الذين يخوضون مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في جبل الهيكل (المسجد الاقصى) والشيخ جراح، والسنوا، هكذا أدركوا في إسرائيل، مستعد للمخاطرة بعدة أيام قتالية، بهدف السيطرة على قيادة النضال الفلسطيني في القدس الشرقية والضفة.

وأضاف أنه تم عقد اجتماع طارئ للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، قبل إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة باتجاه القدس، “واتخذت خطوات حذرة في الضفة والقطاع. وبطارية القبة الحديدية التي غايتها صد التهديد على القدس لم يكن قد تم نصبها عندما أطلقت الرشقة الصاروخية، من ستة قذائف صاروخية” باتجاه القدس.

وكان هناك خلاف في الكابينيت، إثر المعلومة الاستخبارية المحددة، حول ما إذا ينبغي مفاجأة حماس وتوجيه ضربة استباقية “مؤلمة”، شبيهة بتلك التي وجهتها في بداية عدوان العام 2012، التي اغتيل فيها قائد الفسام، أحمد الجعبري.

وأشار هرئيل إلى أن الكابينيت لم يوافق على توصية كهذه، التي طرحها رئيس الشاباك، ناداف أرغمان. “ويبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس فضلا الاستعداد دفاعيا وأن يرسخا بذلك شرعية دولية لخطوات إسرائيل، كمن هوجمت أولا، وهذا الأداء أقنع فعلا الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي منح إسرائيل دعما كاملا في الأسبوع الأول للعملية العسكرية، قبل أن يبدأ بالسعي إلى وقف إطلاق نار“.

وشدد هرئيل على أن “المفاجأة الكبرى للأحداث الأخيرة كانت داخل الخط الأخضر. ولم يتوقعوا في مجلس الأمن القومي والشرطة والشاباك شدة تفجر العنف في أوساط العرب في إسرائيل. ففي السنوات الأخيرة تم التعبير عن قلق من انتشار السلاح في البلدات العربية، وصعود عائلات الجريمة المنظمة والارتفاع الكبير في جرائم القتل، لكن السيناريو الأسوأ تحدث عن استخدام السلاح من جانب مخربين افراد لغرض تنفيذ عمليات ولم يتوقع أحد معارك شوارع في المدن المختلطة، اعتداءات جماعية متبادلة، إحراق بيوت وكُنس“.

ولفت إلى أنه “طوال سنين تنازلات الدولة تدريجيا عن السيطرة والسيادة في البلدات العربية. وتم إهمال البنية التحتية، والشرطة قلّصت حضورها، تخوفا من مواجهات مع مجرمين. وحتى عندما ضخت حكومة نتنياهو ميزانيات طائلة للمجتمع العربي، يبدو أن قسما من المال تدحرج إلى أيدي عائلات الإجرام، الذين استولوا على مشاريع مُنحت للسلطات المحلية“.

وأكد هرئيل أنه “طالما قتل المجرمون العرب الواحد الآخر، أظهرت الحكومة والشرطة صفر اهتمام، ولم يزدد الاهتمام كثيرا حتى بعدا علق مواطنون أبرياء في خط النار أو تم إطلاق النار عليهم لأنهم لم يستسلموا لمطالب المجرمين“.

ووفقا لهرئيل فإن “التقديرات التي استعرضت في الكابينيت تحدثت عن أن 85% من المشاركين في موجة العنف الحالية كانوا مجرمين شبان. والباقون هم ناشطون في الحركة الإسلامية وأقلية صغيرة من الأفراد الذين يتماثلون مع أحزاب يسار عربية”. وأضاف أن “العنف هدأ، لكن هذه المرة توجد تقديرات مسنودة بمعلومات أنها قد تندلع مجددا“.

وأشار هرئيل إلى أن المفتش العام للشرطة ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي يعارضان طلب نتنياهو بإدخال قوات الجيش إلى البلدات العربية، “لكن هذه الفكرة المتطرفة ما زالت مطروحة، والجنود قد يظهرون في شوارع الطيبة وكفر قاسم إذا اندلعت موجة عنف أخرى وتحرج الحكومة“.

وأضاف أنه “ينبغي القول بوضوح، إن الشرطة هي الجهاز الأضعف بين أجهزة الأمن. قرارات المفتش العام للشرطة ولواء القدس الخاطئة، في جبل الهيكل وباب العامود، ساهمت في تفجر الموجة الحالية“.

يستعد الجيش الإسرائيلي إلى احتمال تجدّد القتال في قطاع غزة قريبًا، بحسب ما ذكر المراسلون العسكريون لوسائل الإعلام الإسرائيليّة، في أعقاب إحاطة صحافية قدمها مسؤول في الجيش الإسرائيلي،.

وذكر يانيف كوفوفيتس، أن الجيش الإسرائيلي غير قادر، إلى الآن، على تحديد درجة ارتداع حركة “حماس”، بعد 12 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبخلاف تقديرات المستوى السياسي الإسرائيلي عن ارتداع حركة “حماس”، يقدّر مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي في نقاشات داخليّة أنه في هذه المرحلة “لا يمكن التحديد إلى أيّة درجة رُدعت ’حماس’، وكيف سيؤثّر الضرر في قطاع غزة على قرارها بدء حرب أخرى قريبًا“.

وتقدّر شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (“أمان”) أنّ 10% من المنظومات الصاروخية لفصائل المقاومة تضرّر فقط، وأن حركة “حماس” تملك “آلاف الصواريخ” لمديات متعددة.

وأشار المراسل العسكري لصحيفة هآرتس إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي تعتبر أن “إسرائيل حققت نصر تكتيكي ‘شبه كامل‘” في غزة وأنها نجحت بـ”حسم المعركة عملياتيا.

ويسود الاعتقاد لدى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأن “النصر التكتيكي قد تحقق بالأساس بسبب إحباط كل محاولات “حماس” لتنفيذ هجمات جوية وبحرية وبرية واسعة النطاق كان من الممكن أن تمنح الحركة “صورة انتصار.

وتشير تقديرات الجيش الإسرليئلي إلى أن “الحسم العملياتي” الذي تتحدث عنه شعبة الاستخبارات العسكرية، “ليس انتصارًا جليا أدى إلى انهيار حركة ‘حماس‘، ولم يقوّض قدراتها ولن يمنعها من خوض جولة قتالية في المستقبل القريب“.

وتُجمع كافة الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة، بحسب ما ذكرت “هآرتس”، على أنه إذا لم يدخل المستوى السياسي الإسرائيلي، بالقريب العاجل، لتهدئة “سريعة وكبيرة”، فإن “الإنجازات العسكرية” لن تدوم لفترة طويلة.

ونقلت صحيفة هآرتس عن مصادر استخباراتية إسرائيليّة أن ملف الأسرى (الذي ذكرت إسرائيل أنها تنوي وضعه شرطًا لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة) هو ملف “حسّاس وإشكالي”، لأنه لن يتحقّق مقابل المساعدات فقط.

وقالت المصادر الاستخباراتيّة لـ”هآرتس” إنه “لإعادة الأسرى، سيكون مطلوبًا من إسرائيل، أيضًا، الإفراج عن أسرى “حماس” – واستغلال باكرًا قدر الإمكان حاجة أهالي غزة إلى التهدئة، لأنها محرّك مهمّ للدفع بصفقة الأسرى“.

وتابعت المصادر “موجة العنف في الضفة الغربية انتهت أيضًا. ويجب استغلال هذا لتقوية السلطة الفلسطينيّة”، كما شددوا على ضرورة منع “وصول الأموال لتي يفترض استخدامها لإعادة إعمار قطاع غزة إلى حركة حماس“.

واعتبرت الصحيفة أن “حماس أنهت الجولة القتالية وقد حظيت باهتمام المجتمع الدولي وجمعت أوراق ضغط قد تستخدمها في مباحثات التسوية أكثر من تلك التي كانت بحوزتها قبل العملية الإسرائيلية الأخيرة على القطاع“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى