الصحافة البريطانية

من الصحف البريطانية

اهتمت الصحف البريطانية بمواضيع متعددة أبرزها الاعتراف الأخير للجنة الكومنولث بتجاهل تكريم عشرات الآلاف من قتلى الحرب العالمية الأولى من الأفارقة والهنود، إلى جانب تناول التعاطي الغربي مع مسألة حقوق الإنسان حول العالم بانتقائية.

نشرت صحيفة الغارديان التي علقت على الاعتراف الأخير للجنة الكومنولث بعدم تكريم عشرات الآلاف من قتلى الحرب العالمية الأولى، من عسكريّي المستعمرات البريطانية السابقة، الذين يغلب عليهم الهنود والأفارقة.

وأوضح ديفيد لامي في مقال بعنوان “تقرير مقابر الحرب يظهر أن على بريطانيا مواجهة ماضيها الاستعماري بأمانة”، أن نحو 350 ألف شخص، معظمهم من شرق إفريقيا ومن مصر، قاتلوا من أجل بريطانيا، لكن لم يتم إحياء ذكرى بعضهم على الإطلاق.

ولتفسير ما فعلته المملكة المتحدة، عاد لامي، وهو نائب حزب العمال عن توتنهام بالتاريخ، مستشهدا بقول جوردون غوغيسبير، حاكم غولد كوست (غانا الآن)، الذي كتب في عام 1923: “المواطن العادي في غولد كوست لن يفهم أو يقدر شاهد القبر”. كما تشير وثيقة لجنة مقابر الحرب إلى الجنود الأفارقة إلى أنهم “شبه متوحشين”. وتقول أخرى “إنهم بالكاد في مثل هذه الحالة من الحضارة بحيث يقدرون مثل هذا النصب التذكاري”، و”إقامة نصب تذكارية فردية من شأنه أن يمثل إهدارا للمال العام“.

وقال لامي إنه “من الجدير بالترحيب أن تعترف المنظمة (الكومنولث) الآن بأن قرار استبعاد الجنود السود والسمر من مراسم إحياء ذكرى متساوية كان مدعوما بالأفكار المسبقة والعنصرية المتفشية في المواقف الإمبريالية المعاصرة“.

وأشار لامي إلى أنه “لا يمكن لأي تعازي أن تعوض الإهانة التي عانى منها من لم يتم تذكره. لا يوجد شاهد قبر تم تشييده اليوم يمكن أن يملأ الفراغ طوال القرن الذي مضى والذي كان يُنظر فيه إلى هؤلاء الناس على أنهم غير ضروريين“.

وأضاف أنه مع ذلك “إن اعتذار اللجنة والتزامها بتنفيذ توصيات التقرير يوفر لنا الفرصة كأمة لإلقاء نظرة جديدة على تاريخنا الجماعي“.

وفي السياق نفسه، قال الكاتب إنه “عندما يكون هناك نقاش حول إنهاء استعمار المنهاج، هناك افتراض خاطئ بأن أولئك الذين يدافعون عنه يركزون على إزالة ما لا نحبه”، فيما يعد ذلك “بعيدا عن الحقيقة لأننا لا نريد محو التاريخ، بل نريد أن نرويه بصدق“.

وختم لامي بالقول إن “الجهل المتعمد بالماضي الاستعماري البريطاني يفسر جزئيا رفض حكومة بوريس جونسون قبول وجود العنصرية المؤسساتية في بريطانيا الحديثة“.

 

تناول الكاتب باتريك كوبيرن في صحيفة الإندبندنت مسألة توظيف قضايا حقوق الإنسان في الاستقطاب السياسي العالمي.

وقال كوبيرن إنه “خلال الحرب الباردة الأولى بين الغرب والاتحاد السوفيتي، أصبحت اللاعدالة وحقوق الإنسان قضية مركزية على نحو متزايد”، وفيما “كان ينبغي أن يكون هذا تطورا إيجابيا، قلت قيمته من خلال الاستخدام الحزبي وتحولت القضية إلى أداة دعاية.”

وأوضح الكاتب أن “جوهر هذه الدعاية ليس الأكاذيب أو حتى المبالغة، بل الانتقائية“.

وأعطى مثالا على ذلك “بقاء التركيز في حينه على القمع السوفييتي الحقيقي في أوروبا الشرقية وبعيدا عن الحكم الوحشي للديكتاتوريين المدعومين من الغرب في أمريكا الجنوبية”، معتبرا أن “التسليح السياسي لحقوق الإنسان كان فظا ومنافقا، لكنه كان فعالا للغاية“.

ويرى كوبيرن أنه “مع دخولنا في حرب باردة ثانية ضد الصين وروسيا، هناك دروس يمكن تعلمها من الأولى، حيث أن آليات الدعاية نفسها تعمل بجد مرة أخرى“.

وأضاف في هذا السياق: “تنتقد الحكومات ووسائل الإعلام الغربية الصين بلا هوادة بسبب اضطهاد مسلمي الأويغور في إقليم شينجيانغ، لكن لم يرد ذكر لقمع المسلمين الكشميريين في كشمير التي تسيطر عليها الهند”. كما “تم التعبير عن الغضب الدبلوماسي والإعلامي عندما قصفت روسيا والحكومة السورية المدنيين في إدلب في سوريا، لكن قصف المدنيين خلال الحملة الجوية التي تدعمها السعودية بقيادة السعودية في اليمن، لا يزال في ذيل الأجندة الإخبارية“.

وتابعت الإندبندنت أنه “فيما يسأل الذين يقومون بالدعاية كيف أن الاعتقالات الجماعية وحالات الاختفاء والتعذيب التي يتعرض لها الكشميريون مختلفة تماما عن العقوبات الوحشية المماثلة التي تُنزل بالأويغور”، يجيب هؤلاء بأن من يسأل ماذا عن كشمير أو اليمن هو من يشجع على أسلوب المقارنة، ما يصرف الانتباه عن الجرائم المرتكبة ضد الأويغور والمدنيين السوريين.

ورأى الكاتب أن “الغرض الحقيقي من هذه المناورة من وجهة نظر أولئك الذين يشنون حروب المعلومات هو فرض الصمت المريح على المخالفات التي يرتكبها جانبنا مع التركيز حصريا على أفعالهم” في الجانب المعادي.

وأعطى كوبيرن مثالا آخر قائلا “كان الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 مبررا بالادعاء بأن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل وأي شخص أشار إلى أن الدليل على ذلك مشكوك فيه يمكن تشويهه باعتباره متعاطفا سريا مع الديكتاتور العراقي“.

وقال الكاتب “يمكن أن تكون الماذاعنية “أو المقارنة” والتكافؤ الأخلاقي قوة تعمل من أجل الخير. إنها تؤثر على القوى العظمى، وإن لم يكن بقدر ما ينبغي، لتنظيف أفعالهم بدافع المصلحة الذاتية البحتة، وبالتالي تمكنهم من انتقاد منافسيهم من دون الظهور بمظهر النفاق الصريح“.

وأعطى مثالا على ذلك حين “لعب الاعتقاد بأن الاتحاد السوفييتي كان يستخدم التمييز العنصري في أمريكا بنجاح لتشويه سمعة الولايات المتحدة كبطل للديمقراطية، دورا مهما في إقناع صناع القرار في واشنطن بأن الحقوق المدنية للسود كانت من مصالح الحكومة ذات الأولوية“.

وتابع أنه “بمجرد أن تصبح الماذاعنية والتكافؤ هما القاعدة في التقارير الإعلامية، سيكون لدى حكومة الولايات المتحدة دافع قوي لمحاولة إنهاء عسكرة قوات الشرطة الأمريكية، التي قتلت 1004 أشخاص بالرصاص في عام 2019. وهذا ينطبق أيضا على كيفية تعامل الشرطة مع مسألة العرق“.

وذكر الكاتب بأن “المنافسة في الحرب الباردة بين القوى العالمية لها العديد من العواقب الضارة، ولكن يمكن أن يكون لها أيضا عواقب حميدة” إذ إن “إحدى النتائج المنسية لإطلاق الاتحاد السوفيتي سبوتنيك، أول قمر فضائي في عام 1957، هو أنه أدى إلى زيادة مذهلة في إنفاق الحكومة الأمريكية على التعليم في التخصص العلمي والتعليم العام“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى