شؤون دولية

انقسامات اوروبية تعطل إقرار خطة إنعاش اقتصادي

يسعى القادة الأوروبيون إلى تجنب فشل المفاوضات حول خطة تعاف اقتصادي لمرحلة ما بعد كورونا، في ختام يوم سادته انقسامات حول مسائل جوهرية بين الدول.

وفي ثالث أيام القمة التي كان يفترض أن تستمر يومين فقط، وبعد أكثر من 55 ساعة من الاجتماعات، جرى استئناف النقاشات بين جميع الدول الأعضاء حول مأدبة عشاء مساء الأحد، بعد تأجيلها أكثر من مرة.

وكثف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، على امتداد اليوم، لقاءاته الفردية أو مع مجموعات صغيرة، جرى أغلبها على شرفة مكتبه، حيث وضعت طاولة كبيرة انتشرت الصور الملتقطة حولها في شبكات التواصل الاجتماعي.

وعصرا، أكدت رئيسة الوزراء البلجيكية صوفي ويلماس، عند استقبالها لدى ميشال برفقة نظيريها في لوكسمبورغ وإيرلندا أنه “حانت ساعة الوصول إلى اتفاق“.

ولا تزال نتائج القمة غير واضحة، وهي الأطول بين قادة الاتحاد الأوروبي منذ قمة نيس عام 2000 حول مراجعة الاتفاقيات في إطار توسع الاتحاد شرقا (استمرت أربعة أيام وليال). وفي هذا السياق، قال مصدر أوروبي إن الأمور “تتحرك ببطء“.

وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ، كزافييه بيتيل: “نادرا ما رأيت خلال 7 أعوام (منذ توليه المنصب) مواقف متعارضة لهذا الحد، وحول عدد كبير من النقاط”. ومن أهم النقاط التي يجب “توضيحها”، وفقا لبيتيل، هو حجم صندوق التحفيز الاقتصادي وطريقة إدارة الأموال.

ويعقّد الإجماع الضروري بين الدول الـ27 الأعضاء الوصول إلى حل وسط. في حين حذّرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، صباحا، من “احتمال عدم التوصل إلى أي نتيجة” حتى نهاية اليوم.

بدوره، حذر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي يدافع عن هذه الخطة، إلى جانب ميركل، من أن “التسويات” لا يمكن أن تتم “على حساب الطموح الأوروبي“.

والتقت ميركل وماكرون ميشال، الذي يرأس القمة، في وقت سابق صباح الأحد، لتحديد ما يجب القيام به بعد 48 ساعة من المناقشات التي وصلت إلى طريق مسدود مع رفض هولندا وحليفاتها “الدول المقتصدة” الأخرى (الدنمارك والسويد والنمسا وفنلندا) هذا المشروع.

وعقدت هذه الدول الخمس لقاء قبل الاجتماع مع قادة دول الجنوب، الإيطالي جوزيبي كونتي والإسباني بيدرو سانشيز واليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

وكتب كونتي على “تويتر” أن “المفاوضات مستمرة. هناك من جهة الأغلبية العظمى للدول – أكبرها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا – التي تدافع عن المؤسسات الأوروبية والمشروع الأوروبي، ومن جهة ثانية الدول الأخرى القليلة، التي تسمى ‘مقتصدة‘”.

وبلغ قادة الاتّحاد طريقا مسدودا بشأن حجم وبنود خطّتهم الضخمة لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة كورونا، إذ فشلوا في تجاوز المعارضة الشديدة من الدول “المقتصدة”، في اليوم الثاني من المحادثات المكثّفة، فيما أشار مصدر أوروبي إلى أنّ التفاوض كان “شاقّا وصعبا“.

وحاول شارل ميشال “اختبار” اقتراح جديد قبل العودة إلى الجلسة العامة؛ وفي صلب المحادثات، خطة إنعاش لما بعد أزمة كورونا بقيمة 750 مليون يورو يمولها قرض مشترك، وهي فكرة مستوحاة من اقتراح تقدم به ماكرون وميركل.

وتتألف هذه الخطة في صيغتها الأولى من 250 مليون يورو من القروض ومساعدات مالية بقيمة 500 مليار لن يترتب على الدول المستفيدة منها إعادتها. وتستند إلى موازنة طويلة الأمد (2021-2027) للاتحاد الأوروبي بقيمة 1074 مليار يورو.

ومن الخيارات المطروحة، تعديل التوزيع بين القروض والمنح عن طريق زيادة حصة الأولى إلى 300 مليار (مقابل 250 في الاقتراح الأولي) بدون خفض حصة المنح المخصصة لدعم خطط الإنعاش الخاصة بدول معنية.

وأشارت فرنسا وألمانيا إلى عدم رغبتهما في التراجع إلى ما دون 400 مليار يورو في ما يخص المنح. ومن الواضح أن “الدول المقتصدة” تفضل القروض على المنح. لكن باريس وبرلين ترفضان أن تكون قيمة المنح أقل من 400 مليار دولار.

واقترح ميشال أيضا آليّة تسمح لأيّ بلد لديه تحفّظات عن خطّة إصلاح أيّ بلد آخَر، بأن يَفتح نقاشًا بمشاركة الدول الـ27.

ويأتي هذا الاقتراح ردا على رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذي يريد أن تتم الموافقة على الخطط الوطنية بإجماع الدول الـ27، ما يمنح فعليا كل عاصمة حق التعطيل، للتأكد من أن المبالغ المقدمة لدول الجنوب التي تعتبر متراخية في ما يخصّ تطبيق شروط وضع الموازنة، ستنفق بالشكل الصحيح.

لكن هذه المطالب الملحة للإصلاحات تقلق روما ومدريد اللتين تخشيان مواجهة برنامج إصلاح مفروض (سوق العمل والرواتب التقاعدية…) مثل ما حصل مع اليونان في السابق.

كما تتطرّق القمّة إلى موضوع حسّاس آخر، هو ربط منح الأموال باحترام “دولة القانون”. وبإمكان رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، أن يستخدم حقّ النقض لصدّ أيّ محاولة لربط تمويل الموازنات بالمحافظة على المعايير القانونية الأوروبية.

واتهم أوربان الأحد نظيره الهولندي بأنه يريد “معاقبته ماليا”، وبأنه “يكرهه”. ووفق أوربان، سيتطلب إنشاء هذه الآلية “أسابيع من المفاوضات“.

وقدّر دبلوماسي أوروبي أنه “إذا فشلت القمة، فسيكون ذلك لسببين: معارضة كونتي المستمرة (للآلية بشأن) الإجماع الذي يطالب به روتي، وإصرار (رئيسة الوزراء الفنلندية سانا) ماران وروتي على سيادة دولة القانون”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى