شؤون عربية

تقديرات أمنية إسرائيلية متناقضة حول رد الفلسطينيين على الضم

قال وزراء إسرائيليون إنه خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، الذي عُقد أول من برزت تناقضات بين تقديرات قادة الأجهزة الأمنية حول ردود الفعل المحتملة لمخطط ضم مناطق في الضفة الغربية لإسرائيل، وبرزت التناقضات بشكل خاص بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، تمير هايمن، وبين رئيس الموساد، يوسي كوهين، فيما جاءت تقديرات رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، ناداف أرغمان، مختلفة أيضا، وفقا للقناة 12 التلفزيونية.

وبحسب وزراء شاركوا في اجتماع الكابينيت، قال كوخافي إن الضم قد يؤدي إلى تصعيد كبير في العمليات التي سينفذها فلسطينيون، وبضمن ذلك إطلاق نار باتجاه جنود ومواطنين إسرائيليين، وربما عودة العمليات الانتحارية أيضا، وأضاف أن تقديرات الجيش الإسرائيلي هي أن الضم سيؤدي إلى خرق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وربما ينتهي ذلك بمواجهة عسكرية. ووفقا لكوخافي وهايمن، فإن التقديرات تشير إلى أن الضفة الغربية أيضا لن تبقى هادئة.

من جانبه قال رئيس الموساد كوهين الذي أجرى مؤخرا محادثات في عمان والقاهرة حول الضم، لا يوافق على تقديرات الجيش، واعتبر أن الضم لن يقود إلى هبة فلسطينية واسعة، ولا لانتفاضة ثالثة، كما أنه لن يؤدي إلى مواجهة في قطاع غزة. وقال “إنني لا أوافق على الادعاء أن الضم سيقود بالضرورة إلى ردود فعل عنيفة“.

بدوره، اعتبر رئيس الشاباك أرغمان أنه سيكون رد فعل على الضم، لكن الفلسطينيين لن يكسروا القواعد، بادعاء أن الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية جيد. وأشارت القناة 12 إلى أن أرغمان عبر في هيئات أخرى عن تقديرات أخطر.

ونقلت القناة عن وزيرين قولهما إنه “منذ فترة طويلة لم نشهد آراء متناقضة إلى هذه الدرجة، ويبدو أنه لا يوجد انسجام في التفكير، لا في المعلومات الاستخبارية ولا في الاستنتاجات“.

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل إلى أن المداولات حول الضم لم تتناول حتى الآن تفاصيل المخطط. وأضاف أنه توجد أغلبية في الكنيست تؤيد تنفيذ المخطط، من دون تأييد حزب “كاحول لافان” برئاسة وزير الأمن، بيني غانتس. لكن هرئيل لفت إلى أن “اللغم يكمن في البند 28 في الاتفاق الائتلافي بين الليكود وكاحول لافان، الذي ينص على أن يعمل نتنياهو وغانتس باتفاق كامل مع الولايات المتحدة بكل ما يتعلق بخطة ترامب (“صفقة القرن”)، ’بما في ذلك مسألة الخرائط مقابل الأميركيين ومن خلال حوار دولي حول الموضوع“.

وأضاف هرئيل أن موقف الإدارة الأميركية ليس واضحا بعد حيال تنفيذ الضم في الموعد الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وهو الأول من تموز/يوليو المقبل، أي بعد أيام معدودة. ورغم أن السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي شارك في مشاورات حول الضم في البيت الأبيض، يؤيد تنفيذ الضم فورا وكخطوة أحادية الجانب، خلافا لموقف مستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنر، الذي يطالب بإرجاء التنفيذن إلا أن قادة المستوطنين غير متفقين حول الضم، لأنه خطوة من شأنها أن تؤدي لقيام دولة فلسطينية، بنظرهم.

ووفقا لهرئيل فإن قسما كبيرا من قادة المستوطنين يعارضون ضما جزئيا، وحتى ضم 30% من الضفة الغربية، ويشككون بأن نتنياهو لن يفي بتعهده بتنفيذ مرحلة ثانية من الضم في المستقبل.

وكتب هرئيل أن “المكسب السياسي المتوقع أن يحققه نتنياهو من الضم بات موضع شك الآن، فيما تتراكم المخاطر الإستراتيجية. ففي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يشددون معارضتهم للمخطط. والمسؤولون في وزارة الأمن يخشون إمكانية وقف صفقات أسلحة مع أوروبا في حال تنفيذ الضم. والأردن قلق جدا من أي إمكانية لضم إسرائيلي في الضفة وخاصة في غور الأردن. والمملكة غير مستقرة بتاتا، إثر الأزمة الاقتصادية وفضائح فساد متواصلة. كما أن قادة دول الخليج، الوديين جدا تجاه نتنياهو، لن يصفحوا له إذا بدأ يدحرج كرة الثلج التي ستؤدي إلى تهديد نظام عبد الله الثاني“.

وأضاف هرئيل أنه “بدأ نتنياهو على ما يبدو بإعداد ذريعة محتملة لتجميد الضم أيضا، بواسطة دحرجة التهمة نحو غانتس ووزير الخارجية، غابي أشكنازي. وعمليا، تهديده بالتوجه لانتخابات أخرى بسبب الخلاف على الضم يثير شكوكا. فليس الضم هو الذي يهم الناخبين الإسرائيليين، وإنما الكورونا وبالأساس الأزمة الاقتصادية الهائلة التي تسبب بها الفيروس“.

ورأى هرئيل أن تفكيك الائتلاف الآن ينطوي على مخاطرة، لأن الرأي العام، المؤيد لنتنياهو بأغلبيته، “قد يتغير في الخريف المقبل، بسبب عدم غياب كورونا واشتداد الأزمة الاقتصادية من جراء ذلك”. وإلى جانب ذلك يخوض نتنياهو معركة قضائية في أعقاب تقديم لائحة اتهام ضده بمخالفات فساد خطيرة وبدء محاكمته، واحتمال ظهور قضايا أخرى ضده، مثل قضية الغواصات. ورغم ذلك هو بانتظار فرصة تسمح له بالتوجه لانتخابات، وبعدها يتم سن وقانين توقف الإجراءات القضائية ضده.

وحسب هرئيل فإن “مسؤولين رفيعي المستوى في جهاز الأمن الإسرائيلي طالبوا رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بالاتصال مع البيت الأبيض. وعباس رفض. ولو فعل ذلك، على الأرجح أن تتم إزالة مقترح الضم كخطوة أحادية الجانب عن الأجندة، مؤقتا على الأقل، وستركز الإدارة الأميركية جهودها في محاولة استعراض تقدم في المفاوضات ولو كان غير حقيقي، قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل“.

وأضاف هرئيل أنه “في جهاز الأمن يقدرون أن عباس يسعى إلى وقف الضم بكافة الوسائل، لكنه يعتقد أن بإمكانه القيام بذلك بواسطة تهديدات والسير على الحافة، من دون التدهور إلى انهيار السلطة وحرب. وخلال لعبة الحرب التي أجراها الجيش الإسرائيلي والشاباك، بداية الأسبوع الحالي، جرى التداول في إمكانية أن ينفذ عباس تهديده و’يلقي المفاتيح’ بأيدي إسرائيل. ومن الناحية الفعلية، إسرائيل لا تملك المال من أجل العودة إلى إدارة شؤون سكان الضفة. وثمة شك كبير إذا كان المجتمع الدولي سيتجند من أجل ذلك“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى