شؤون لبنانية

“التجمّع الأكاديمي لأساتذة الجامعة اللبنانيّة”: في المواجهة النقدية لأطروحات “صندوق النقد الدولي” وتداعياتها الخطيرة.

 

من دون أيّة ديباجة أو مقدّمات، يعلن “التجمّع الأكاديمي لأساتذة الجامعة اللبنانيّة”، مواجهته النقديّة والعلميّة الصريحة لبعض أطروحات “صندوق النقد الدولي”، منبّهاً بإلحاح إلى التداعيات الخطيرة التي ستنتج عن تلك الخطوات فتصيب مستقبل لبنان واللبنانيين:

 

القسم الأوّل: في المواجهة لمقترحات صندوق النقد الدولي للبنان

أولاً: زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11% الى 20%:

أ‌-          انعكاساتها: زيادة الأسعار 6% إلى 7% إضافةً على ما طرأ عليها من زيادات خياليّة لا ضوابط لها رسميّة أو أخلاقيّة.

ب‌-       تراجع إيرادات الخزينة إلى 2.1 مليار دولار بدلاً ممّا هو متوقع أي 940 مليون دولار.

ثانياً: سيؤدي إلغاء الضريبة على معظم السلع المعفيّة الى زيادة حتميّة في معدلات الفقر المرتفعة حالياً والتي بلغت ال: 50%.

ثالثاً: بالنسبة لفرض ضريبة 5 آلاف ل.ل. على المحروقات أي ما سيزيد 20% على سعرها الحالي، وستكون النتيجة لذلك زيادة غلاء معيشة تتراوح بين 5 و 6%.

رابعاً: إلغاء الدعم عن الكهرباء:

لا يوجد خسارة حالياً سوى تلك الناتجة عن السرقات الموصوفة في المؤسسة والتي وصلت أصداؤها إلى العالم. واذا ضبطت هذه السرقات فسيتم التوصل الى استعادة التوازن، وعند الضرورة لربّما تقرّ الزيادة الطفيفة على تعرفة الكهرباء المعمول بها.

خامساً: إعادة النظر في هيكلية الرواتب في القطاع العام وفي نظام التقاعد:

اذا قامت الدولة بتحصيل حقوقها غير المحصلة حالياً من الضرائب والرسوم فستزداد وارداتها ما بين 5 – 10 مليار دولار بالتدرج. ولا تعود رواتب في القطاع العام تشكّل، وهذا حق مقدّس كما يدعي البعض جهلاً عكس ذلك، النسبة الكبرى من واردات الدولة، لكنها ستتدنى الى ما دون العشرين % إسوة بباقي الدول في العالم التي مرّت بأزمات مماثلة.

مع العلم، أنّ الموقف الإصلاحي الحقيقي لترشيق القطاع العام، يتطلّب إقالة الموظفين الذين لا يعملون في مختلف الوزارات، والتأكيد على أهميّة دور المؤسسات الرقابيّة في التوظيف على قاعدة الكفاءة والتجربة. أمّا بالنسبة لنظام التقاعد في الدولة والضمان الاجتماعي، فإنّ نسبة مساهمة الدولة لا تتجاوز ال 6% في القطاع العام وال 8.5% في القطاع الخاص. وهذه النسب لا تمثل اكثر من 25% بالمقارنة مع مختلف الدول الأوروبية المتطورة الديمقراطيّة، علماً ان عناصر الاستثمار لو طبقت على الموجودات التقاعدية، فإنّها تكفي لتأمين الرواتب التي يستفيد منها موظفو القطاع العام حالياً.

والملاحظة المهمّة أنّ نسبة الـ 6% الخاصّة بالقطاع العام المذكورة، فإنّها تقتطع من رواتب الموظفين شهرياً والدولة لا تساهم بشيء وهي بمثابة قجّة للموظّف يؤمّن بها مستلزمات تقاعده وآخرته .

سادساً: إنّ زيادة 0.6 % من الناتج المحلي على ضريبة الأملاك المبنية بنسبة 50% غير منطقي وهو يقع في غير محلّه. كان من الأولى ان يقترح خبراء صندوق النقد الدولي عامل استثمار فعلي يتراوح بين 4 و 6 % على قيمة الأملاك البحرية والنهرية المغتصبة من قبل معظم السياسيين واتباعهم. وهذا ما يزيد قطعاً إلى واردات الخزينة 3 مليار دولار بدلاً من 350 المليون دولار المقترحة من قبل صندوق النقد الدولي والتي ستنتج من الضريبة المقترحة على الأملاك المبنية. ويفترض التنبيه إلى أنّ قيمة الأملاك البحرية والنهرية المغتصبة تقدر ما بين 80 و 100 مليار دولار.

سابعاً: ارتفاع تحديد سعر الدولار الى 3000 ل.ل وما فوق.

سوف تؤدي هذه الخطوة الى زيادة فعلية في الأسعار تتراوح ما بين 60 الى 70%

ثامناً: يرى “التجمّع الأكاديمي في خلاصة القسم الأوّل:

           سوف تؤدي مختلف الطروحات ألمشار اليها أعلاه من صندوق النقد الدولي، الى زيادة الأسعار بنسبة 100% عن سعرها الحالي أي أنّ  القدرة الشرائية للّبنانيين ستتراجع حتماً بنسبة 50% على ما هي عليه الآن.

           سوف يؤدي ذلك الى تفاقم معدلات الفقر والبطالة الى مستويات مرعبة قد تصل إلى أكثر من 60 % أي ما يوازي 600 ألف عاطل عن العمل إضافة الى ال300000 المسجّلين حالياً.

           أدت الإجراءات المطبّقة من المصارف والبنك المركزي وهي ستؤدي بما سنقع فيه لبنانيين، إلى عجز فاضح في ميزان المدفوعات، وهكذا سترتفع خسارة لبنان واللبنانيين ما يزيد عن 10 مليارات دولار كانت تأتي من المغتربين اللبنانيين ومن المؤسسات اللبنانية التي تصدّر الى الخارج بما قيمته 3 مليار دولار سنوياً.

           سيؤدي هذا الوضع أيضاً إلى تفاقم مخيف في التدهور النقدي والمالي في لبنان.

إنّ المعلومات التي بنيت عليها مقترحات “صندوق النقد الدول” وأطروحاته، ارتكزت على معلومات خاطئة خاصة تلك الأمور المتعلقة بالناتج الوطني الذي أبرزه بعض خبراء الاقتصاد بأنّه يزيد فعلياً بنسب تتراوح بين 30 الى 40% عمّا هو محتسب أساساً من قبل المؤسسات الحكومية والدولية.

ملاحظة: إنّ الرقم المحتسب حالياً للناتج الوطني اللبناني هو بحدود 57 مليار دولار بينما يصل الرقم الفعلي او الحقيقي إلى حدود 75 – 80  مليار دولار.

القسم الثاني: النتائج المحتملة في حال تطبيق اقتراحات صندوق النقد الدولي واستمرار الأزمة السياسية:

أولاً: تفكك مؤسّسات القطاع العام بما فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية بسبب الجوع الذي سيطال الجميع.

ثانياً: تفكك لمؤسسات الحمايات الأمنية والخاصة.

ثالثاً: تعرّض العديد من منازل ومقرّات السياسيين والأحزاب وفصورهم وممتلكاتهم للهجوم من قبل الجائعين والذين سيداهمهم الجوع تباعاً.

رابعاً: خسارة موارد الدولة الحاليّة والمرتقبة خصوصاً في النفط والغاز أو الإنصياع لتأجيل استثمارها الى أمد غير منظور لا يمكن تقديره لبنانيّاً.

خامساً: احتمال معاناة فئات واسعة من المهمشين والفقراء من المجاعة بشكل تدريجي.

سادساً: سيواجه لبنان تفكّكاً مريعً وواسعاً لمؤسسات التقديمات الاجتماعية والصحية والتربوية وغيرها.

سابعاً: سيواجه لبنان هجرة واسعة داخلية وإقليمية وخارجية مخيفة قد تقضي على مقومات وجود الوطن.

ثامناً: إنّ انهيار المؤسسات الأمنية والاجتماعية ستسمح للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين بالمساهمة في زيادة عامل الفوضى على مختلف المستويات والمناطق.

القسم الثالث:رداً على السيناريوهات المظلمة التي ابرزنا بعضاً من مظاهرها.

المطلوب وفقاً لما ورد:

1-        التشبث الشامل والكامل واتلصادق بالوحدة الوطنية اللبنانيّة المتعالية عن العصبيات الفئوية التجزيئيّة.

2-        إجراء الإصلاحات الداخلية واقفال مزاريب الهدر والفساد بكلّ ما أوتينا من قوّة، ويمكن التطلّع أيضاً نحو الشرق (روسيا والصين) حيث يمكن للدولة اللبنانية ان تؤمّن مكاسب واهتماماً أكثر من التوجه نحو صندوق النقد الدولي.

3-        إستنفار الوعي الوطني لدى كل نخب الشعب اللبناني لتجديد ايمانه بترسيخ الدولة اللبنانية المستقلة وفقاً لشرعة حقوق حقوق الانسان وملحقاتها ومندرجاتها.

4-        تحذير كل الفئات اللبنانية من استعمال العنف في ما بينها من جهة او في ما بينها وبين المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية وخصوصاً مؤسّسة الجيش.

5-        دعوة المغتربين اللبنانيين في العالمين العربي والدولي إلى التحرك والتعاضد فوراً والقيام بالمهمات المساعدة للدولة والمجتمع اللبناني وذلك على عدّة مستويات:

           إقتصادياً وماليّاً من خلال تأسيس صناديق إستثمارية تدعم الاقتصاد الوطني وتحول دون هجرة اللبنانيين إلى الخارج.

           دعوة المؤسّسات الدينيّة (الأوقاف المسيحية والإسلامية والدرزية) إلى وضع إمكانياتها المادية بتصرف الانماء الاجتماعي كما سبق لها وفعلت في أثناء الحرب العالمية الأولى.

           التحذير الدائم من أطماع “إسرائيل” ومن وراءها بالمياه والنفط والغاز والإصرار على حماية ثرواتنا البشرية والطبيعية.

           دعوة كافة وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء ووسائل التواصل الإجتماعي الى الحؤول دون الترويج غير المبني على الوعي الوطني، وتفادي كل مظاهر العنف والتطرف اللفظي أوتأجيج التناقضات وإبراز الإيجابيات التي تجمع ولا تفرق بين اللبنانيين في أخطر مرحلة من تاريخهم.

           دعوة المثقفين اللبنانيين في الداخل كما شتى دول العام، إلى وعي وتفهم خطورة ما يعانيه لبنان بالضبط في هذه المرحلة الحرجة، والمبادرة للتحرك دفاعاً عن المصالح التاريخية لشعبنا ودولتنا.

           دعوة القضاء اللبناني، خاصة من خلال المواقف اللافتة والشجاعة، للمباشرة بالاقتصاص من الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، باعتبار أنّ ذلك يعطي آمالاً للشعب اللبناني بالخلاص وعدم الوقوع مجدّداَ في أتون العنف والفوضى. وينوّه “التجمّع الأكاديمي” في هذا المجال الفائق الأهميّة، مواقف رئيس مجلس القضاء الأعلى ونادي القضاة وبعض القضاة الشجعان ومبادراتهم التي تترك المؤشرات الإيجابية لدى جميع اللبنانيين.

 

التجمّع الأكاديمي لأساتذة الجامعة اللبنانيّة

الدكتور بشارة حنّا، 03224366

الدكتور عصام خليفة،03755302 

الدكتور نسيم الخوري،03266994

                                                      بيروت في 6 أيّار 2020

                                                                                               

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى