شؤون لبنانية

الراعي: نمر بصعوبة كبرى ونحن مدعوون لان نتساعد

استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عند التاسعة والنصف من قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وعرض معه الاوضاع الراهنة في البلد اضافة الى الخطة الاقتصادية التي تنوي الحكومة اقرارها خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم للنهوض بالاوضاع الاقتصادية ومعالجة الازمة المالية التي تتخبط فيها البلاد.

 

من جهته، عرض البطريرك الراعي للرئيس عون ما تقوم به الكنيسة المارونية لمساعدة المواطنين على الصمود في ظل هذه الظروف الصعبة، اضافة الى الاجتماع الموسع الذي سيعقد الاسبوع المقبل في هذا الاطار في الصرح البطريركي والذي سيضم الاساقفة الموارنة الى جانب الرؤساء العامين والرئيسات العاملت للرهبانيات وممثلي المنظمات المارونية. وجدد البطريرك الراعي دعمه لرئيس الجمهورية والحكومة في ما يقومان به في ظل هذه الاوضاع.

بعد اللقاء، ادلى البطريرك الراعي بتصريح قال فيه: “تشرفت بلقاء فخامة رئيس الجمهورية، لأنه لم نلتق معا منذ فترة طويلة، ذلك ان وباء كورونا حال دون هذا التلاقي، لا سيما في زمن عيد الفصح، الذي كان عادة يشكل مناسبة للقاء. وقد قدمت لفخامته التهاني بالعيد، كما عرضت له ما نقوم به ككنيسة مارونية من ابرشيات ورهبانيات رجالية ونسائية، من عمليات اغاثة حاليا، وأطلعته على الاجتماع الذي سيعقد الاربعاء المقبل والذي سيضم الاساقفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات، اضافة الى المنظمات المارونية كالرابطة المارونية، والمؤسسة المارونية للانتشار، والمؤسسة البطريركية للانماء وغيرها… لنرى كيف يمكننا ان ننشىء شبكة تغطي كافة الاراضي اللبنانية بحيث لا تكون هناك من عائلة تعاني من الجوع او محرومة. وقد أطلعت فخامته على هذا الموضوع، لأننا جميعا مسؤولون، ككنيسة وشعب، كي نتمكن من اجتياز هذا الظرف الصعب عالميا، وكوننا ايضا نجتاز داخليا ظرفا صعبا. من هنا أهمية ان نضع جميعنا أيادينا بأيادي بعضنا البعض. وقد تكلم فخامته عن اجتماع مجلس الوزراء اليوم والخطة المقترحة لتعزيز الاقتصاد الانتاجي“.

اضاف: “نحن علينا كلبنانيين ان نضع ايادينا بايادي بعضنا البعض، فنحن نمر بصعوبة كبرى لكن ما من احد عليه ان يتفرج او يخجل او ينتقد. نحن مدعوون لان نتساعد“.

وتابع: “أريد ان أوجه تحية الى الثوار. لقد حيينا دائما الانتفاضة من اساسها، وقلنا اننا مع مطالبكم، ونشعر فيها معكم كمواطنين لبنانيين. لكننا كنا دائما ننادي ان تكون الثورة على الدوام بناءة وحضارية وثقافية، بحيث تظهر وجه لبنان الى العالم. أما ان نصل الى ما يحدث اليوم من تعد على الاملاك العامة والخاصة، وتعد على الجيش والامن الداخلي ومن استخدام للحجارة، فهذا ما لا يمكن ان نقبل به على الاطلاق. نحن مع مطالب شعبنا وحاجاته، ويدمي قلبنا ان نسمع مواطنا يقول انه جائع. وهذه دعوة الى الجميع للمساعدة، ولكن من غير المسموح لأحد ان يقوم بما ذكرته، ذلك ان الامر معيب جدا ولا يعطي ثقة بلبنان، بل يدفع العالم بأسره الى اسقاطنا من عينه، في الوقت الذي لبنان فيه غير هذا الواقع“.

واردف: “لقد تكلمت بكل هذه القضايا مع فخامة الرئيس، وأكدت له اننا مع فخامته، ومع الحكومة ومع مجلس النواب وكل مؤسسات الدولة الدستورية، وندعمها كلها كي تخدم شعبنا في هذا الظرف الصعب. ان الكرة الارضية مشلولة بأسرها ونحن متأثرون بهذا الامر، انما علينا ان نعرف كيف نسند بعضنا البعض لكي ننهض من جديد“.

وردا على سؤال عما اذا كان الامر يستدعي تكاتف القوى السياسية كافة مع بعضها البعض ايضا، اجاب: “انا شخصيا من الاساس، داعم للحكومة لأنه لا يمكننا ان نعيش في حالة اللااستقرار والفراغ. ولقد دعمت الحكومة، والبعض لم يعجبه الامر. لكنني لم ادعمها “كرمى لسواد عيون احد”، انما من اجل لبنان، الذي لا يمكنه ان يسير من دون مؤسسات دستورية. هذا هو الموقف الذي اتخذته وما زلت عليه الى الآن. ان البلد لا يتحمل ابدا أي هزة، ولا يتحمل ابدا اي فراغ. علينا ان نواجه واقعنا، لذلك علينا ان نتكاتف. وهذه هي الدعوة التي أوجهها الى الجميع والى كافة المسؤولين عن الاحزاب والى جميع الذين يتعاطون في الشؤون السياسية. علينا ان نضع جانبا كافة مشاكلنا الخاصة واختلافات الرأي في ما بيننا، ونضع جميعنا ايادينا بايادي بعضنا البعض“.

وسئل عن موقفه من موضوع حاكمية مصرف لبنان، وعما اذا بحثه مع رئيس الجمهورية، فاجاب: “لا لم نأت على ذكره. لكن هذا الموضوع اخذ الكثير من الردود وفي غير محله. ان رئيس الحكومة قال ما قاله، والحاكم قال ما قاله ايضا، واصبح العمل الآن في الداخل. ما قلته يقوم على وجوب ان يسمعوا لبعضهم البعض ويقرروا وفق الطرق الدستورية وليفتحوا كافة القضايا التي نحن بحاجة اليها. هذا الموضوع اصبح بالنسبة لي ورائي. فكل احد قال ما قاله، واصبح عملهم كمسؤولين في الداخل. نحن نساندهم كمسؤولين لاتخاذ ما يجب من قرارارت“.

قيل له: كلما يتم فتح اي ملف ينبري رؤساء الطوائف للدفاع عن صاحبه وفق انتمائه الطائفي، فأجاب: “أنا لم أدعم الحاكم على هذا الاساس. وعندما دعمت الحكومة والرئيس دياب ليس لأنهم موارنة. نحن لا ندعم في أي مرة على أساس طائفي. نحن ندافع عن المؤسسات الدستورية. واذا ما تكلمت فليس على اساس ان فلانا ماروني ام لا. في العظة ذاتها كنت أطالب بحقوق الاخوة الاورثوذكس، هل لأنهم موارنة؟ نحن لا نقف أبدا الى جانب أحد على أساس طائفي. نحن نقف الى جانب المؤسسات الدستورية ومع حفظ كرامات جميع الناس“.

وردا على سؤال عما اذا كانت من موجبات التكاتف الذي دعا اليه الدعوة الى انعقاد طاولة حوار وطني، قال الراعي: “أمر طبيعي، فغير الحوار لا يوصل الى مكان. نحن نطلب هذا الامر من الجميع، ذلك اننا على متن سفينة واحدة، اما ان نسقط جميعنا واما ان نصل جميعنا الى الميناء. ليس هذا الوقت للعودة الى الماضي. علينا ان نسير الى الامام ونطلع من ذواتنا، ونرى أين هي المصلحة العامة، ونضع ايادينا بايادي بعضنا البعض“.

وعما يقوله للبنانيين الذين ينزلون الى الشارع بسبب الغلاء وارتفاع الاسعار، قال: “نحن ندعو ان يقدر الله الحكومة برئاسة فخامة رئيس الجمهورية على وضع الخطة الاقتصادية ومباشرة العمل بموجبها. واريد ان اتوجه الى المجتمع اللبناني بالقول ان المعالجة لا تقوم على اساس كبسة زر. علينا ان نهدأ قليلا ونتحمل قليلا ونساعد بعضنا البعض. من هنا تحدثت عن دور الكنيسة الذي نقوم به الآن في كيفية مساندة الناس في الوقت الذي تضع فيه الدولة خطتها. لأنه ليس بمجرد ان نضع الخطة اليوم تكون قد نفذت في الغد. ان التنفيذ يتطلب وقتا، ونحن علينا ان نتساعد لكي نتمكن من الصمود“.

وختم بالقول: “لا نريد ان ينام احد جائعا ولا ان يموت على الطرقات اي جائع. هذا هو عملنا الى حين تكون الدولة قد وضعت خطتها وقامت بخدمة جميع المواطنين. فاذا قام كل قادر وكل فئة بمساندة الآخر لنتمكن من مساندة شعبنا، يكون هذا الامر أفضل ما يمكن ان نقوم به. المسؤولون ليسوا فقط اولئك الذين هم في السلطة، بل نحن جميعا مسؤولون، كل من موقعه”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى