شؤون لبنانية

دياب: الدولة غير موجودة فعليا في عقول الناس

زار رئيس مجلس الوزراء اللبناني  الدكتور حسان دياب، قبل ظهر اليوم، مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يرافقه المستشاران خضر طالب وحسين قعفراني، وكان في استقباله وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وأقيمت له مراسم التشريفات الرسمية.

وعقد دياب اجتماعا مع فهمي وعثمان، في حضور طالب، قبل أن ينتقلوا إلى قاعة المؤتمرات في المديرية، في حضور قادة الوحدات في قوى الأمن الداخلي وكبار الضباط، وألقى عثمان كلمة ترحيب قال فيها: “بداية، أتشرف باسمي وباسم مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي، وضباطها ورتبائها وأفرادها، أن أرحب بكم هنا في مقر المؤسسة الأعرق في الدولة اللبنانية التي تجاوز عمرها القرن ونصف القرن، وأول مؤسسة رفع العلم اللبناني على مبانيها.

أضاف: “إن ال 159 من عمرها، مرت بأحداث ومحافل ومصاعب كثيرة اعترضت عملها، لكنها بقيت على قدر المسؤولية لتطور نفسها وتماشي المؤسسات والأجهزة الأمنية العالمية ولا سيما منها في الدول المتحضرة. قوى الأمن الداخلي وجدت لحماية حقوق المواطنين وأمنهم وتنقلاتهم وممتلكاتهم، ووجدت لحفظ النظام وتوطيد الأمن والسهر على تطبيق القوانين وحماية الحريات العامة ضمن إطارها، ولتنفيذ مهام متعددة في مجال الضابطتين الإدارية والعدلية تحت إشراف القضاء، وأوكلت إليها مهام مختلفة من حراسات وإدارة سجون وتأمين ضابطة السير. والقانون، في المقابل، أعطى قوى الأمن الداخلي حقوقا متعددة وصلاحيات إكراهية تجاه الغير، لتأمين الحماية القانونية لعناصرها في أثناء تأديتهم مهامهم وضمن قواعد محددة، تحتم اجتناب كل عنف لا تقتضيه الضرورة.

وتابع: “قوى الأمن الداخلي ملتزمة واجباتها ضمن حدود النصوص القانونية التي ترعى عملها ومهامها. وضباطها وعناصرها يبذلون ما بوسعهم لتنفيذ القوانين، وحفظ النظام وتوطيد الأمن. فمنذ 17 تشرين المنصرم لغاية تاريخه، قوى الأمن الداخلي لا تزال في جهوزية عالية مع كل حدث مستجد، وتقوم بمهامها بحرفية متميزة وبحيادية متناهية تجعلها على مسافة واحدة من الجميع. فالمؤسسة التي خاضت أشرس المعارك ضد الإرهاب والتجسس وعملت من دون كلل على مكافحتهما، بالإضافة الى مكافحة الجريمة بشتى أنواعها وأشكالها، لم ولن تصعب عليها تأدية المهام التي توكل إليها، تبعا للأحداث المتتالية التي تمر بها البلاد“.

وقال: “دولة الرئيس قوى الأمن الداخلي تقدر دعمكم الجلي لها، والذي لمسناه أيضا من معالي الوزير محمد فهمي، ابن المؤسسة العسكرية الأم، ووقوفه بحزم بجانب مؤسستنا، وذلك اقتناعا منكم بالدور الوطني الفعال والمفصلي الذي تقوم به قوى الأمن الداخلي، وقد بتنا نشعر بأن معالي الوزير هو ابن هذا البيت.

 

أضاف: “دولة الرئيس معالي الوزير وجودكم هنا اليوم هو حتما نتيجة تقدير لعمل هذه المؤسسة، لقيام عناصرها بمهامهم الحساسة بكل مسؤولية ومن دون مواربة وبشفافية ملحوظة، ولا سيما بعد ترسيخه نهج المحاسبة الجدية، والشفافة فيها. فلا شك في أننا كنا أول مؤسسة في الدولة، بادرت الى مكافحة الفساد بدءا بنفسها، وهذا ما جدد الثقة بينها وبين المواطنين، وأوجد شراكة فعالة مع المجتمع الذي يعنيه الأمن كما يعني رجل الأمن نفسه.

وختم عثمان: “دولة الرئيس، في الختام أجدد ترحيبي بكم، وأكرر تعهدي الذي قطعته على نفسي، بأن أكمل مسيرتي الأمنية على رأس هذه المؤسسة بالشكل الذي يعيد للدولة ومؤسساتها هيبتها وثقة المواطنين بها. وذلك ليس منة منا، بل هذا واجبنا ووفاء للقسم الذي أقسمناه عند انخراطنا بهذه المؤسسة. هذا الوطن في حاجة لنا جميعا، ولكل أبنائه لكي نعيد بناءه بشكل يضعه بين الدول الراقية والمتحضرة. فبلدنا وشعبه الطيب يستحقون الافضل.

ثم ألقى وزير الداخلية كلمة قال فيها: “دولة الرئيس أهلا وسهلا بكم في هذه المؤسسة الوطنية التي أنشئت نواتها النظامية الأولى خلال العام 1860، وأصبحت اليوم، توازي من دون أدنى شك، أهم المؤسسات الأمنية في البلدان المتقدمة، وذلك بفضل الجهود والتضحيات التي بذلتها هذه المؤسسة على مستوى حفظ النظام وتوطيد الأمن وحماية جميع اللبنانيين من المناطق كافة، بالإضافة الى حماية الممتلكات على أنواعها، وحماية القوانين وتطبيقها وتطبيق الأنظمة المنوطة بها.

أضاف: “إن دم شهداء ومصابي هذه المؤسسة، بالإضافة إلى بقية المؤسسات الأمنية، أدى الى تحقيق إنجازات كثيرة، وساهم الى حد بعيد في حماية لبنان وبقائه، وشكل عنوان تلاقي اللبنانيين كافة بأطيافهم المتعددة.

وختم: “لن أطول الكلام، بإسمي وبإسم الضباط نشكر لدولتكم دعمكم المتواصل، ونعاهدكم أن تبقى هذه المؤسسة كما كانت منذ إنشائها لخدمة لبنان واللبنانيين”.

أخيرا ألقى رئيس الحكومة كلمة قال فيها: “صباح الخير. شهر مبارك عليكم. أتوجه إليكم بالتحية أولا، على الجهد الكبير الذي تبذلونه لحفظ الأمن والنظام العام وتطبيق مندرجات إعلان التعبئة العامة، وكذلك التضحيات التي بذلتموها لحماية التعبير عن الرأي في الشارع، وبمواجهة أعمال الشغب التي حاولت حرف مطالب الناس وتشويهها، وقد تعرضتم لإصابات كثيرة في مواجهة الاعتداء على القوى الأمنية والمؤسسات الحكومية. لذلك، أتيت اليوم لأشد على أيديكم، وأنوه بالقيادة الحكيمة لقوى الأمن الداخلي، وعلى رأسها المدير العام اللواء عماد عثمان، والتي تعاملت مع هذه الوقائع بمسؤولية وطنية، لحماية المتظاهرين أولا، وحماية التعبير عن الرأي ثانيا، وحماية الأملاك العامة والخاصة ثالثا.

أضاف: “الواقع أن صورة الدولة باهتة في نظر اللبنانيين. الدولة غير موجودة فعليا في عقول الناس. الدولة ترهلت، نتيجة ممارسات أساءت إلى دورها. الدولة خسرت هيبتها بسبب طعنات عميقة في بنيتها. الدولة فقدت ثقة الناس لأنها انفصلت عنهم. الدولة فقدت هويتها عندما تجذرت فكرة الاندماج بين السياسة والسلطة والقوى التي تحكم. فعليا، ليس لدينا ما يسمى دولة عميقة تمثل فكرة الدولة، ولا تتأثر بتغيير في السلطة إلا من حيث الأداء، إنما هناك منظومة عميقة تمثل السلطة بكل مكوناتها، ولو تغيرت صور الحاضرين على طاولتها. المطلوب اليوم فك الارتباط بين الدولة ومصالح السلطة، وربط الدولة بالمواطن مباشرة. عمليا، أنتم تمثلون واجهة الدولة أمام الناس، ويجب ألا تكونوا تحت أي ظرف، وفي أي وقت، ذراع السلطة على الناس. هكذا تستطيع الدولة استعادة هيبتها وصورتها، وهكذا تبدأ تنقية فكرة الدولة من مفهوم السلطة.

وتابع: “أنا أعلم أنكم تواجهون تحديات كثيرة، ونجحتم في الفترة الماضية، في تجاوز الكثير من حقول الألغام، بحكمة لافتة لا بد من أن أنوه بها، وبجهودكم جميعا، ضباطا ورتباء وأفراد. وأنا هنا لا أستطيع إلا أن أنوه بمعالي وزير الداخلية الذي قدم صورة ممتازة لوزارة الداخلية بكل الإدارات التابعة لها، ويشرف مباشرة على كل التفاصيل.

وختم دياب: “البلد أمانة بأيديكم، وحفظ النظام مسؤوليتكم، وأنا واثق أنكم على قدر هذه المسؤولية الوطنية، لذلك أنا هنا اليوم لأشد على أيديكم، فحمايتكم ضرورة لتكريس فكرة الدولة وهيبتها. الله يحميكم حتى تحموا الناس والبلد. عشتم وعاش لبنان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى