الصحافة البريطانية

من الصحف البريطانية

من زوايا مختلفة ومثيرة للاهتمام تواصل صحف بريطانيا متابعة أزمة وباء فيروس كورونا القاتل. فتحاول الإجابة عن أسئلة منها: لماذا تتفشى المعلومات الخاطئة بنفس سرعة تفشي الوباء؟ وهل يمكن أن تكون الأزمة غير المسبوقة هي نفسها فرصة غير مسبوقة لإصلاح طال الكلام عنه في بريطانيا؟ وهل يمكن أن يكون في العزل الاختياري فوائد حقا؟ وكيف يمارس الفقراء العزل الصحي تنفيذا لتعليمات الأطباء؟

في صحيفة الغارديان، يناقش هوغو ميرسييه انتشار الأخبار المزيفة في أوقات الأزمات.

ويضرب الكاتب، وهو باحث فرنسي متخصص في علم المعرفة بالمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، مثالا بما أشيع عن أن فيروس كورونا قد طُور في معامل صينية أو أمريكية أو فرنسية، أو عن إصابة رونالدو والبابا بالفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 القاتل.

وينطلق الكاتب من فرضية أن المعلومات المضللة تتكاثر في أوقات الأزمات. ويتساءل: لماذا تزدهر المعلومات الخاطئة؟ هل تعني كل هذه الأخبار المزيفة (عن تخليق الفيروس وإصابة رونالدو والبابا به) أن الناس ساذجون بشكل ميؤوس منه، وقلقهم يجعلهم يتقبلون الهراء السافر؟

وفي مقال بعنوان “الأخبار المزيفة في ¬¬زمن ¬فيروس كورونا: ماهو حجم التهديد؟”، يحاول الكاتب طرح تفسير يجمع بين العاملين المعرفي والنفسي.

ويشير ميرسييه إلى أنه “في العديد من الحالات، يتناقل الناس الأخبار المزيفة على سبيل المزاح واللهو”. ويضيف “القصص الغريبة الكبيرة (التي بدأت في حالة فيروس كورونا بحساء الخفاش) وتلك المتعلقة بالشائعات عن المشاهير (مثلما في حالتي رونالدو والبابا) تدغدغ مشاعرنا“.

ويمضي ميرسييه، قائلا “عندما نقيٍّم المعلومات، فإننا نقارن ما يقال لنا (أو ما نسمعه) بمعتقداتنا: فإذا اتفقت معها، نميل إلى قبول المعلومات. وتستغل الأخبار المزيفة ذلك عن طريق تعزيز أحكامنا المسبقة: فالذين يشربون المشروبات الروحية يعتقدون أن الكحول نفسه هو شفاء، وكذا يلوم العنصريون العلماء الصينيين. على النقيض من ذلك، فإن الرسالة التي تتصادم مع خبراتنا الشخصية، وخاصة إذا استدعت سلوكا مكلفا، تلقى رفضا أوليا“.

ويبني الكاتب على هذا الافتراض، قائلا “بالتالي، من الصعب على الكثيرين سماع الإنذارات المبكرة: فالحبس (في المنازل ضمن خطة مكافحة الفيروس) يبدو رد فعل شديدًا على تهديد لم يؤثر علينا أو على أي شخص نعرفه حتى الآن“.

ويؤكد الكاتب أن التغلب على رد الفعل الأولي يتطلب الثقة، أي أدراك أن من يخاطبنا يتمتع بالأهلية والكفاءة والتخصص، وأنه لا يحاول التلاعب بنا. ويضيف “لهذا فإن تدقيق المعلومات أمر بالغ الأهمية“.

ويشدد ميرسييه على أن التدقيق يتمتع بأهمية بالغة أيضا في تعزيز تصديقنا للأخبار الحقيقية وللنصيحة السليمة.

ويخلص إلى أنه “يجب علينا جميعا أن نسعى جاهدين لنكون محتاطين حريصين، غير أن الحيطة ستفيد فقط لو ساعدتنا في الانفتاح على المعلومات ذات القيمة“.

في الغارديان أيضا، يبحث جوناثان ليو في فوائد البقاء في المنزل كأحد وسائل مكافحة فيروس كورونا.

وفي مقال بعنوان ” أشكال السعادة في الرياضة الصغيرة يمكن أن تساعدنا جميعا في اجتياز فترة الإغلاق”، في إشارة إلى تقييد الحركة خارج المنازل، يتحدث الكاتب عن رياضات مثل المشي السريع في منطقة السكن، وركوب الدراجات في الحدائق العامة والاستمتاع بدروس اليوغا على الانترنت، وتمارين الضغط الخفيفة في غرفة النوم.

ويقول “الكثير من الأنشطة التي تندرج تحت لافتة الرياضة الصغيرة هو هذا النوع من الأمور التي لا يكاد الكثير من الناس يصنفونها على أنها رياضة على الإطلاق“.

وسأل ليو القراء: كيف هو حال الحجر الصحي معكم؟ ثم يجيب من وحي تجربته خلال خلال الأسبوعين الماضيين. ويقول إنه اكتشف أن هناك مهام كثيرة مؤجلة ولم تنجز منذ فترة طويلة، منها كتب لم يقرأها، وأفلام لم يشاهدها وأرفف لم يُرتًب ما عليها. ويشير إلى أنه لولا فترة العزل، ما كان لهذه المهام أن تُنجز.

ويشير ليو إلى أنه من الشائع أن الكاتب الإنجليزي الأشهر ويليام شكسبير كتب مسرحية الملك لير، أحد أروع أعماله، في وقت الحجر الصحي زمن وباء الطاعون.

وينصح الكاتب بالتعامل الجاد مع السلوكيات التي تبدو صغيرة في هذه الظروف. ويقول إنها ربما تؤدي إلى أمور أكبر لاحقا في المشاركة في ماراثون أو حب رياضة بعينها مثلا.

ويخلص ليو إلى القول، أو ربما النصح، بأنه “بشكل ما، وفي عصر الحريات المقيدة وقوة الدولة المخيفة، يمكن للحركات الرياضية الصغيرة المتكررة أن تشعرنا بالراحة“.

كل يوم يتراجع الأمل في بريطانيا في العودة إلى الحياة العادية قريبا، وسط توقعات متشائمة بأن الأسوأ، في أزمة وباء كوفيد-19، لم يأت بعد.

وينطلق الكاتب من هذا السؤال لطرح تصوره عن تحويل الأزمة، التي لا يعرف أحد متى ولا كيف سوف تنتهي، إلى “فرصة لإصلاح حقيقي“.

ويقول ولاس “يمكننا استخدام هذا الاضطراب لطرح أسئلة عن أعرافنا في التعامل مع الضرائب والدراسة في المدارس، والجامعات، والكثير من مناحي الحياة الحديثة الأخرى“.

ومناسبة طرح الفكرة هي رسالة الطبيبة جيني هاريس، نائبة رئيس هيئة الشؤون الطبية في إنجلترا، الصريحة الصادمة التي نصحت فيها البريطانيين بأن يستعدوا للحياة الجديدة الحالية لشهور قد تتجاوز الستة قبل بدء العودة تدريجيا إلى الحياة الطبيعية.

ويقول الكاتب إنه أيا يكن المدى الزمني المتوقع، فإن “السؤال الذي يطرح نفسه هو :هل نحن متأكدون من أن ‘العودة إلى الحياة العادية’ هي ما نريد أن نذهب إليه؟“.

ويقر ولاس بأن “الجميع يريد العودة إلى حياة لا يهدد فيها هذا المرض الفاتك حياة جيراننا وأحبائنا“.

ويسترجع الكاتب آراء المدافعين عن الوضع الذي كان قائما في الأزمة التي غيرت وستغير وجه الحياة في البلاد، وتحذيرهم من الاضطرابات الهائلة في حالة الإصلاح رغم الإقرار بأنه ضروري.

ويقول “كل شيء الآن مضطرب بالفعل، عمل كل فرد توقف، وكل أوجه الحياة تقريبا مجمد بالضرورة. والتكلفة بالفعل هائلة“.

وبناء عليه يقول “من المؤكد أن هذا بدقة هو الوقت الملائم للسؤال عما إذا كان القادم يجب أن يكون هو عودة الأمور إلى ما كانت عليه”. ويضيف “كل شيء يتغير أو يجري تغييره، لذا فإن هؤلاء الذين ينعمون بصحة جيدة والوقت أمامهم يجب أن ينتهزوا اللحظة لاستخدام قدراتهم الكاملة على التخيل“.

ويعبر ولاس عن اعتقاده بأن “كل قطاع، كل مجال من مجالات الحياة، كل جناح من أجنحة السياسة والفلسفة والاقتصاد سيكون لديه أفكار مختلفة (حول العودة إلى حياة طبيعية جديدة)”.

ويوجه الكاتب نداء إلى البريطانيين قائلا “دعونا ننتهز هذه الفرصة للتفكير في أشياء كبيرة بدلا من التعهد بالعودة مباشرة إلى الحياة بما كانت عليه دون التفكير، مجرد التفكير، في ما إذا كانت هذه العودة إلى الحياة العادية هي أفضل طريقة للتعامل مع الأمور“.

ففي الهند، التي ترتفع فيها معدلات الفقر، استخدم بعض سكان إحدى القرى الأشجار العالية ملجأ للحجر الصحي في معركتهم مع فيروس كورونا، وفق تقرير نشرته صحيفة “الإندبندنت أونلاين“.

يقول التقرير إن العمال أُبلغوا بأن يعزلوا أنفسهم طواعية لمدة 14 يوما بعد رحلة طويلة من مدينة تشاناي إلى مسقط رأسهم بمنطقة نائية في ولاية البنغال الغربية.

وتنفيذا للتعليمات “وضع القرويون أنفسهم في حجر صحي فوق الأشجار لتجنب نشر فيروس كورونا بين أفراد عائلاتهم“.

وبحسب التقرير، الذي أُرفق بفيديو قصير، فإن “مجموعة من سبعة عمال أنشأوا مقر إقامة مؤقتا فوق شجرتي مانجو وشركة تين بنغالي تستخدم عادة في البحث عن الفيلة“.

وقال العمال إنهم لا يريدون دخول قريتهم وتعريض أسرهم للخطر لأنهم يعيشون في أكواخ طينية بكل منها غرفة واحدة. وأضافوا “لقد أمرنا الطبيب بالبقاء في المنزل وممارسة التباعد الاجتماعي… وليس لكل منا غرفة خاصة في منازلنا. وقد اتُخذ قرار في القرية بأنه يجب أن نُعزل. نعيش الآن فوق وتحت الأشجار بإرادتنا الحرة ونحن على مايرام هنا، وليس هناك أي مشاكل“.

وكانت الحكومة الهندية قد فرضت على الشعب البالغ عدده نحو 1.3 مليار نسمة أن يلزم المنازل حتى يوم 15 أبريل/نيسان في محاولة للحد من انتشار وباء فيروس كورونا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى