بقلم ناصر قنديل

اتصال إبن زايد بالأسد ليس خبراً عادياً: ناصر قنديل

ليس جديداً خبر الانفتاح الإماراتي على سورية من بوابة عودة العمل إلى السفارة الإماراتية بدمشق، ولا بالجديد وجود اتصالات عالية المستوى بين رجالات الدولتين، ولا الصداقة القديمة بين قيادات البلدين، التي بقيت رغم الأزمة تشهد تبادل رسائل غير مباشرة بالحرص والأمل بتخطي المحنة. ولا هو بالجديد ما يعلمه المتابعون للحال على مستوى العلاقات الخليجية بسورية، من رغبة بترقب التوقيت المناسب للانتقال بالعلاقة الرسمية على مستوى أعلى يتناسب مع المطلوب ومع الرغبة، وما يعنيه ذلك من إدراك وتسليم خليجي، تشكل الإمارات طليعته المتقدمة والمبادرة والأكثر شجاعة، بأن زمن الرهان على الحرب في سورية وعليها قد ولى وانتهى، وأن الدولة السورية قد انتصرت وانتهى الأمر، وأن الإرهاب الذي لا يزال يهدّد سورية كما التهديد التركي، مصدر لخطر مشترك تتولى سورية مواجهته بالنيابة عن جميع العرب.

 

الجديد هو مستوى الاتصال، ومضمون الإعلان الإماراتي بعده، والمعاني التي يحملها هذان البعدان، والمعنى الأول هو أن عناصر الإعاقة لرفع مستوى الاتصال قد تمّ تخطيها. ومعلوم أن أبرز هذه العوائق هو الفيتو الأميركي من جهة، والتردد السعودي من جهة أخرى، وكل منهما يرتبط مباشرة بالعلاقة السورية بإيران وقوى المقاومة. والرهان على أن تأجيل الانفتاح على الدولة السورية سيسمح بالمزيد من الضغط لتغيير موقفها. ومعلوم أن مكانة الشيخ محمد بن زايد ولي عهد الإمارات في كل من واشنطن والرياض، تسمح بالقول إنه ربح رهانه بدعوة كل من الأميركي والسعودي، إلى التخلي عن هذا المسار لأنه أولاً بلا جدوى لمن يعرف سورية ورئيسها، وثانياً لأن الزمن يمر بسرعة بوقائع في غير مصلحة واشنطن والرياض وحلفائهما، إذا بقي الخيار القائم هو الرهان على عزل سورية لأن الذي يجري هو عزل الحكام العرب ومن خلفهم الغرب كله وأميركا في الطليعة، لأنفسهم عن فرص تستطيع سورية وحدَها تأديتها، في زمن تراجع فرص الحروب وقد بلغت أشدّها قسوة كتلك الجارية في اليمن الطريق المسدود، وتقدم فرص التسويات كما أظهرت تفاهمات أفغانستان مع حركة طالبان، وثالثاً لأن المتغيرات التي حملها فيروس كورونا على العلاقات الدولية تتيح فرصة التعبير عن التغيير انطلاقاً من سورية نحو ما هو أبعد منها في المنطقة وخارج المنطقة.

الإعلان الإماراتي عن الاتصال باللغة التي استخدمها ولي العهد، وما تحمله من حرارة التعبير التضامني مع سورية وشعبها ورئيسها، يشكل رسالة سياسية كبيرة لنهاية مرحلة وبداية مرحلة، ليس في العلاقات الإماراتيّة السورية، والعلاقات الخليجية السورية، والعلاقات العربية والغربية بسورية وحسب، بل على مستوى المنطقة. فسورية جزء من محور ومن حلف، فهي ركن وقلعة في محور المقاومة الذي يشكل حزب الله في لبنان رأس حربته، وتشكل إيران عمقه الاستراتيجي، وهي شريك وحليف لروسيا فيما هو أبعد من الحرب على الإرهاب، ضمن رؤية مشتركة لجغرافيا سياسية إقليمية جديدة لصناعة الاستقرار، بما يعني أن ظروف تبديل السياسات نحو هذين البعدين فيما تمثله سورية، قد نضجت ظروفه، وللإمارات جسور علاقات مع كل من إيران وروسيا، مهّدت لما سيأتي في مرحلة الانفتاح على سورية، وما سيأتي بعدها.

– مرحلة جديدة في المنطقة يفتتحها اتصال الشيخ محمد بن زايد بالرئيس بشار الأسد، والعنوان قد يكون في هذه المرحلة هو دبلوماسية الكورونا، ليس في المنطقة وحسب بل في العالم، كما يقول الاتصال الأميركي الصيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى