شؤون دولية

الانتخابات الألمانية: اليمين يعزز مكانته

شهدت مدينة إيرفورت البالغ عدد سكانها نحو 200 ألف نسمة التي تقع وسط ألمانيا، معركة سياسية تهدد الخطوط السياسية التي ارتكزت عليها البلاد بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية.

وأطاحت فضيحة سياسيّة برئيسة حزب الاتحاد المسيحي- الديمقراطي أنيغريت كرامب كارينباور، التي اختارتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتكون خليفة لها.

وانتخب حاكم جديد لمقاطعة ثورينغيا، الذي ساهم في فوزه حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرّف المعادي للمهاجرين، ليكسر محرّمات كانت قائمة منذ عقود تحولُ دون التعاون مع اليمين المتطرّف.

وأظهرت تلك الانتخابات تنامي نفوذ حزب البديل لألمانيا، الذي اتّهمته ميركل هذا الأسبوع بالسعي إلى “نسف الديمقراطية“.

واتسعت قاعدة الحزب اليمينيّ الذي تأسس في العام 2013 على مبادئ رفض العملة الأوروبية الموحدة، ليصبح أكبر تكتل معارض في مجلس النواب الألماني. وحقق الحزب نتائج جيدة في مناطق شرقي ألمانيا حاصدًا أكثر من 20% من الأصوات في الانتخابات الإقليمية.

وفاقمت تلك النتائج الصعوبات التي تواجهها الأحزاب الأخرى في تشكيل ائتلاف، ما أدى إلى أوضاع مماثلة لما حصل في ثورينغيا.

وشكّل انتخاب توماس كيمريش الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الحر لمنصبِ حاكم ولاية، سابقة في السياسة الألمانيّة، باعتمادهِ على أصوات البديل لألمانيا.

وسارع كيمريش الذي حظي بدعم حزبه الليبرالي وحزب ميركل الاتحاد المسيحي الديمقراطي إلى التنحي بعدما واجه موجة غضب عارم.

لكن لم يتراجع حزب البديل لألمانيا، وهدد بالتصويت لمصلحة الحاكم السابق بودو راميلوف المنتمي للحزب اليساري، وهو المرشّح الوحيد الذي يملك حظوظا فعلية للفوز بالمنصب، وذلك بهدف إجباره أيضًا على التنحي وبالتالي نسف إمكان تشكيل ائتلاف في مقاطعة ثورينغيا.

واعتبرت ميركل أن تلك التكتيكات تشكل تهديدًا للديمقراطية.

وأفادت تقارير أوردتها وسائل إعلام ألمانية أن ميركل أبلغت نواب حزبها هذا الأسبوع أنها حذّرت مسبقًا المسؤولين الحزبيين في مقاطعة ثورينغيا من الوقوع ضحية “حيل” حزب البديل لألمانيا.

وقالت ميركل، إنه “من الواضح أن البديل لألمانيا يريد نسف الديمقراطية، وتقويضها”، مؤكدة أن التعاون مع الحزب غير وارد. ويُذكر أن النفوذ المتنامي لحزب البديل لألمانيا يهدد الإرث السياسي لميركل.

وبعدما قوّضت فضيحة ثورينغيا سلطاتها، تنحّت أنيغريت كرامب كارينباور من رئاسة الحزب هذا الأسبوع مستبعدة الترشّح لخلافة ميركل.

وباتت مسألة كيفية التعاطي مع “البديل لألمانيا” تهيمن على آلية البحث عن زعيم للحزب، في وقت يطرح خصم ميركل السابق فريدريش ميرتس ووزير الصحة ينس سبان توجهات يمينية لاستعادة الناخبين الذين خسرهم الحزب.

وكتبت صحيفة “دير شبيغل” على موقعها الإلكتروني، أنه “لقد فشل زعيمان للحزب الديمقراطي المسيحي في غضون فترة زمنية قصيرة بسبب حزب البديل لألمانيا“.

وتابعت أن البديل لألمانيا أصبح “قوة مؤثرة في الحياة السياسية الألمانية على الرغم من أن نسب التصويت له على صعيد البلاد لا تتخطى 15%”.

ويعتمد الحزب استراتيجية “التدمير البنّاء” التي وضعها منظر اليمين المتطرف غوتس كوبيتشيك، وهي تشكل وسيلة للضغط على الأحزاب التقليدية في البلاد.

ويقول الباحث السياسي في جامعة برلين الحرة، غيرو نيوغباور، إن “استراتيجية البديل لألمانيا تهدف إلى ترسيخ فكرة الحزب الرافض للمؤسسات من أجل إثارة اهتمام منتقدي الديمقراطية أو حتى معارضيها وجذبهم“.

وأشار الباحث إلى أن هذا الأمر ستكون له على المدى الطويل “نتائج عكسية” على أهداف الحزب الساعي إلى دخول الحكومة.

ويضيف أن “لكن اليمين المتطرف يعطّل الحياة السياسية في ألمانيا على نطاق أوسع عبر ضرب القواعد والأعراف التي تشكل الثقافة الديمقراطية السياسية“.

وصرّح فولفغانغ بوزباش، الذي ينتمي للاتحاد المسيحي الديمقراطي، لمحطة “إن تي في” التلفزيونية هذا الأسبوع “أخشى أن نشهد خلال بضع سنوات مشهدا مكررا لما يحصل حاليًا في ثورينغيا إنما على مستوى البلاد”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى