الرد السوري الروسي على انتهاكات اتفاق سوتشي: حميدي العبدالله

واضح أن سورية وروسيا ليسا في وارد تحديد موعد عملية تحرير إدلب من الإرهاب في التوقيت الذي تسعى إليه أنقرة وجبهة النصرة أو ما يسمى بهيئة تحرير الشام .

تركيا ومعها جبهة النصرة تريدان الآن أن تبدأ العملية العسكرية السورية الروسية لتحرير إدلب، لأن هذا التوقيت في مصلحتهما، فإذا ما بدأت العملية العسكرية الآن يمكن للرئيس التركي أن ينقلب على اتفاق سوتشي ويتنكر لما وقع عليه مع روسيا أو في مسار أستانا، ويسعى لإصلاح علاقاته مع الوليات المتحدة ودول حلف الناتو، وربما تأخير الانسحاب الأميركي في منطقة شرق الفرات إلى ما بعد انتهاء معركة إدلب، حيث سوف يتفرغ لحشد دول الناتو للإسهام في الوقوف إلى جاب إرهابيي إدلب وتقديم العون والدعم لهم عبر الحدود التركية، وربما أيضاً عبر اعتداءات مباشرة جوية بذريعة الرد على استخدام مزعوم للسلاح الكيماوي من قبل الجيش العربي السوري.

وبالتالي العمل على إطالة أمد معركة إدلب وتحويلها إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ربما ينعقد الرهان في أنقرة وواشنطن على احتمال أن تقود إلى دفع الدولة السورية حلفائها لتقديم تنازلات رفضوا تقديمها طيلة سنوات الحرب الثمانِ السابقة، ورفضوا تقديم مثل هذه التنازلات التي سبقت إطلاقهما لكل معركة قادت إلى تحرير منطقة استراتيجية.

وجبهة النصرة أيضاً تريد التأثير على توقيت معركة تحرير إدلب على نحو لا يجعل تركيا في وضع مضطرة معه للوقوف على الحياد، أو غير قادرة على تقديم الدعم الفعال والمكشوف لجبهة النصرة في معركتها ضد الجيش العربي السوري.

وأمام إصرار الدولة السورية على ممارسة سياسة ضبط النفس والرد على الاعتداءات موضعياً، سعت جبهة النصرة بتحريض ودعم من تركيا إلى تصعيد اعتداءاتها على نحو بات يهدد بتحولها إلى حرب استنزاف حقيقية ضد الجيش العربي السوري وضد الدولة السورية، ولعل عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا جراء تسللات وهجمات الإرهابيين على مواقع الجيش العربي السوري المنتشرة على خطوط التماس، أو على الأحياء والبلدات الآمنة، أو قصف مدينة مصياف، يوضح مدى خطورة استمرار هذه الاعتداءات واستحالة السكوت عليها أو الاكتفاء بالرد الموضعي عبر القصف المدفعي، أو اليقظة في مواجهة التسللات.

هذا الوضع ساهم في وضع خياران أمام الدولة السورية وحلفائها، الخيار الأول، البدء بالعملية العسكرية لتحرير إدلب في التوقيت الذي فرضته الاستفزازات الناجمة عن الاعتداءات المتصاعدة للإرهابيين والتي وصلت إلى مستوى خطير يصعب السكوت عليه والتعايش معه. الخيار الثاني، ابتداع رد يحول الاستفزازات العدوانية للإرهابيين، المدعومة من تركيا، إلى حرب استنزاف ضد الإرهابيين تجعل عامل الوقت وانتظار ساعة الصفر لبدء العملية العسكرية لتحرير إدلب قرار وخيار سورية وحلفائها وليس تحت تأثير أي عامل آخر. وقد طورت القيادة السورية وحليفها الروسي رداً يحول الاعتداءات إلى حرب استنزاف مضادة، وتمثل ذلك في الرد عبر سلاح الجو والذي يستهدف الجماعات الإرهابية في إدلب ومحيطها، ويستهدف مواقعهم ومرافقهم الحيوية، وكان أبرز تجليات هذا الرد ما حدث يوم السبت الماضي.

البناء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى