الصحافة الإسرائيلية

من الصحافة الاسرائيلية

ذكرت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم ان الأجهزة الاستخبارية الأسترالية حذرت مؤخرا الوزراء من نقل السفارة الأسترالية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وبحسب الأجهزة الاستخبارية فإن نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس قد يؤدي إلى إثارة احتجاجات قد تصل حد العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة

.

وفي وثيقة قدمتها الأجهزة الاستخبارية للوزراء الأستراليين جاء أن تغيير سياسة أستراليا في الشرق الأوسط، ونقل السفارة “سيجذب الاهتمام الدولي”، كما حذرت الأجهزة من التصويت ضد الفلسطينيين في الأمم المتحدة، وجاء في الوثيقة، التي قدمت بعد يوم واحد من إعلان رئيس الحكومة الأسترالية، سكوت موريسون، أنه يدرس الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، أن “أي تصريحات من جانب الحكومة (الأسترالية) قد تثير احتجاجات ضد مصالح أستراليا“.

يوجد اختلاف في إسرائيل بين القيادة السياسية الرسمية وبين وسائل الإعلام والخبراء في شؤون الشرق الأوسط حول تعاملهم مع قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول. فالقيادة الرسمية الإسرائيلية امتنعت عن التطرق لعملية الاغتيال البشعة، فيما استمدت وسائل الإعلام، وخاصة الصحف، الأخبار حول هذه القضية من وكالات الأنباء ونشرتها بشكل جاف، لكن المحللين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط عبروا عن خيبة أملهم من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بعد أن كانوا يكيلون المديح له، منذ تعيينه في منتصف العام الماضي، ويعتبرونه “الأمير الشاب الإصلاحي”، وصديق إسرائيل الذي اعترف “بحق اليهود في أرضهم” وتعهد بتمرير “صفقة القرن” على حساب الفلسطينيين، ويرون فيه حليفا لتل أبيب ضد إيران.

وعبر عن الموقف الإسرائيلي الرسمي إزاء اغتيال خاشقجي، ربما بشكل عفوي، وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، خلال جولته في جنوب البلاد، هدد خلالها بشن حرب ضد قطاع غزة، وفجأة تلقى سؤالا من أحد الصحافيين حول اغتيال خاشقجي، فأجاب أنه “توجد مشاكل كثيرة لدى إسرائيل، دع هذا للمجتمع الدولي“.

وبدت الأخبار المنشورة في الصحافة الإسرائيلية كأن هيئات التحرير فيها مكرهة على نشرها. فقد تحول الاغتيال إلى قضية رأي عام دولي، خاصة في الولايات المتحدة، التي كان خاشقجي ينشر بشكل دائم مقالا في أهم صحفها، في “واشنطن بوست”. وبالأمس، مثلا، نشرت صحيفة “هآرتس”، خبرا في صفحة داخلية حول تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن القتلة عملوا دون أوامر من النظام السعودي. كذلك فعلت صحيفتا “يديعوت أحرونوت” و”اسرائيل اليوم”، أما صحيفة “معاريف” فلم تنشر خبرا في نسختها المطبوعة ووجهت قراءها إلى موقعها الالكتروني. ومقارنة بتغطية شبكات التلفزيون في العالم لهذه القضية، فإن تغطيتها في قنوات التلفاز الإسرائيلية مقتضبة.

رغم ذلك، فإن قضية اغتيال خاشقجي لم تغِب عن أعمدة المحللين والخبراء في الشؤون العربية، الذي وجهوا لومهم نحو بن سلمان. لكن يبدو أن هؤلاء تغاضوا عن تمادي بن سلمان منذ تعيينه وليا للعهد، بل وقبل ذلك. فهو يحتجز والدته ويمنع والده من رؤيتها منذ سنتين. وبعد تعيينه وليا للعهد احتجز عشرات الأمراء والأثرياء، بشكل يذكّر بأساليب العصابات، بادعاء محاربة الفساد، وأرغمهم على دفع أموال بلغ مجملها نحو 100 مليار دولار، بحسب التقديرات، وليس معروفا أين استقرت هذه الأموال.

لكن المحللين والخبراء الإسرائيليين اضطروا إلى التطرق إلى سلوك بن سلمان في أعقاب اغتيال خاشقجي، ليس محبة بالأخير، وإنما لأن “الأمير الشاب الإصلاحي” بنظرهم ظهر الآن كشخص عديم المسؤولية ومتهور ومصاب بجنون العظمة ولا يردعه أي شيء.

كتبت الإعلامية والمتخصصة في الشؤون العربية، شيمريت مئير، في “يديعوت أحرونوت” عن خلفية إعجاب الإسرائيليين ببن سلمان، بأنه “أمير شاب يظهر جيدا في الصور محبوب على شبان بلده ويمثل نموذجا قياديا مختلفا”، وأشارت إلى أنه “عندما تحدث بن سلمان مع الأميركيين، وبينهم الكثير من اليهود، وحتى مع الإسرائيليين، عن الإصلاحات التي ينوي إجراءها في المملكة، عن الانقلاب الاقتصادي، عن الحرب بواسطة التربية ضد التطرف والكراهية، فقد سمعوا أمورا لم تُقل مثل حقوق الإنسان، حرية التعبير والمساواة للنساء“.

لكن مئير أضافت أنه “بنظره، اقتصاد حي يمكن أن يسير في موازاة حكم استبدادي يلائم الثقافة السياسية المحلية. ومقابل خصومه، أثرياء فاسدين وأبناء عم منافسين في القصر ونشطاء حقوق إنسان أو صحافيين نقديين مثل خاشقجي، يستخدم بن سلمان القوة بلا حدود، بهدف كسر المعارضة أو ردع آخرين. وربما طريقة العمل هذه ستنجح، أو ستحقق الهدف المعاكس، مثلما نرى هذه الأيام”، في اتهام مباشر لبن سلمان عن مقتل خاشقجي.

ورأى المحاضر في قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، البروفيسور أيال زيسر، في مقال نشرته “اسرائيل اليوم”، أنه “كان يبدو أن السعودية تحولت إلى دولة المحور التي تستند إدارة ترامب عليها لتنفيذ سياستها في الشرق الأوسط… لكن الكثيرين في الغرب تفاجأوا من ولي العهد السعودي بن سلمان، المتورط حتى عنقه بقتل الصحافي في تركيا. وهذه القضية حطمت بالكامل صورة الزعيم المتطور والمتنور… وطرحت علامات استفهام ثقيلة حيال ترجيح الرأي ومدى الحنكة لدى الرجل الذي يقود السعودية اليوم“.

ورأى محلل الشؤون الدولية في موقع “واللا” الالكتروني، أورِن نهاري، في مقال خاطب فيه بن سلمان بشكل مباشر، أنه “ليس لديك من يمكن اتهامه (بقتل خاشقجي)، فأنت وجه النظام. والسعودية هي الحالة الوحيدة التي فيها الملك يعرف أقل من ولي العهد. أنت تقود الدولة والمقرر. هكذا يؤمن العالم كله على الأقل، وهكذا أنت أقنعت الغرب، وحصلت على رصيد. وهكذا أنت تبذره. الثقة تتلاشى بسرعة، وعندما يحل انعدام الثقة مكان الثقة لا توجد طريق للعودة“.

يذكر أن المحلل السياسي الإسرائيلي بن كسبيت كان قد نقل في تشرين الأول/ نوفمبر الماضي عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إنه “نتعامل هنا مع أميرين شابين نسبيا (في إشارة إلى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد). ويُظهر بن سلمان جرأة غير مألوفة، وربما مغامرة أكثر مما ينبغي، وهو يتخذ قرارات كانت تعتبر قبل سنة أو اثنتين قرارات جنونية، ويطيح بالدبلوماسية السعودية إلى مستويات مختلفة تماما. وإنه لأمر مثير كيف سينتهي هذا الأمر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى