قمة هلسنكي: الاختراقات المستحيلة

حميدي العبدالله

لم يكن مفاجئاً أن لا تحقق قمة هلسنكي أي اختراق في جميع الملفات المطروحة باستثناء الاتفاق على مبدأ الحوار والتواصل.

عاملان حالا ويحولان دون حدوث اختراق في العلاقات الأميركية – الروسية:

العامل الأول، طبيعة الملفات التي طرحت على البحث ولاسيما قضايا أوكرانيا, وتوسع الناتو شرقاً, والملف النووي الإيراني.

معروف أن الولايات المتحدة ومعها الغرب تفرض عقوبات اقتصادية على روسيا، وتهدد واشنطن بأنها لن ترفع هذه العقوبات ما لم تُعد روسيا جزيرة القرم إلى أوكرانيا، وما لم تقبل حلاً على قاعدة هيمنة حكومة موالية للغرب على أوكرانيا كلها. بديهي أن روسيا لن تعيد القرم إلى أوكرانيا حتى لو تم التوصل إلى اتفاق حول الأزمة الأوكرانية، لأن القرم بالأساس كانت جزءاً من روسيا وتم ضمها إلى أوكرانيا عندما كانت أوكرانيا جزءاً من دولة الاتحاد السوفيتي التي تضم روسيا أيضاً. وبالتالي فإن أي اختراق في هذه المسألة يساعد على رفع العقوبات الأميركية والغربية أمر مستحيل في وقت قريب وفي هذه القمة.

قضية توسع الناتو شرقاً عملية مستمرة وأكدتها قمة الناتو التي سبقت قمة هلسنكي، وبالتالي لن يتم التراجع عن هذا التوجه الذي ترى روسيا بأنه يخالف تفاهمات عقدها الغرب سابقاً مع روسيا وتحديداً إثر انهيار الاتحاد السوفيتي وتوحيد الألمانيتين. مسألة الملف النووي الإيراني هي الأخرى قضية مستعصية ولا يمكن إحداث اختراق بشأنها فما يطلبه الرئيس ترامب لا يتعارض مع وجهة نظر الرئيس بوتين وحسب، بل وأيضاً مع وجهة نظر حكومات غربية موالية للولايات المتحدة، وبالتالي لن تقبل روسيا تقديم أي تنازل في هذه المسألة لمصلحة الرئيس الأميركي. أما القضية السورية، وهي أقل القضايا تعقيداً، فإن روسيا تطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، والولايات المتحدة تصر على إبقاء قواتها خلافاً لكل البيانات والتفاهمات التي وقعت عليها مع روسيا بشأن الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي السورية.

العامل الثاني، الذي حال دون الاختراقات, مرتبط بالمواقف والصراع الدائر داخل النخبة الأميركية الحاكمة حول الموقف من روسيا، حيث لا تزال الاتهامات توجه إلى روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية، وكان آخر هذه الاتهامات توجيه إدانة لـ 12 ضابطاً في المخابرات العسكرية الروسية، ووضع هذا الاتهام في إطار نسف قمة هلسنكي والحؤول دون توصلها إلى أي تفاهمات مشتركة.

في ضوء ما تقدم لم يكن مفاجئاً أن لا ينتج عن القمة أي شيء يوحي بعودة التعاون بين روسيا والولايات المتحدة حول هذه القضايا المطروحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى