ماذا بعد تعثر «جنيف 8»؟: حميدي العبدالله

بات واضحاً أنّ «جنيف 8» لم يحقق أيّ تقدّم على الإطلاق، ولا تستحق هذه الجولة عناء سفر الوفود والكلفة المترتبة على ذلك. وربّ قائل إنّ المبعوث الدولي إلى سورية كان قد أعلن منذ البداية وقبل وصول الوفود، وحتى قبل انعقاد اجتماع «الرياض ـ 2» عن أنّ الجولة الجديدة من «جنيف 8» ستكون على مرحلتين، ولكن لم يكن متوقعاً أن تكون نتائج المرحلة الأولى على هذا المستوى من السوء

.

لم تكن هذه النتيجة مفاجئةً لأحد في ضوء عاملين أساسيين، الأول، إعلان الولايات المتحدة أنها سوف تبقي القوات التي دخلت إلى سورية لمحاربة داعش إلى حين نجاح جنيف، وتربط واشنطن نجاح جنيف بمجموعة من الشروط، منها ما هو قابل للتراجع عنه، مثل دور الرئيس بشار الأسد، ومنها ما تسعى للوصول إليه حتى لو اقتضى الأمر تطبيق سياسة حافة الهاوية، مثل طلبها، وهو طلب إسرائيلي بالأساس، انسحاب قوات حزب الله والقوات الإيرانية من سورية، أو على الأقلّ مرابطتها في مناطق بعيدة عن خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتلّ. العامل الثاني، وكان تعبيراً عن العامل الأول، البيان الصادر عن اجتماع «الرياض ـ 2» الذي تمسك بشروط للحلّ السياسي عفى عليها الزمن وتجاوزتها الأحداث الميدانية والتحوّلات الإقليمية والدولية.

إذا كان تعثر «جنيف 8» بات واضحاً، فالسؤال الأهمّ ماذا بعد هذا التعثر؟

هناك ثلاثة مسارات محتملة: المسار الأول، أن يصرّ المبعوث الدولي على عقد الجولة الثانية من «جنيف 8» وفق أسس الجولة الأولى، وبالتالي تكريس فشل «جنيف 8» مثل الجولات السبع السابقة. المسار الثاني، أن لا تتمّ العودة إلى جولة جديدة إلى ما بعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة، بانتظار ما يحدث من تطورات سياسية وميدانية خلال هذه الفترة ويبنى على الشيء مقتضاه.

المسار الثالث، أن تتمّ إعادة النظر بمقاربة وفد المعارضة السياسية للتسوية والتخلي عن البيان الصادر عن اجتماع «الرياض ـ 2» كي يتسنّى عقد لقاءات مباشرة بين وفد الجمهورية العربية السورية، ووفد المعارضة.

حتى هذه اللحظة يبدو أنّ المسار الأول هو المسار المرجح، أيّ إصرار المبعوث الدولي على عقد الجولة الثانية من «جنيف 8» في الإطار السياسي الذي عقدت فيه الجولة الأولى، وإجراء محادثات منفصلة مع الوفود للإيحاء بأنّ مسار جنيف مستمرّ انتظاراً للتطورات الميدانية والسياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى