شؤون لبنانية

شاتيلا: كاريكتور الشرق الأوسط نتاج للسياسة السعودية الخاطئة في لبنان

رأى رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا أن الكاريكتور الذي نشر في جريدة الشرق الأوسط السعودية والذي تضمن إساءة لكل لبنان واللبنانيين هو نتاج السياسة السعودية الخاطئة في لبنان التي بدأت مع وقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، مشدداً على أن حديث المسؤولين السعوديين عن سيطرة حزب الله على لبنان يفتقد للدقة وتدحضه الوقائع، فالشعب اللبناني يرفض سيطرة أي طرف أو حزب على الحكم في لبنان ، داعياً لتصحيح العلاقة بين لبنان والسعودية وإقالة رئيس تحرير الشرق الأوسط.    

وقال شاتيلا في بيان له: إن عروبة لبنان منذ الكنعانيين مروراً بالفتح العربي الاسلامي عام 635م وصولاً الى يومنا هذا هي عروبة متجذرة في الارض والشعب والتوجهات، وكل الحملات والغزوات التي تعرض لها لبنان لم تستطع ضرب هويته العربية، وكان للنخب اللبنانية  دور كبير في تكريس هذه العروبة، وكانوا من أهم دعاة العروبة الجامعة، ولم تستطع موجات التتريك ولا الانتداب الفرنسي طمس هوية لبنان التي ترتكز على وطنية لبنانية متكاملة مع العروبة الجامعة.

وأضاف: يعرف أحرار العرب والمتابعون لمواقفنا منذ خمسين عاماً اننا نشكّل القاعدة الاساسية للوطنيين العروبيين المتسقلين في لبنان وكل محاولات ضربنا ونفينا وحصارنا اقليمياً ودولياً لم تؤثر سلباً في توجهاتنا ولم تؤثر سلباً على حرصنا الدائم لاقامة افضل العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي وبقينا الى ما شاء الله مستقلو القرار نصادق ولا نتبع أحداً. ومن منطلق حرصنا على علاقات لبنانية – سعودية محترمة، استنكرنا الاعتداء على السفارة السعودية في ايران وطالبنا دائماً باحترام حصانة السفارات في لبنان وغيره من الدول. وقد فوجئنا كما فوجىء الرأي العام بمعاقبة المملكة العربية السعودية لكل لبنان عبر قرار وقف دعم الجيش اللبناني وبتهديد اقتصاده دون ان يكون لبنان مسؤولاً عن انتقادات حزب او صحافة او فئة للسعودية. وفي هذا الاجراء ظلم كبير للبنان والحجة الدائمة ان حزب الله يسيطر على لبنان وعلى جيشه وسياسته.

لسنا محامين لاحد، نحن ندافع عن الحق والحقيقة بكل شجاعة ونقول: نحن بلد لا زالت اسرائيل تحتل جزءاً من أراضيه في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ونحتاج القوة لمقاومة مشروع اسرائيل الاحتلالي والتقسيمي. لذلك فإن المقاومة اللبنانية ضرورة وطنية وهي تتكامل مع الجيش اللبناني بصرف النظر عن تباينات سياسية بين الفرقاء اللبنانيين بما فيهم حزب الله.

ان على المسؤولين السعوديين عن الملف اللبناني مراجعة مواقفهم حول لبنان من حيث واقعه وخصائصه ودستوره الذي يتضمن حرية العقيدة والحريات العامة وقد كان للسعودية دوراً مميزاً في انجاز دستور الطائف هذا عام 1989.

اما من حيث قولكم ان حزب الله يسيطر على لبنان فهذا طرح تنقصه الدقة وتدحصه الوقائع ومنها:

1 – ان الطرف الاساسي المسيطر على الإقتصاد اللبناني كان ولا يزال حزب المستقبل ويشرف مباشرة على اهم جهاز امني لبناني، وله علاقاته الواضحة مع الجيش وله موظفوه الذين يحتكرون كل مواقع الطائفة السنية في الدولة. وحزب المستقبل الذي يعبيء قواعده بعصبية مذهبية للتغطية على فشله وحمايته للفساد متوافق مع حزب الله منذ الاتفاق الرباعي عام 2005 مروراً بإتفاق الدوحة، وصولاً للانتخابات البلدية والنيابية.

2- ان حركة امل لها تواجدها في الدولة اكثر من تواجد حزب الله وكذلك في تشكيل الحكومات.

3- ان لبنان لم ولن يخضع لسيطرة طائفة او مذهب او حركة او فئة خاصة بعد فشل المارونية السياسية وما خلفته هذه الحقبة من مآسي للمسيحيين والمسلمين على السواء.

4- ان من يعطل انتخابات الرئاسة عدم وجود اغلبية لمرشح من الكتل النيابية، لذلك طرحنا انتخاب الرئيس من الشعب وهذا الأمر يرفضه “المستقبل“.

5- بعد توحيد الجيش اللبناني عام 1990 وابعاده عن السياسة فهو من كل المحافظات واثبت بالممارسة انه مستقل وغير تابع لاي جهة سياسية، وقد اصطدم الجيش باطراف عديدة من اركان الطبقة الحاكمة وواجه الصهاينة، وهو يتصدى للارهاب الذي يشكل خطراً على كل لبنان وعلى كل العرب ومنهم السعودية.

6- ان واقع لبنان الآن لا يحكمه حزب او تيار او شخصية فالطبقة الحاكمة مشكلة من كل الاطياف ولحزب المستقبل – صديق السعودية-  اهم الوزارات كوزارتي الداخلية والعدل وغيرهما.

7- ان شعبنا بعد تجاربه المريرة لم ولن يقبل جود اي مليشيا داخلية او توظيف السلاح لشؤون داخلية، ونعرف ان حزب الله لن يوظف سلاحه اللبناني الاّ بوجه العدو الاسرائيلي.

انطلاقاً من هذه الواقع، نسأل المسؤولين السعوديين عن الملف اللبناني وخاصة بعد توضيحات السفير السعودي في لبنان، بأي نقطة يأتي كاريكاتير جريدة الشرق الاوسط؟؟ و أي هدف يخدم القول بأن  لبنان كذبة ؟! خاصة إذا ما إستذكرنا ما قاله كل من هنري كيسنجر وشمعون بيريز وأرييل شارون خلال اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982. فالاول إعتبر ان لبنان غلطة تاريخية والثاني رأى انه غلطة جغرافية فيما إعتبر الثالث أن لبنان دولة لا لزوم لها وطرح تقاسمه بين اسرائيل وسوريا.

ان لبنان وبرغم مصائبه المتتالية اخترع الحرف واستند الى حضارة عميقة وكان حديثاً مستشفى ومدرسة وجامعة العرب وكان له الشرف بتحرير معظم ارضه من العدو الصهيوني بالمقاومة المستندة الى أروع وحدة وطنية.

ومع استنكارنا للاعتداء العبثي على مكتب جريدة الشرق الاوسط، الاّ ان الاعلام السعودي عموماً يعادي تيار العروبة والايمان في لبنان، ويعادي الوطنيين العروبيين المستقلين ويطمس مواقفهم ويبرز التقسيميين. وفي الحرب اعتبر الاعلام السعودي ان المسلمين شيوعيين واليوم يعتبرهم ايرانيين ولا نعلم ماذا يكون الاتهام لاحقاًُ، علما أن لتركيا جمعيات في لبنان أفلا يخشى الاعلام السعودي على لبنان من التتريك!

ان وضع هذا الكاريكتور ليس صدفة لانه جزء من سياسة خاطئة بحق لبنان، وهو إهانة لكل لبنان لا تصحح بتوضيح. فاذا كان هناك حديث رسمي سعودي طيب عن لبنان، فإن ذلك لا يكفي، بل المطلوب اقالة رئيس تحرير الشرق الاوسط واعادة النظر بالسياسة السعودية حيال لبنان.

وختم شاتيلا: ان معظم شعب لبنان يثمن وقوف السعودية الى جانبه، فالوفاء العربي يحتم هذا التقدير. لكن احرار لبنان ليسوا عبيداً إلا لله عز وجل، ويفتخرون بانتمائهم الى لبنان الحر العربي المستقل ولا يقبلون بأي حال من الاحوال الاساءة من اي طرف كان. نحن مع تصحيح العلاقة اللبنانية – السعودية على اساس الاحترام المتبادل واحترام خصائص كل طرف ومكوناته، وعلى المسؤولين السعوديين ان يسألوا حزب المستقبل الذي ادار الحكم اكثر من عشرين عاماً ماذا فعل لتطبيق اتفاق الطائف العربي، وماذا انجز لطائفته اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وصحياً، وماذا فعل وانجز من مشاريع لبنانية فهل الانصاف يستدعي دعم واسع للقوات اللبنانية صاحبة مشروع الفدرالية والابتعاد عن الدور السعودي التقليدي الذي كان يلتزم دائماً الوفاق بين اللبنانيين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى