ألف باء بقلم فاطمة طفيلي

عندما يصبح التصدير حلا…

Zokak El Balat

فاطمة طفيلي

تخطت أزمة النفايات في لبنان المعقول لجهة التخبط في نظريات الحل والهرب من تعقيدات الواقع الى حلول لا تجد لها طريقا إلى التنفيذ، ليبقى المواطن المغلوب على أمره والغارق في ضروب شتى من التعقيدات التي توجت في نهاية المطاف بالغرق في نفاياته وسمومها أسير التردي الحاصل على كل المستويات وضحية الاولويات المقلوبة كما درجت العادة، بعدما تحولت نعمة الأمطار الى نقمة بمفاعيلها الجارفة.

خطط ومشاريع لا تعدّ ولا تحصى لم يحظ أي منها بمرتبة القبول أو شرف الاعتماد، والأسباب كما هي الحال في كل ما يواجهنا من استحقاقات، تنقضي آجالها في الدرس والتمحيص، ومشاورات ونقاشات لا تنتهي إلى أكثر من بيانات وتصاريح حول وجهات نظر متطابقة لا تؤسس إلا لمزيد من الفرقة والانقسام. هي حكاية إبريق الزيت تتكرر عند كل مشكلة في بلد ضاقت به الآفاق ولم يعد قادرا على استيعاب كل هذا الكم من المشاكل والأزمات المتفاقمة.

هكذا هي الحال عندما تصبح أولوياتنا أو بالأحرى أولويات مسؤولينا وأولي الأمر محصورة بفلسفة الهرب من المسؤولية أمام العجز المتنامي في بلد ضاق بأهله الى حد الاختناق، وفي تاريخه أنه الأهم في التواصل مع العالم الخارجي والاطلاع على حضارات العالم أجمع والمساهمة بتطورها، لكن الاتجاه دائما واحد نحو اللاعودة.

لبنان البلد الأول في التصدير والاستيراد، حقيقة تترسخ في وطن غزا العالم بما صدره من قدرات بشرية وعقول خلاقة ومواهب مبدعة، فيما لا يزال يفتح باب الاستيراد على الغارب وأي استيراد!.

المخترعون والناجحون والمبدعون حصرا في قائمة التصدير، حتى مع فتح باب الهجرة يبقى المعيار ذاته في التعامل مع اللبنانيين الهاربين من معاناتهم ومصائرهم القاتمة، نصدر المنتجين ونستورد نتاجاتهم مع كامل رسوم وضرائب الاستيراد، نصدر النوابغ المجلين في الطب، في وقت يفتك المرض بابنائنا الذين يموتون على أعتباب المستشفيات… واللائحة تطول لتبقى الخيبة والحسرة لمن صدّروا الحرف نورا الى العالم ووقفوا عاجزين أمام العتمة تغزو مدارسهم وجامعاتهم.

استيراد مفتوح وتصدير مشروط بمواصفات الجودة والصلاحية، هي حالنا اليوم، كيف لا ونفاياتنا التي عجزنا عن التعامل معها الى درجة الأزمة المستعصية، تُردُّ الينا، وترفض عروض تصديرها، ولا تنفع في ذلك ادعاءات التضامن والمساعدة والحرص على لبنان الوطن والدولة، أم تراها الضريبة الضامنة لبقائنا في أحضان الغيارى المفترضين على مصالحنا المزعومة؟!.

واقع مزر ومصير أسود بالتأكيد، لكن بإمكاننا تغييره عندما نصبح قادرين على قول اللا او النعم في الزمان المكان المناسبين، وبما يتفق مع مصالحنا وحاجاتنا وتطلعاتنا المستقبلية، وعندما نقتنع بأننا الأقدر على الفعل بالتضامن والتفاعل وبالنوايا الصادقة للتلاقي، وعندما نجتمع على القوانين الراعية لحياتنا بعيدا عن المصالح الخاصة أيا كان نوعها، عندها فقط سنجد الحلول لمشاكلنا كافة، بما فيها أزمة النفايات، وسنتمكن من فرض شروطنا في الاستيراد والتصدير، فنستعيد ما صدرنا من عقول وأدمغة ونعيد ما استوردناه من نفايات العام وأوساخه، فهل نفعل؟!.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى