ألف باء بقلم فاطمة طفيلي

إنه زمن الانتصار

tamooz

فاطمة طفيلي

كثيرة هي الاقاويل والتعليقات التي تتناول أهم إنجاز في تاريخ لبنان والبلدان العربية قاطبة، لا بل العالم أجمع على العدو الاخطر في تاريخنا، بعدما ثبت بالوقائع والأدلة الدامغة أنه كيان عنصري ليس في قاموسه أثر لمختلف ايا كانت ديانته، وهو لا يتوقف عن حياكة مشاريع السيطرة والتفتيت والتربّص الدائم لاقتناص الفرص للانقضاض والفتك بكل ما يخالفه أو يشكل نقيضا لمشاريعه الاستعمارية الهدّامة.

تتعدد العناوين وتتغير الوجوه، وفي المحصلة تتكرّس الإفادة من كل ما يجري من أحداث قتل وتدمير ممنهج لصالح هذا الكيان الغاصب، الذي يطل مباشرة أو عبر وسطاء ممن احترفوا الجريمة واعتاشوا عليها. وفيما المطلوب أن يعي الغالفون ممن أطلقوا، وما يزالون، أوصاف المغالاة والتطرف والتهور بحق المقاومة ومناضليها منذ انطلاقتها الى اليوم، تراهم يضيفون اليها اليوم تهمة تخطي الحدود، ويواصلون النقر على الاوتار ذاتها، بعدما خرجت مواويلهم من دائرة المداراة والكتمان الى الإعلان الفاجر عن ضيقهم من خطاب المقاومة وما يصفونه تهكما وسخرية بالممانعة، وانكشفت مشاريع التعاون المتخاذل مع عدو يعتبرهم مجرد أدوات في مشاريعه العدوانية، وفي ما يجري تحت أعينهم من تنكيل بالشعب الفلسطيني وانتهاك وتهديد للمقدسات، مع ما يوازية من إعلانات متواترة عن إمارات الجهل الممهورة بفتاوى الردة والضلال، تحت ستار ما يسمونه الإسلام وهو منهم براء، أدلة كافية علي بهتان ما يدّعون، وما هم فيه ضالعون.

لم يعفِ المقاومة والمقاومين من الاستهداف ما سطّروه من انتصارات ناجزة باعتراف العدو نفسه، أو على الاقل بما تكرس من استقرار في مناطق كانت على مدى سنوات رهينة القهر والظلم والاستهداف اليومي بأرواح أهلها وأرزاقهم، وفي أدنى تفاصيل يومياتهم. سنوات المعاناة وقصصها الاقرب الى الخيال لا يُسأل عنها من كانوا ينعمون بالامن والامان في مناطق نسيت أو تناست ان في لبنان قرى ومدنا تعيش رعب الخطر اليومي قتلا وتدميرا وتهجيرا، إلى أن بلغ العدوان حدَّه الاقصى بدخوله بيروت أول عاصمة عربية بعد القدس المغتصبة، عندها خفتت الخطب الناقدة ولم تتغير، وأصبح العمل يجري وفق المقولة الشهيرة “واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”، كتمان انكشف سريعا، ولا سيما ان للحق صولات وجولات لا تلغيها جولة الباطل مهما طال أمدها، وإن اجتمعت حولها دول العالم قاطبة بحلتها الجديدة، وحقنا في ارضنا واضح وأكيد لا لبس فيه، وخلاصة التجارب تؤكد ان المقاومة هي العنوان والطريق.

لم تنجح كل محاولات استهداف المقاومة وإضعافها، وذهب الحلم الذي راود، وما يزال، الكثيرين بإزالتها أدراج الرياج. فقد بزغ فجر التحرير عام 2000 وتحقق الانتصار المدوي عام 2006 بالشراكة بين الشعب والجيش والمقاومة، ليستمر وهجه ساطعا في ليل الظلمات الحالكة التي تعصف بالمنطقة…

تسع سنوات على الانتصار، وها هي المقاومة تعلنها اليوم مدوية من المكان الذي ذاق فيه العدو مرارة الهزيمة وانكسار الجبروت، من وادي الحجير مقلع القادة والابطال ومقبرة الميركافا، من هنا سنكمل الطريق، من حيث كان الدرس الأبلغ في سجل مقاومة الغزاة: وجهتنا الانتصار، وفي قاموسنا الكثير من العبر والدروس، وكذلك المفاجأت.

وفي الذكرى التاسعة للانتصار سيتكرر الوعد بالنصر من وادي الحجير – السلوقي، وسيصدح قائد المقاومة من أرض العزة والكرامة “نصركم دائم”، ليعيد الوادي والمحتشدون فيه الصدى: قسما على العهد باقون ومعك الى الخاتمة السعيدة ماضون.  

وبعد… هي الأرض عنيدة تأبى الخضوع، وأهلها مؤمنون أشداء لا ينامون على ضيم، أيا كانت المخاطر والتحديات، وهو وادي الحجير يحيي أعراس النصر ويرنّم أنشودة الابطال، أمثولة حياة تتجدد في كنف المقاومين، وتنمو ببركة دماء الشهداء جيلا بعد جيل، ليعيشها أبناء المنطقة، متحدَّين إرهاب العدو، وترويها ضحكات الأطفال، وقد استعادوا فرح الحلم بالغد الآتي في زمن الانتصار.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى